تشهد الساحة السياسية المغربية نقاشا محتشما يسبق الانتخابات المقبلة، وهو ما يثير التساؤلات حول طبيعة هذا الهدوء: هل هو استراتيجية واعية أم ارتباك يكشف حدود العمل الحزبي؟
في هذا السياق يؤكد الخبير في العلوم السياسية خالد النشطاوي، في تصريح خص به بلبريس، أن الدستور حدد للأحزاب مهمة أساسية تتمثل في تأطير المواطنين، غير أن هذا التأطير يفترض أن يكون متعدّد الأبعاد، وليس مجرد تواصل أحادي الاتجاه مع القواعد.
ويشير النشطاوي إلى أن النقاش السياسي المرتبط بالانتخابات تحرّك أساسا بعد دعوة الملك إلى فتح ورش تعديل القوانين الانتخابية، وليس بمبادرة ذاتية من التنظيمات الحزبية.
وتطرح هذه المعطيات وفق المتحدث، إشكالية مركزية تتعلق بمدى قدرة الأحزاب على استباق التحولات السياسية والاجتماعية، إذ يرى المتحدث أن النقاشات الحزبية، وإن وُجدت، تبقى محصورة في دوائر ضيقة، مثل الأمانات العامة أو الهيئات القيادية، ولا تصل إلى القواعد المناضلة أو المجتمع الأوسع، وهو ما يكرس صورة أحزاب ذات طابع انتخابي صرف، تفتقد إلى امتدادات اجتماعية فاعلة.
ويبرز النشطاوي أن النقاش الجاري اليوم يتناول قضايا تقنية بالأساس، مثل نمط الاقتراع، وضمانات المنظومة القانونية، وطبيعة الدوائر الانتخابية، ومدى تعزيز البعد الجهوي، لكنه يظل في معظمه نخبويا، لا يلامس اهتمامات الشارع ولا ينفتح على نقاش عمومي واسع.
هذا الوضع يعكس، حسب المتحدث، غياب انسجام بين الدور الدستوري المنوط بالأحزاب في تأطير المواطنين، وبين أدائها الفعلي الذي يظل مرتبطا بالمناسبات السياسية الكبرى، أكثر مما هو متجذر في العمل اليومي وسط المجتمع.
وهو ما يعزز الانطباع بوجود أزمة في الامتداد الاجتماعي، ويغذي فكرة أن الممارسة الحزبية في المغرب ما زالت محصورة في حدود الاستحقاقات الانتخابية.
في المحصلة، يبقى سؤال المرحلة قائما: هل اختيار الأحزاب لنهج الهدوء هو جزء من استراتيجية مدروسة بانتظار اللحظة الانتخابية، أم أنه انعكاس لارتباك أعمق يعكس ضعف القدرة على صناعة النقاش العمومي المستمر؟