أزمة الأصالة والمعاصرة تسائل نجاعة القيادة الجماعية في الأحزاب المغربية

 

أثارت الأزمة الداخلية الحادة التي يشهدها حزب الأصالة والمعاصرة، ثاني أكبر قوة سياسية في المغرب، تساؤلات جدية حول مدى نجاح تجربة القيادة الجماعية في الأحزاب السياسية المغربية.

هذا النوع من القيادة الحزبية غير المسبوق، وبحسب تصريحات لمحمد مهدي بنسعيد، عضو القيادة الجماعية جاء باقتراح من زميلته بالحزب فاطمة الزهراء المنصوري.

وأكد بنسعيد أثناء استضافته في برنامج نقطة إلى السطر على القناة الأولى في 20 فبراير الماضي، أن كثيرين في الحزب لم يفهموا مقترح المنصوري، فيما لم يتقبله آخرون، مضيفا أن “الأغلبية وافقت على المقترح، لأن حركة لكل الديمقراطيين التي أسست لقيام الحزب في 2007 كانت سباقة في هذا الجانب باختيارها قيادة ثلاثية.

وقال بنسعيد إن فكرة القيادة الجماعية جاءت لتجيب عن إشكالية تنازع الأشخاص، ولتجاوز مظاهر الشخصنة والشعبوية في المشهد السياسي.

الصراع الأخير بين أعضاء القيادة الجماعية للحزب، وتحديداً بين صلاح الدين أبو الغالي وفاطمة الزهراء المنصوري، كشف عن خلافات عميقة في الرؤى وأساليب إدارة الحزب.

واتهم أبو الغالي المنصوري بممارسة “سلوك تحكمي استبدادي” وإهمال الإصلاحات الداخلية التي أقرها المؤتمر الوطني للحزب.

هذه الأزمة تسلط الضوء على التحديات التي تواجه نموذج القيادة الجماعية، والذي تم تبنيه من قبل البام كبديل للقيادة الفردية التقليدية.

فبينما كان الهدف من هذا النموذج هو تعزيز الديمقراطية الداخلية وتوزيع السلطة، يبدو أنه قد يؤدي إلى صراعات داخلية وعدم وضوح في صنع القرار.

ومن جانب آخر، يشير رد فعل المكتب السياسي للحزب، الذي قرر تجميد عضوية أبو الغالي، إلى وجود آليات داخلية لحل النزاعات. لكن هذا القرار بحد ذاته أثار جدلاً حول صلاحيات الهيئات الحزبية المختلفة وحدود سلطاتها.

إن هذه الأزمة، التي تأتي قبل سنتين من الاستحقاقات الانتخابية القادمة، تطرح تساؤلات حول قدرة الأحزاب المغربية على إدارة خلافاتها الداخلية بشكل فعال وشفاف.

كما تثير مخاوف من تأثير هذه الصراعات على أداء الأحزاب ودورها في الحياة السياسية الوطنية.

وفي حين أنه من السابق لأوانه الحكم بفشل نموذج القيادة الجماعية بشكل قاطع، فإن هذه الأزمة تشير إلى ضرورة إعادة تقييم هذه التجربة وتطوير آليات أكثر فعالية لضمان التوازن بين المشاركة الديمقراطية في صنع القرار وتماسك القيادة الحزبية والدفع إلى تخليق الحياة السياسية وسط عزوف فئات عريضة خاصة الشباب عن الممارسة السياسية.

ختاماً، تؤكد هذه الأحداث على أهمية استمرار الأحزاب السياسية المغربية في العمل على ترسيخ الممارسة الديمقراطية داخل هياكلها التنظيمية، وتطوير آليات فعالة لإدارة الخلافات الداخلية، بما يعزز دورها في تطوير المشهد السياسي المغربي ككل.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *