عكس جل التدخلات التي دافعت عن تعديل الدستور بغية تعبيد الطريق لبلورة « النموذج التنموي الجديد » تفاعلا مع التوجيهات الملكية بشأن تعثر النموذج التنموي الحالي، شدد الدكتور ميلود بلقاضي أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، على أن الخلل في الأمر ليس دستوريا بل سياسيا، وأن النموذج التنموي ينبغي أن يبتعد عن السياسوية الضيقة التي خربت الاقتصاد وفكر الانسان، وخلقت أزمة عميقة نخرت التنمية الفكرية.
وقال بلقاضي، خلال مشاركته، أمس الخميس، في ندوة نظمتها بالرباط منظمة المحامين التجمعيين، حول "دستور 2011 والنموذج التنموي الجديد "، إنه لا يمكن انتظار بلورة نموذج تنموي إلى حين إجراء تعديل دستوري، بل يمكن أن نتفق على نموذج في ظل الدستور الحالي، الذي يعد من أجود الدساتير، داعيا ان صياغة مشروع النموذج التنموي المرتقب تتطلب جرأة فكرية وثورة في العقلية وانفتاح موسع على كل القوى الحية بالبلاد شريطة الاستفادة من اسباب فشل التجارب السابقة على اساس تطوير ما هو إيجابي فيها وترك ما هو سلبي فيها، التي لا يمكن أن تكون فاشلة 100 بالمائة.
وركز بلقاضي على صفة « الاستراتيجي » في وصف النموذج التنموي أدق من صفة « الجديد »، ونبه في نفس السياق، أنه من الناحية المرجعية فمشروع النموذج التنموي المرتقب يجب أن يعتمد مرجعية مجتمع اقتصاد المعرفة، بدل مرجعية مجتمع الايديولوجيات مسلحين بطرح سؤال معرفي أساسي طرحه الراحل الجابري في مقال جريء سنة 1999 حول الانتقال الديمقراطي" من أين ننتقل وإلى أين ننتقل وبأي وسائل ننتقل؟ ".
وانتقد الأستاذ الجامعي من يدافعون عن تعطيل إعداد النموذج التنموي إلى حين تعديل الدستور، " إذ أن الأحزاب التي تنادي بالتعديل هي نفسها الأحزاب التي ساهمت في هذا الواقع " مشيرا إلى " أنه لا يعقل تعديل الدستور في ظرف سبع سنوات فقط "يضيف المصدر ذاته، وحتى اذا عدل فهل ستحل مشاكل التنمية بالمملكة؟
وأجاز المتحدث، مراجعة الوثيقة الدستورية على مستوى الفصل 47 معللا ذلك "بأنه لا يعقل أن يفقد المغاربة مدة سبعة أشهر لتشكيل الحكومة، ملخصا ما قد يدفع إلي هذه المراجعة هي الجهوية المتقدمة واختصاصات المجتمع المدني وحقوق المهاجر غير المفعلة.
وبشأن صياغة واعداد النموذج التنموي الإسترتيجي، أوضح الدكتور بلقاضي، بأن المسالة حسمت دستوريا أن الملك، وفق المادة 49 من الدستور ، هو المؤهل دستوريا لصياغته واعداده لانه رئيس الدولة كما ينص على ذلك الفصل 42 من الدستور، يالمقابل منح الفصل 92 من الدستور الحكومة صلاحية تنفيذ "النموذج التنموي الإستراتيجي" باعتبارها سلطة تنفيذية تشرف على السياسات العمومية ضمن السياسة العامة للدولة.
وأوصى ميلود بلقاضي، في معرض مداخلته أمام المحامين التجمعيين، بأهمية احداث تغييرات عميقة على هياكل الدولة وإخراج ميثاق اللاتمركز الإداري، وإعادة النظر في تاهيل الاحزاب والمؤسسات وتجديد علاقة الداخلية مع الأحزاب وتحمل المواطن لمسؤوليته.اما عن فكرة التعديل الدستوري اكد بلقاضي بانها مسالة مسلم منها لان تطلعات المواطن واجراة مقتضيات دستور 2011 والثغرات التي ظهرت اصبحت تفرض تعديلا دستوريا على اكثر من مستوى خصوصا بالنسبة للفصل 47 وعدة فصول اخرى ترتبط باللائحة الوطنية وبالعلاقة بين مجلسي البرلمان ومبدا المناصفة والحقوق والقضاء