ملف التقاعد على صفيح ساخن.. أخنوش يدعو النقابات لاجتماع حاسم والحكومة تستعد لإجراءات مثيرة للجدل

علم موقع بلبريس من مصادر مطلعة أن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، وجّه دعوة رسمية إلى المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية من أجل عقد اجتماع اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد، وذلك يوم الخميس 17 يوليوز 2025 بمقر رئاسة الحكومة.

 

وتأتي هذه الخطوة في سياق مواصلة تنزيل مخرجات الجولة الأخيرة من الحوار الاجتماعي التي جرت في أبريل 2025، والتي نصت على ضرورة التسريع بإصلاح شامل لمنظومة التقاعد المتأزمة.

 

المصادر نفسها أفادت أن الاجتماع المرتقب سيتناول بالأساس الوضعية الحالية لصناديق التقاعد، ووضع تصور للإصلاح الشمولي في إطار المبادئ المتوافق عليها خلال اتفاق أبريل 2024، والتي تنص على إرساء نظام تقاعد جديد قائم على قطبين: عمومي وخاص، في إطار مقاربة تشاركية تحفظ المكتسبات وتؤسس لحكامة جديدة.

 

وكانت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، قد تعهدت أمام البرلمان في دجنبر الماضي بتقديم عرض أولي حول إصلاح التقاعد في يناير، معتبرة أن الوقت قد حان لمعالجة هذا الملف الذي طال أمده، وهو ما اعتبره فاعلون اجتماعيون التزاما سياسيا يجب ترجمته إلى قرارات فعلية.

 

وبينما تطالب النقابات باعتماد منهجية تحفظ حقوق الأجراء والمتقاعدين وتجنب البلاد أي احتقان اجتماعي في السنة الأخيرة من عمر الحكومة الحالية، تؤكد الحكومة التزامها بإشراك الفرقاء في وضع الإصلاحات الضرورية، رغم حساسية بعض الإجراءات المنتظرة، مثل رفع سن التقاعد وزيادة نسب المساهمة، وهي تدابير تثير جدلًا واسعًا في الأوساط النقابية والاجتماعية.

 

في هذا الصدد، حذر المجلس الأعلى للحسابات من تداعيات تأخير الإصلاح على المالية العمومية، منبها في تقريره السنوي إلى الوضع المقلق لصندوق التقاعد، خاصة الصندوق المغربي للتقاعد الذي سجل عجزًا تقنيًا بلغ 9.8 مليار درهم سنة 2023، مع توقع استنزاف أرصدته بحلول سنة 2028، وفق معطيات وزارة الاقتصاد والمالية.

 

التقرير أشار إلى أن الإصلاحات المعيارية السابقة، سواء تلك التي مست نظام المعاشات المدنية منذ 2016، أو النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد في 2021، لم تُفضِ إلى إرساء توازن مالي دائم، ما يستدعي المرور الفوري إلى إصلاح هيكلي.

 

ويقترح المجلس، ضمن توصياته، الحفاظ مؤقتًا على الطابع الاختياري لنظام التقاعد لفئة غير الأجراء، قبل تعميم الإلزام التدريجي، مبرزًا أهمية تحفيز هذه الفئة للانخراط في المنظومة الجديدة من خلال ضمان تعويض عادل، مع التفكير في بدائل تمويل مبتكرة مثل التحفيزات الضريبية.

 

ويبقى السؤال العالق: هل ستنجح الحكومة في تفكيك لغم التقاعد قبل نهاية ولايتها؟ أم أن المقترحات المنتظرة ستُشعل فتيل مواجهة جديدة مع النقابات؟