كيف صفعت نواكشط جبهة الانفصال ونظام العسكر؟

في خطوة تؤكد مجدداً تورط النظام الجزائري في دعم الميليشيات الانفصالية وتهديد أمن واستقرار المنطقة، لم تمض ساعات قليلة على الموقف الصريح والحازم الذي عبّرت عنه موريتانيا بخصوص إغلاق منطقة “لبريكة” الحدودية مع الجزائر، حتى تحرك وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف بشكل مستعجل لعقد لقاء مع نظيره الموريتاني محمد سالم ولد مرزوك على هامش اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول.
التحرك الجزائري المفاجئ يأتي في وقت بدأت فيه نواكشوط تنفض يدها عن لعبة البوليساريو العبثية، معلنة بوضوح – عبر وزير الثقافة والناطق الرسمي باسم الحكومة الحسين ولد مدو – أن قرار إغلاق المعبر الحدودي هو شأن سيادي يندرج ضمن جهود الدولة لتأمين حدودها ومراقبة التحركات المشبوهة، في إشارة ضمنية إلى ميليشيات الجبهة الانفصالية التي ظلت تستعمل هذا المنفذ في تحركاتها التخريبية.
ورغم عدم الكشف رسمياً عن تفاصيل اللقاء الذي جمع الوزيرين، فإن كل المؤشرات تؤكد أن الجزائر، التي تدرك جيداً أنها تخسر أوراقها الواحدة تلو الأخرى في ملف الصحراء المغربية، تسعى بكل الوسائل للضغط على موريتانيا والتأثير على قرارها السيادي الذي أصاب البوليساريو في مقتل، بعدما حرمها من شريان حيوي كانت تستعمله لتسلل عناصرها وتسهيل عملياتها العدائية شرق الجدار الأمني المغربي.
وتكشف هذه التحركات بوضوح الوجه الحقيقي للدور الجزائري في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، ليس فقط كطرف داعم بل كطرف محرك للميليشيات ومصرّ على تأزيم الأوضاع وإرباك الأمن الإقليمي، حتى ولو كان ذلك على حساب استقرار الجوار. الجزائر لا تقبل بمواقف مستقلة، وتضيق ذرعاً بأي قرار سيادي لا يخدم أجندتها، وهذا ما توضحه محاولاتها المستميتة للي ذراع نواكشوط في وقت تدرك فيه أن الموقف الموريتاني الجديد قد يمثل بداية تراجع إقليمي عن سياسة غض الطرف عن تحركات الجبهة الانفصالية.
إن هذا الموقف الموريتاني المتمسك بأمنه الوطني هو في الحقيقة صفعة مزدوجة للبوليساريو ولصانعتها الجزائر، التي وجدت نفسها في مأزق دبلوماسي جديد، واضطرت إلى التحرك على عجل في محاولة يائسة لإنقاذ ميليشيا فقدت الكثير من نفوذها في المنطقة، وباتت تتلقى الضربات من الداخل والخارج.