لا تعديلات حكومية أو مؤشرات او أرقام تُسعد المواطن: ما يهمه هو ما في جيبه ! (فيديو)

استعرض أربعة خبراء سياسيين، في لقاء حصري بُث على قناة “بلبريس”، مختلف الجوانب السياسية للتعديل الحكومي المرتقب وتأثيراته المحتملة على المشهد الاجتماعي والاقتصادي في المغرب، مقدمين تقريرا شاملًا لأداء الحكومة الحالية، برئاسة عزيز أخنوش، وكذلك مختلف الآراء حول مدى فعالية السياسات العمومية وأهمية إجراء التعديلات لتلبية تطلعات المواطنين وتحقيق التنمية المستدامة.

الباحث في الاقتصاد السياسي الدولي محسن الجعفري اعتبر أن تقييم العمل الحكومي والنقاش حول راهنية التعديل الحكومي المرتقب في المغرب قد أصبحا من أبرز القضايا التي تشغل الرأي العام في البلاد، موضحا أن هناك مجموعة من المؤشرات التي تبين وجود خلل في عملية الإنجاز داخل الحكومة الحالية، وذلك بالرغم مما يتم ترويجه عبر الأغلبية الحكومية أو خلال لقاءات رئيس الحكومة في البرلمان.

وأشار الجعفري إلى أن الواقع يعكس صورة مغايرة تمامًا لما يتم تقديمه في الخطابات الرسمية، وذلك على عكس الواقع الذي يظهر تهاوي الوضعية الشرائية في البلاد بشكل كبير، حيث شهدت الأسعار ارتفاعًا غير مسبوق، مما أثقل كاهل المواطنين وأثر بشكل ملحوظ على جيوبهم.

وفي هذا الصدد اعتبر منار السليمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن إمكانية إجراء تعديل حكومي في هذا الوقت قد لا يكون له تأثير كبير على المدى البعيد”، موضحا أن “تاريخ تعديل الحكومات يؤكد أن أفضل البروفايلات تكون عادةً في الحكومة الأولى، وأن التعديلات التي تطرأ لاحقًا لا تؤدي إلى تغييرات جذرية”.

وأكد السليمي أن جزءًا كبيرًا من الحكومة الحالية، خاصة في القطاعات الاستراتيجية، كانت موجودًا في الحكومات السابقة تحت قيادة عبد الإله بنكيران وسعد الدين العثماني، متساءلا في نفس الوقت عن أسباب الفجوة بين التصريحات الرسمية التي سبقت حكومة عزيز أخنوش، والتي كانت تدل على مؤشرات تنموية إيجابية، وبين الواقع الحالي الذي يشير إلى تراجع في الأداء والنمو في المغرب سواء من حيث الأداء الاقتصادي، الاجتماعي، أو حتى على مستوى الخدمات المقدمة وهو مما يشير حسب قول السليمي إلى أن هذه الحكومة “خسرت معركة النمو”.

وأشار السليمي إلى أن تاريخ الحكومة المغربية يُظهر أن بعض الوزراء في الحكومات السابقة، مثل حكومة عبد الرحمن اليوسفي وحكومة إدريس جطو، قد تركوا بصماتهم بشكل واضح. وفي المقابل يبدو أن أداء بعض الوزراء في الحكومة الحالية لا يرقى إلى مستوى التوقعات، وهو ما أصبح جليًا في عدة مناسبات، منها احتفال عيد الأضحى الذي شهد استياءً واسعًا بين المواطنين، حسب السليمي.

واعتبر المتحدث ذاته أن الحكومة الحالية تتشكل من ثلاثة أحزاب رئيسية، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ المغرب حيث تُمنح هذه الأحزاب فرصة لتشكيل الحكومة بشكل غير اعتيادي، منتقدا في ذات السياق ضعف أداء الحكومة والمجالس المحلية، بما في ذلك المجالس الجهوية والجماعية، التي تبدو كأنها تابعة للحكومة بدلاً من أن تكون هيئات مستقلة وفعالة في أداء مهامها.

وفي معرض حديثه أيضا، تطرق السليمي أيضًا إلى القطاع السياحي، مشيرًا إلى أن المواطنين واجهوا مشاكل كبيرة في الصيف الماضي بسبب نقص الأماكن السياحية المتاحة، مؤكدا أن الحكومة لم تتخذ أي إجراءات لمعالجة هذه المشاكل، وأن هناك غيابًا للأرقام والبيانات التي توضح حالة القطاع السياحي، وهو ما يعكس نقصًا في التخطيط الاستراتيجي والإدارة الفعالة.

أوضح الخبير السياسي أن الحكومة الحالية لا تعمل بشكل فعال على السياسات العمومية، بل تركز على السياسات العامة التي تقودها الدولة بقيادة الملك، مشيرا إلى أن “هناك احتجاجات اجتماعية واسعة في مختلف القطاعات، وأن الحكومة تفتقر إلى خطاب تواصلي فعال مع المواطنين”.

وعليه، جدد السليمي تأكيده على أن التعديل الحكومي في هذه المرحلة قد يكون مجرد “إجراء مؤقت”، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة، وهو ما ذهب إليه ميلود بلقاضي أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس بالرباط، بقوله إن “التعديل الحكومي ليس بهدف بل وسيلة لضخ دماء جديدة”، لكنه أعرب عن شكوكه في قدرة الأحزاب الثلاثة المشاركة في الحكومة على تقديم بروفايلات قادرة على مواكبة التعديل.

