صادق المؤتمر الوطني الثاني عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المنعقد ببوزنيقة من 17 إلى 19 أكتوبر 2025، على ملتمس يتيح تمديد ولاية الكاتب الأول إدريس لشكر لولاية رابعة، بعد تعديل قانوني تم اعتماده بشكل رسمي خلال الجلسة العامة للمؤتمر.
وجاء القرار استنادا إلى المادة 217 من النظام الأساسي، التي تم تعديلها للسماح بالتمديد الاستثنائي للقيادات في حال اقتضت المصلحة العليا للحزب ذلك، على أن يُفعل الإجراء وفق الشروط المحددة في المادة 12 من القانون الداخلي.
نصّ النظام الأساسي في مادته 217 على إمكانية التمديد الاستثنائي لولايات الأجهزة التي استوفت عدد الانتدابات المسموح بها، وذلك استجابة لما قد تقتضيه المصلحة العليا للهيئة، شريطة أن يتم هذا التمديد وفق شروط وكيفيات يحددها القانون الداخلي.
وفي السياق ذاته، أوضح القانون الداخلي في مادته 12 أن الهيئات التنظيمية الوطنية والجهوية والفرعية المنتخبة تخضع لحد أقصى من ثلاث انتدابات متتالية، غير أن القانون يتيح، استثناءً، إمكانية تمديد ولاية الجهاز المنتهي انتدابه.
ويشترط هذا التمديد عرض ملتمس في الموضوع على أنظار المؤتمر الوطني، مع ضرورة مصادقة أغلبية الأعضاء الحاضرين أثناء التصويت. ويمكن أن يُقدَّم هذا الملتمس من طرف اللجنة التحضيرية أو الهيئة التقريرية بعد حصوله على مصادقة الأغلبية المطلقة من أعضائها الحاضرين، كما يمكن أن يُقدَّم أيضا بناء على طلب موقع من ثلث المؤتمرين، يُرفع إلى رئاسة المؤتمر.
وفي حال صادق المؤتمر على الملتمس بواسطة التصويت العلني وبأغلبية الحاضرين، يتم اعتماد تمديد ولاية المكتب تلقائيا لمدة انتدابية جديدة بين مؤتمرين. أما إذا لم يحظ الملتمس سوى بمصادقة الأغلبية المطلقة، فإن الشخص المعني بالتمديد يُعتبر مؤهلا تلقائيا للترشح لولاية جديدة.
وتأتي هذه المقتضيات حسب المبررات التي قدمتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الثاني عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي، لتوفير مرونة تنظيمية في تدبير الاستمرارية داخل الأجهزة، مع الحرص على احترام المبادئ الديمقراطية وآليات التصويت والمساءلة داخل الهيئات المنتخبة
وحظي المقترح، الذي تقدمت به اللجنة التحضيرية للمؤتمر، بمصادقة أغلبية المؤتمرين، مقابل معارضة محدودة لم تتجاوز 26 صوتاً، ليصبح إدريس لشكر مرشحاً وحيداً لقيادة الحزب لولاية جديدة تمتد إلى سنة 2029.
بررت اللجنة التحضيرية مقترح التمديد بـ”ضرورة الحفاظ على استمرارية القيادة التنظيمية” و”تأمين مرحلة انتقالية مستقرة” داخل الحزب، معتبرة أن الظروف السياسية الراهنة تتطلب قيادة خبيرة ومتمرسة قادرة على تدبير التحديات المرتبطة بالتحالفات الانتخابية والاستحقاقات المقبلة.
كما أكدت الوثيقة المقدمة للمؤتمر أن القواعد التنظيمية والهيئات الجهوية والقطاعية عبّرت عن رغبة واسعة في استمرار لشكر على رأس الحزب، تقديراً لما وصفته بـ”المسار التصاعدي” الذي عرفه الحزب في ولاياته الثلاث السابقة.
ورغم التصويت بالأغلبية، فإن القرار أثار انقساما داخل بعض الأوساط الاتحادية، حيث اعتبر تيار مناضلين أن التمديد “يمسّ مبدأ التداول الديمقراطي” المنصوص عليه في الأدبيات الاتحادية، ويكرّس ما وصفوه بـ”القيادة الأبدية”.
في المقابل، دافع أنصار لشكر عن القرار معتبرين أنه يستجيب لمرحلة دقيقة تتطلب الانسجام والاستمرارية، لا سيما في سياق التحولات السياسية الوطنية وتوازنات المعارضة داخل البرلمان.
ويأتي تمديد ولاية إدريس لشكر في وقت يشهد فيه المشهد الحزبي المغربي تحولات داخل عدد من التنظيمات السياسية الكبرى، حيث تمت خلال الأشهر الأخيرة المصادقة على تعديلات داخلية مشابهة في أحزاب أخرى، تسمح بالتمديد أو إعادة الترشح للقيادات القائمة، تحت مبرر الحفاظ على الاستقرار التنظيمي.
ويرى مراقبون أن الخطوة تعكس تحولاً في ثقافة الممارسة الحزبية نحو “مرونة مؤسسية” تسمح بتأجيل التداول في القيادة مقابل ضمان الاستمرارية، فيما يرى آخرون أن ذلك يهدد مبدأ الديمقراطية الداخلية ويضعف آليات تجديد النخب.
جدد المؤتمر الوطني الثاني عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في وقت متأخر من ليلة الجمعة إلى السبت، الثقة في إدريس لشكر كاتبا أول للحزب لولاية رابعة.
وحاز لشكر على تأييد واسع من المؤتمرين، حيث صوت لصالحه 1611 عضوا وعضوة، مقابل معارضة 26 فقط، ما يعكس تفويضا واضحا لاستمراره في قيادة الحزب خلال المرحلة المقبلة.