تعيش العلاقات الأمريكية-الإسبانية على وقع توتر غير مسبوق، تعزّز مع تصاعد الخلافات بين الرئيس السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، مما فتح الباب أمام تساؤلات حول تداعيات هذه الأزمة على موازين التحالفات الاستراتيجية في المنطقة، خصوصًا فيما يتعلق بموقع المغرب كشريك موثوق للولايات المتحدة.
الخلاف، الذي عاد للواجهة بعد التصريحات الحادة لترامب ضد سانشيز، يتجاوز طابعه السياسي، ليحمل في طياته بُعدًا جيوسياسيًا أعمق، بالنظر إلى حساسية الظرف الدولي الراهن وتزايد الحاجة الأمريكية إلى حلفاء مستقرين وفعّالين على الضفة الجنوبية للمتوسط.
ووسط هذا السياق المتوتر، يبرز المغرب كطرف قادر على ملء الفراغ الذي قد ينجم عن فتور العلاقات بين واشنطن ومدريد، فالرباط التي راكمت في السنوات الأخيرة حضورًا دبلوماسيًا لافتًا وشراكات أمنية واقتصادية متعددة مع الولايات المتحدة، تبدو مؤهلة لتعزيز موقعها كشريك مفضّل، لاسيما في مجالات مكافحة الإرهاب، والتنسيق العسكري، والتبادل التجاري.
ويرى مراقبون أن المغرب قد يستثمر هذا التحول في المزاج السياسي الأمريكي لتعميق حضوره في دوائر القرار داخل واشنطن، خصوصًا أن الإدارة الأمريكية، بمختلف توجهاتها، أبدت خلال العقدين الماضيين اهتمامًا متزايدًا بالاستقرار الذي يحققه المغرب في منطقة مضطربة.
من جهة أخرى، فإن التراجع النسبي في وزن إسبانيا داخل التحالفات الغربية بسبب الخلافات السياسية الداخلية وتباين مواقفها من بعض القضايا الدولية، قد يعيد رسم خريطة الشراكات الاستراتيجية في غرب البحر الأبيض المتوسط، وهو ما قد يصبّ في صالح المغرب إذا تمكّن من تعزيز مكاسبه وتوسيع تحالفاته.
في هذا الإطار، تؤكد قراءات تحليلية أن المملكة تملك أوراقًا تفاوضية قوية، من بينها موقعها الجغرافي، ودورها الحيوي في ملفات الهجرة والطاقة والأمن الإقليمي، بالإضافة إلى تطور علاقاتها مع قوى دولية وازنة كفرنسا، الصين، وإسرائيل.