في مرحلة تسعى فيها الدولة إلى إنجاح تجربة الجهوية من خلال قرارات استراتيجية، تستهدف أساسا نقل الاختصاصات من المركز إلى الجهة وتوفير الاعتمادات الضرورية لتتولى المجالس المنتخبة لهذه المجالات الترابية تنفيذ برامجها وفق مقاربة القرب، تبرز جهة فاس-مكناس كواحدة من الأقطاب الاقتصادية الصاعدة التي استطاعت في ظرف وجيز انتزاع عدد من "المكتسبات".
تمتد جهة فاس-مكناس على مساحة 40.075 كلم مربع، أي ما يمثل 5,7 بالمائة من مجموع مساحة المملكة. وتضم الجهة عمالتين وسبعة أقاليم و194 جماعة، يقطنها 4,24 مليون نسمة،أي ما يمثل 12,5 بالمائة من إجمالي عدد السكان (الرتبة الرابعة وطنيا). وتضم كل من تاونات وتازة وبولمان لوحدها 61 بالمائة من الساكنة القروية. وتعرف الجهة نموا متسارعا في المجال الحضري الذي بلغت نسبته 60,5 بالمائة سنة 2014 مقابل 49,4 بالمائة سنة 1994. ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة 67 بالمائة سنة 2036.
هذا التحول يجعل الجهة اليوم أمام تحديات كبيرة، أساسها تأهيل الإنسان من أجل نموذج اقتصادي جهوي قوي. ولذلك، انخرطت فاس-مكناس منذ تشكل مجلسها المنتخب في بلورة سلسلة من البرامج والمشاريع، التي توجت بعقد برنامج مهم يمتد تنفيذه من سنة 2020 إلى 2022. عقد برنامج يضع على رأس أولوياته تحسين الجاذبية الاقتصادية للجهة وإنعاش الشغل.
97 مشروعا لتنمية وتأهيل جهة فاس-مكناس
يسعى عقد البرنامج إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، أولها تحسين الجاذبية الاقتصادية للمجالات الترابية، من خلال تقوية وتطوير تنافسية المجال الترابي للجهة، وتوسيع العرض المتعلق بالمناطق الصناعية، وتطوير منطقة لوجيستيكية، وتأهيل المحاور الطرقية. كما يسعى البرنامج إلى دعم القطاعات المنتجة وإنعاش الشغل والبحث العلمي، عبر دعم وتأهيل البنيات التعليمية والبحث العلمي التطبيقي وإحداث مراكز جهوية للتكوين والنهوض بالتشغيل وتطوير الكفاءات من أجل الاندماج في سوق الشغل وإحداث مناطق للأنشطة التقليدية والحرفية وإنعاش الاقتصاد الاجتماعي وتثمين المنتجات الجهوية.
وضمن أهداف البرنامج، يأتي تقليص العجز الاجتماعي والتفاوتات الترابية ضمن أبرز الأولويات، وذلك من خلال اعتماد برنامج للتعليم الأولي وبرنامج للتأهيل الحضري ودعم المراكز الصاعدة، ومن خلال تقوية العرض الاستشفائي وإنعاش القطاع الرياضي. كما يروم البرنامج تثمين المجال الثقافي والمواقع السياحية والمحافظة على الموارد الطبيعية، عبر تهيئة المدارات والمحطات السياحية وتعزيز البنيات التحتية للسياحة وخلق وتأهيل وتجهيز المؤسسات الثقافية والعناية بالتراث الثقافي الجهوية والحماية من الفيضانات والحفاظ على الموارد الطبيعية.
ويسعى هذا العقد إلى إنجاز 97 برنامجا ومشروعا مدرجا في إطار التوجهات العامة لبرنامج التنمية الجهوية، وهي موزعة حسب 4 محاور و17 مجالا.
ويهم المحور الأول "تحسين الجاذبية الاقتصادية للمجالات الترابية للجهة. لهذا الغرض، تم تحديد 5 مشاريع لتحسين جاذبية المجالات الترابية وتطوين مناطق للأنشطة الاقتصادية، ومشروعين لتطوير المناطق اللوجيستيكية وإعداد تصميم النقل داخل الجهة، ومشروعين للاستثمار والاقتصاد الرقمي، فيما سيتم تخصيص 10 مشاريع لتأهيل المحاور الطرقية الاستراتيجية وبناء وتحسين الطرق.
ويهم المحور الثاني "دعم القطاعات المنتجة وإنعاش الشغل والبحث العلمي"، من خلال تنفيذ 36 مشروع. ويتوزع برنامج هذا المحور بين دعم السلاسل الفلاحة من خلال 5 مشاريع، وإحداث وتأهيل مؤسسات التعليم العالي ودعم البحث العلمي التطبيقي عبر تنفيذ 9 مشاريع. كما سيتم تنزيل 11 مشروعا من أجل إحداث مراكز جهوية للتكوين وإنعاش التشغيل وتطوير الكفاءات من أجل الإدماج في سوق الشغل. أيضا، تمت برمجة إحداث مناطق للأنشطة التقليدية والحرفية من خلال 9 مشاريع، فضلا عن مشروعين لإنعاش الاقتصاد الاجتماعي والمنتجات الجهوية.
في المحور الثالث لعقد البرنامج، تمت برمجة 19 مشروعا. ويشمل ذلك مشروعا لتعميم التعليم الأولي، ومشروعا للتأهيل الحضري والمراكز الصاعدة، و4 مشاريع لإحداث وتجهيز مستشفيات بالجهة، و4 مشاريع للتأهيل والساعدة الاجتماعية، إلى جانب 9 مشاريع من أجل إنعاش الرياضة والترفيه.
ومن أجل تثمين المجال الثقافي والمواقع السياحية والمحافظة على الموارد الطبيعية، يسعى عقد البرنامج في محوره الرابع إلى تنفيذ 23 مشروعا. ويشمل ذلك 10 مشاريع لتهيئة المدارات والمحطات السياحية وتنمية البنيات التحتية السياحية، و6 مشاريع لإحداث وتأهيل وتجهيز المؤسسات الثقافية والاعتناء بالتراث والثقافة المحلية، فضلا عن تخصيص 7 مشاريع للحماية من الفيضانات والحفاظ على الموارد الطبيعية ومكافحة التلوث. في المحصلة، سيتم تنفيذ 23 مشروع في إطار المحور الرابع.