لهذا أسقط قانون الإضراب الجديد العقوبات الجنائية؟
يبدو مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بحق الإضراب قد شهد تطورات مهمة في مسار إعداده وصياغته، فوزير الإدماج الاقتصادي والتشغيل، يونس السكوري، أظهر مرونة في التعامل مع هذا الملف الحساس.
من أبرز ملامح هذا المسار التشريعي أن الوزير فتح قنوات حوار واسعة شملت مختلف الأطراف. فقد أجرى مشاورات موسعة مع الأحزاب السياسية والنقابات، بما في ذلك تلك غير الممثلة رسميًا، مما يعكس نهجا تشاركيا في صناعة القرار التشريعي.
التعديلات الجوهرية التي قبل بها السكوري تمس جوانب أساسية في مشروع القانون. فقد وافق على إلغاء تجريم الإضراب السياسي والتضامني، وحذف العقوبات الجنائية، وهو ما يمثل تحولًا مهمًا في النظرة التشريعية لحقوق العمال.
استند الوزير في توجهاته إلى توجيهات الملك محمد السادس التي ركزت على ثلاث أولويات رئيسية: حماية الطبقة الشغيلة، وصون الآلة الإنتاجية الوطنية، وضمان سلامة الخدمات العامة للمواطنين.
لم يقتصر الأمر على موقف الحكومة، بل تعزز بآراء المجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان. فقد قدم هذان المجلسان انتقادات بناءة للمشروع، دعت إلى توسيع نطاق الحريات النقابية وإعادة النظر في تعريف الإضراب.
من التوصيات المهمة التي قدمها المجلس الاقتصادي إدراج فئات مهنية لم تكن محل اعتبار سابقا، مثل العمال المنزليين والتجار وأصحاب المهن الحرة، مما يوسع قاعدة الحماية القانونية.
الملفت للنظر أن المشرع يسعى لخلق توازن دقيق بين حق العمال في الإضراب وضمان استمرارية المرافق الحيوية، دون اللجوء إلى عقوبات قاسية أو مقيدة للحريات.
وبهذا النهج التشاركي والمرن، بدا أن مشروع القانون نحا نحو صياغة أكثر توافقية تراعي مصالح مختلف الأطراف.