المغرب يسلّح نفسه قانونيًا للدفاع عن هويته الثقافية في وجه الاستيلاء الخارجي

دخل القانون رقم 33.22 المتعلق بحماية التراث حيّز التنفيذ بعد صدوره في العدد 7415 من الجريدة الرسمية في المغرب، ليشكل بذلك مرجعية قانونية جديدة تعوّل عليها وزارة الشباب والثقافة والتواصل من أجل صون التراث الوطني المغربي، بمختلف أشكاله: المادي وغير المادي، الطبيعي والجيولوجي، والتصدي لأي محاولة استيلاء أو تحريف في المحافل الدولية.

 

ويهدف هذا النص التشريعي إلى ملاءمة المنظومة الوطنية لحماية التراث مع المعايير الدولية، انسجامًا مع التزامات المغرب في إطار الاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية اليونسكو لعام 2003 الخاصة بصون التراث الثقافي غير المادي. كما يعزز المقتضيات الواردة في القانون رقم 22.80 المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والتحف الفنية، عبر دمج مفاهيم جديدة باتت معتمدة عالميًا في مجال حماية التراث.

 

ومن أبرز المستجدات التي جاء بها هذا القانون، توسيع نطاق الحماية ليشمل التراث غير المادي، الذي أصبح، حسب الوزارة، مستهدفا بشكل متزايد من طرف جهات خارجية تسعى إلى نسب عناصر رمزية من الثقافة المغربية لنفسها، كما حدث مؤخرًا مع محاولات تسجيل القفطان والزليج المغربي باسم دول أخرى داخل منظمة اليونسكو.

 

وفي هذا السياق، أوضح محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، أن هذا القانون جاء لسد فراغ قانوني طال أمده، ويوفر أدوات قانونية جديدة تمكّن المغرب من الدفاع عن تراثه، مشيرًا إلى أن المعارك اليوم "لم تعد تُخاض فقط في الميدان، بل أيضًا في أروقة المنظمات الدولية"، ما يفرض توفر تشريعات حديثة منسجمة مع الاتفاقيات الدولية.

 

وشدد الوزير، خلال مناقشة النص في البرلمان، على أن حماية التراث ليست شأنا وزاريا فقط، بل هي "قضية تهم كل المغاربة، لأنها تمس جذور هويتهم وذاكرتهم الجماعية"، لافتًا إلى أن الوزارة تتحمل مسؤولية الدفاع الرسمي أمام الهيئات الأممية، لكنها تعمل بتكامل مع الجماعات الترابية، والقطاعات الوزارية، والمجتمع المدني.

 

القانون الجديد، وفق بنسعيد، يتجاوز القانون السابق الصادر في ثمانينيات القرن الماضي، والذي ركّز بالأساس على المعالم التاريخية والمآثر، دون أن يشمل عناصر التراث اللامادي التي لم تُعترف عالميًا إلا بعد 2003. أما اليوم، فإن حماية هذا التراث باتت أولوية، في ظل الصراع الثقافي والتاريخي المتصاعد على الرموز والهويات.

 

وفي ما يتعلق بإجراءات تصنيف التراث والمآثر، أكد الوزير أن المبادرات لا تنطلق فقط من الوزارة، بل كثيرًا ما تكون بدافع من المواطنين، أو الجمعيات، أو التنسيقيات المحلية، موضحًا أن التصنيف لا يمكن أن يتم بشكل انفرادي من طرف الجماعات، بل يتطلب تنسيقا شاملا يضمن الجدية والمصداقية في كل عملية تصنيف.

 

يُشار إلى أن القانون رقم 33.22 يشكل محطة مفصلية في استراتيجية المغرب لتعزيز مكانته كدولة ذات هوية ثقافية عريقة ومؤسساتية، قادرة على حماية تراثها وصيانته في وجه كل محاولات التشويه أو الطمس.