واعتبر بلقاضي أن هذا الضعف واضح في حزب الاستقلال الذي فشل إلى حد الآن في تشكيل اللجنة التنفيدية بعد أكثر من شهرين من مؤتمره الوطني، والأمر كذلك ينبطق على حزب الأصالة والمعاصرة والذي تمكن بعد ثلاث أشهر من مؤتمره من تشكيل مجلسه الوطني، مؤكدا على أن “الأحزاب التي لم تتمكن من تدبير سياستها الداخلية لن تتمكن من أخذ قرارات على مستوى السياسات الوطنية”. 

وفي نفس الاتجاه، عبر الخبير السياسي عن أسفه كون أن “وتيرة عمل حكومة عزيز أخنوش،كانت متقدمة جدًا خلال السنوات الثلاث الماضية، إلا أن الإنجازات كانت ضعيفة مقارنة بتوقعات المواطنين،” مؤكدا على أن “المواطنين اليوم لا يهتمون بالأرقام والمؤشرات بقدر ما يهتمون بالعمل والجدية في تحقيق النتائج الملموسة على أرض الواقع”.

وأشار إلى أن “هذه الحكومة تتميز بكونها منسجمة بثلاثة أحزاب، وهي سمة إيجابية لم نشهدها من قبل، ومع ذلك، فإن المشكلات المحلية والجهوية تظل تحديًا كبيرًا للحكومة، كما أن بعض مظاهر الفساد بين المنتخبين المحليين تضعف الحكومة بشكل كبير.

وأكد بلقاضي أن الأرقام والإحصاءات الرسمية تظهر بوضوح أن الحكومة لم تتمكن من تحقيق النمو الاقتصادي المتوقع، مع استمرار ارتفاع معدلات البطالة وانتشار الفساد، مسلطا الضوء على التحديات التي تواجه قطاع التعليم، سواء على مستوى التعليم الأساسي أو التعليم العالي، مما يزيد من تعقيد المشهد الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.

وبخصوص تقييم العمل الحكومي، قال بلقاضي أستاذ العلوم السياسية إن “عمل أي حكومة يرتبط بماذا ضعفها أو نجاعتها في تدبير السياسات العمومية، والمغرب اليوم لديه مستويين اثنين في تدبير الأوراش الكبرى أولها السياسة العامة والتي هي بقيت مستمرة على مستوى الأوراش العامة الذي يقودها الملك، والمستوى الثاني هو السياسات العمومية في مجال تدبير الحكومة.

غير أن المتحدث ذاته، اعتبر أن عمل الحكومة ليس بالكامل سلبي وفشلها نسبي، مستدلا بتحاليل علماء الاجتماع الذين قالوا إن هذه الحكومة رغم الضغوطات الخارجية إلا أنها حافظت على التوازن الاجتماعي، مؤكدا على أن “هذا مؤشر دولي يبرهن للعالم أن المغرب رغم أزماته الاقتصادية ووضعه الصعب استطاع تجاوز مجموعة من المشاكل”.

ومن جانبه، أكد المحلل السياسي عبد الفتاح نعوم أن حكومة عزيز أخنوش لم تتمكن من الوفاء بوعودها الانتخابية، مستندًا إلى مؤشرات التنمية والأرقام التي تعكس الواقع الحالي، موضحا أن الأداء الحكومي يكشفه الوضع الاجتماعي الذي يعاني من نقص في التدبير الفعال.

وأشار نعوم إلى أن المشكلة الرئيسية في الحكومة هي افتقارها للسياسات العمومية التي تعتبر أساسية في مواجهة التحديات، قائلا إن “مشكلة هذه الحكومة لا توجد فيها سياسات عمومية وهي مهمة في لحظة مواجهة المشاكل إذا لم يتم مقاربتها بمنطق سياسي وإيجاد أجوبة لها وكيف يمكن استثمارها على المستوى الإعلامي والتواصل.”

وأوضح أن الحكومة تعاملت مع الأجندة الحكومية على أساس أنها مشكلات تقنية تحتاج إلى حلول رقمية ومؤشرات، مما أدى إلى غياب البعد السياسي في معالجة الأزمات.

كما انتقد نعوم أداء الحكومة في مجال الاستثمار الأجنبي، مشيرًا إلى أن المغرب يمتلك العديد من الاتفاقيات الدولية والشركات الأجنبية التي كان يجب على الحكومة استغلالها بشكل أفضل، وأن الحكومة كانت عندها مجموعة عناصر الدفع الذي يتميز بها المغرب كدولة، لكنها لم تتفاعل معها ولم تستثمرها على مستوى الإلتقائية”.

وفي مقارنة بين حكومتي عبد الإله بنكيران وعزيز أخنوش، قال نعوم: “الفرق بين الحكومتين هو أن الأول لديه الكثير من السياسة والخبرة ضعيفة فيما نجد العكس عند أخنوش الكثير من الخبراء وضعف السياسة.”

وخلص نعوم إلى ضرورة خلق التوازن بين السياسة والخبرة التقنية لنجاح الحكومة، محذرًا من أن عدم تحقيق هذا التوازن سيؤدي إلى فشل الحكومة.

 

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *