جدل في الدار البيضاء: هل هدم سوق باب مراكش التاريخي تطوير أم طمس للهوية؟

أثار قرار هدم سوق باب مراكش التاريخي وسط الدار البيضاء جدلاً واسعاً بين مؤيد ومعارض، في معركة تعكس الصراع بين الحفاظ على التراث وتحديث المدينة.

فبينما يرى المدافعون عن القرار ضرورة تجديد السوق لمواكبة متطلبات العصر، يعتبر المعارضون الخطوة محواً لجزء أصيل من ذاكرة المدينة.

يستند معارضو المشروع، خاصة الجمعيات المدنية، إلى أهمية السوق التاريخية التي تمتد إلى عشرينيات القرن الماضي، معتبرين أن هدمه يمثل اعتداءً على الهوية المعمارية والتجارية للمدينة العتيقة. ويرى هؤلاء أن البديل المقترح، رغم حداثته، سيفتقد للروح الأصيلة التي ميزت هذا الفضاء التجاري العريق.

في المقابل، يدافع مؤيدو قرار الهدم عن ضرورة التحديث، مشيرين إلى تدهور وضعية السوق وانتشار الفوضى وتراجع النظافة، مما أدى إلى عزوف الزوار عنه. ويرون في المشروع الجديد، الذي تبلغ تكلفته 80 مليون درهم، فرصة لإعادة إحياء المنطقة وفق معايير عصرية.

وتخطط السلطات المحلية، بقيادة المجلس الجماعي للمدينة، لإنجاز مشروع طموح يضم 217 محلاً تجارياً و48 كشكاً، بالإضافة إلى موقف سيارات تحت أرضي يتسع لـ160 سيارة.

وقد تم توفير حل مؤقت للتجار بترحيلهم إلى فضاء بديل في شارع بوكراع، يضم 180 محلاً بمساحة 7 أمتار مربعة لكل محل.

ورغم أن القرار الأولي كان يميل نحو ترميم السوق والحفاظ على طابعه المعماري، إلا أن تغيير المسار نحو الهدم الكامل وإعادة البناء من الصفر أجج النقاش حول أولويات التنمية الحضرية: هل الأولوية للحفاظ على التراث أم لمواكبة متطلبات العصر؟ سؤال يبقى محور جدل بين البيضاويين مع استمرار أشغال المشروع الذي سيستغرق عامين للإنجاز.

يُذكر أن حي باب مراكش، الذي تأسس خلال القرن العشرين، يُعتبر من بين أقدم الأحياء في الدار البيضاء، ويتميز بهندسته المعمارية الفريدة وأجوائه الخاصة. وقد أصبح الحي، الذي يضم منازل تقليدية وفنادق صغيرة تعود لزمن الحماية، وجهة بارزة للزوار والمهتمين بالتراث المعماري.

ويحتضن الحي سوقًا نابضًا بالحياة تمثل أزقته الضيقة سفرا عبر الزمن من خلال المعروضات المختلفة التي تجلب السياح من كل مكان من داخل المغرب وخارجه، حيث يمكن العثور على مختلف المنتجات التقليدية المغربية، ومستحضرات التجميل المحلية، والأطباق الشهية من جنوب الصحراء الكبرى. وقد اكتسب هذا السوق شهرة واسعة كونه يعكس تنوع الثقافة المغربية وأصالتها.

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.