أزمة تهز ’البام’’.. أبو الغالي يصف تجميد عضويته بالسلوك ”الأرعن”ويكشف تفاصيل مثيرة

كشف بيان احتجاجي صادر عن صلاح الدين أبو الغالي، عضو القيادة الجماعية للأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة المغربي، عن أزمة داخلية حادة تعصف بالحزب.

واتهم أبو الغالي، في رد قوي على تجميد عضويته، زميلته فاطمة الزهراء المنصوري بممارسة “سلوك تحكمي استبدادي” في إدارة شؤون الحزب، مما يثير  جدلاً واسعاً حول الحوكمة الداخلية لثاني أكبر قوة سياسية في المملكة.

وقال أبو الغالي في بيان صدر عنه في الساعات الأولى من اليوم الأربعاء، ووصل بلبريس نسخة منه، إنه تفاجأ لحد الصدمة والذهول، بالسلوك التحكمي الاستبدادي، لعضوة القيادة الجماعية للأمانة العامة، السيدة فاطمة الزهراء المنصوري، التي أضحى تدبيرها التنظيمي والسياسي وكأن حزب الأصالة والمعاصرة ضيعة خاصة تتصرّف فيها حسب الأهواء، بعيدا عن القيم النبيلة التي آمنا بها، والتي شدّد عليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، في برقية التهنئة باختتام المؤتمر الوطني الخامس للحزب…

وسرد عضو القيادة الجماعية للبام أصل الأزمة قائلا: اليوم،(في إشارة الى الثلاثاء 10 شتنبر 2024) تلقيت رسالة نصية من السيدة المنصوري تطلب مني فيها الحضور للقاء معها بالمقر المركزي لحزب الأصالة والمعاصرة ساعة قبل بدء اجتماع المكتب السياسي.

ليضيف: حضرت في الوقت المحدد على الساعة الخامسة عصرا، فوجدت برفقة فاطمة الزهراء المنصوري، عضو القيادة الجماعية المهدي بنسعيد، وسمير كوادر رئيس جهة مراكش تانسيفت الحوز، أحمد التويزي رئيس الفريق والبرلماني عن مدينة مراكش، بادرتني السيدة المنصوري بالقول إنها “سْمعت على شي خلاف تجاري بينك وبين شي حد من الحزب، وأنه باغي يدعيك”! سألتها: “وما دخلكِ أنت بقضية تجارية محضة لا علاقة لها بالحزب؟”!

وتابع في السياق ذاته، أن ’’السيدة المنصوري بدا انها قد حزمت أمرها، واتخذت قرارها، بغير وجه حق، للضغط علي لتغليب كفة الربح لفائدة الطرف الآخر، وتطلب مني تقديم استقالتي في حالة رفضي الإنصياع لأمرها، فرفضت بالإطلاق، على اعتبار أن ما تتكلم عنه هي أمور تجارية لا علاقة لها بالحزب، ولا بتدبير الشأن العام. فهدّدتني بأنها ستطلب تجميد عضويتي في اجتماع المكتب السياسي، فكان جوابي هو الاحتكام إلى الحكامة الحزبية، كما جاءت في برقية ملك البلاد نصره الله، وإلى ميثاق الأخلاقيات، وإلى القيم والمبادئ النبيلة، التي شكلت منطلق وهدف عملنا السياسي داخل حزب الأصالة والمعاصرة… وقبيل اختتام اجتماع المكتب السياسي، اضطررت إلى الانسحاب من الاجتماع، أولا للاحتجاج على كل السلوكات التي تتناقض جذريا مع الرسالة السامية للعمل السياسي النبيل، ولأكتب هذا البيان الاحتجاجي…’’

وشدد أبو الغالي في بيانه على أن المكتب السياسي ليس المنبر المناسب لحل الخلافات التجارية الشخصية، مؤكداً أن قرار تجميد عضوية أحد أعضاء القيادة الجماعية يتطلب موافقة المجلس الوطني للحزب وليس المكتب السياسي.

كما كشف البيان عن خلافات أعمق داخل الحزب، حيث اتهم أبو الغالي المنصوري بإهمال الإصلاحات الداخلية التي أقرها المؤتمر الوطني للحزب، وتركيز اهتمامها بشكل أساسي على الاستعدادات للانتخابات المقبلة والتعديل الحكومي المرتقب.

وخلافا للسلوك ’’الاستبدادي للسيدة المنصوري بطلب تجميد عضويتي’’، يضيف أبو الغالي، فإن ’’المكتب السياسي ليست لديه الصلاحية القانونية للنظر في عضوية عضو القيادة الجماعية للأمانة العامة، وننوّر السيدة المنصوري، التي أعماها عن ذلك “التحكُّم” ، أن أعضاء القيادة الجماعية منتخبون من قبل المجلس الوطني، الذي وحده له الحق في النظر في هذه العضوية، حسب المادة 88 من النظام الأساسي للحزب’’ .

واعتبر أبو الغالي أن سلوك المنسقة الوطنية للحزب “تطاول” على ميثاق الأخلاقيات المصادق عليه من طرف المجلس الوطني.’’

وفي ذات السياق اعتبر أبو الغالي أن ’’الخلاف المعني، هو خلاف تجاري بين اثنين متعاملين تجاريا، فهو مشكل شخصي، بين شخصين، لديهما من الرشد والأهلية ما يمكّنهما من حل المشكل، وإذا استعصى على الحل، فهناك طريق القضاء وليس طريق حزب الأصالة والمعاصرة’’.

واكد بالقول : ’’رفضي للسلوك الاستبدادي التحكمي بتجميد العضوية يتأتى من احترامي لحزبي، ولمبادئه السامية، التي كان للباميات والباميين شرف التأكيد عليها من قبل قائد الأمة رئيس الدولة نصره الله، الذي دعا حزبنا إلى “ترسيخ انخراطه الفاعل، من موقعه السياسي، في النهوض بما ندعو إليه من ضرورة توطيد الثقة ومصداقية الهيئات السياسية، وذلك عبر تكريس الثقافة والممارسة السياسية النبيلة’’.

وذكر أبو الغالي المنصوري بخرجتها في القناة الثانية عقب انتخابها في المؤتمر الخامس للحزب، حيث قالت “أنا لست أمينة عامة للحزب، نحن الثلاثة نسيّر الحزب، ولا فرق بيننا”، وكان ذلك شبيها بالمثل السائر: “كلام الليل يمحوه النهار”!!! يعلق أبو الغالي.

وكشف عضو القيادية الجماعية للبام أن النقطة التي أفاضت الكأس، هي عندما رافقت المنصوري سمير كودار رئيس جهة مراكش تانسيفت الحوز إلى الاجتماع الأخير لهيئة رئاسة الأغلبية الحكومية، في يونيو 2024 بالرباط، ونشرت صورة له بصحبتها مع رئيسي الحزبين المشكلين للتحالف الحكومي، إذ وجّهتُ لها، بكل رفاقية حزبية، الملاحظة حول الاجتماع، وأن الأحرى كان يجب أن يرافقها أحد عضوي القيادة الجماعية للأمانة العامة، ومنذ ذلك الوقت، بدأ الخلاف يحتدّ ويتأجج… على حد تعبيره.

كما كشف بيان أبو الغالي عن خلافات في الرؤى تعود لما بعد المؤتمر الخامس للحزب في شهر فبراير الماضي ببوزنيقة الذي أسفر لأول مرة عن قيادة سياسية جماعية لحزب مغربي .

وفي هذا الصدد قال أبو الغالي: عندما كنت أطالب، بين الحين والآخر، بالعودة إلى مخرجات المؤتمر من أجل العمل على تنزيلها في أفضل الظروف وفاء لالتزاماتنا وتعهّداتنا ليس فقط أمام عموم الباميات والباميين، بل أساسا أمام صاحب الجلالة، وأمام الشعب المغربي، …. كان للسيدة عضوة القيادة الجماعية رأي آخر، ورؤية أخرى، للأولويات، إذ كلما أصررتُ على فتح أوراش المراجعة التنظيمية والسياسية، التي أسندتها لنا أعلى هيئة تقريرية في الحزب، وهي المؤتمر الوطني، كلما استعر الخلاف، خصوصا أن السيدة المنصوري ظل كل همّها، في البداية، هو الانتخابات المقبلة..

واتهم أبو الغالي المنصوري بأنها تبحث فقط عن “العناصر” التي تضمن “الفوز” بالمقعد، ثم أصبح شغلها الشاغل حاليا اللقاءات المعلنة وغير المعلنة، مع أسماء بعينها حدّدتها وحدها، لتتهيّأ للتعديل الحكومي المرتقب، مع التكتّم على الاتصالات والتواصلات و”المحادثات” ومعايير الانتقاء ولائحة الأسماء التي ستحملها السيدة المنصوري إلى رئيس الحكومة…

في ختام بيانه، أكد أبو الغالي عزمه على الاستمرار في ممارسة صلاحياته كاملة وحضور اجتماعات المكتب السياسي، رافضاً ما وصفه بـ”الطغيان” و”التحكم” داخل الحزب.

وخلص بالقول: لهذه الأسباب فإنني أستنكر هذا التصرف الأرعن، وسأظل أمارس صلاحياتي كاملة، وسأحضر اشغال المكتب السياسي كلما انعقد، ولن يخيفني الطغيان، ولن أقبل بالتحكم، وأتحدى أياً كان يمس مصداقيتي، وأخلاقي منذ التحاقي بحزب الأصالة والمعاصرة عند إنشائه.

هذه الأزمة الداخلية تأتي في وقت حساس لحزب الأصالة والمعاصرة، إذ قد تؤثر سلباً على استعداداته للاستحقاقات الانتخابية القادمة ومشاركته في الحكومة الحالية.

ويثير هذا الصراع الداخلي تساؤلات جدية حول مستقبل الحزب وقدرته على الحفاظ على تماسكه الداخلي في ظل هذه الخلافات الحادة بين قياداته. كما يسلط الضوء على التحديات التي تواجه الأحزاب السياسية المغربية في ترسيخ الممارسة الديمقراطية داخل هياكلها التنظيمية، وهو ما قد يكون له انعكاسات على المشهد السياسي المغربي ككل.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *