قيادات إستقلالية تنقلب على ولد الرشيد..وتقود إنقلابا أبيضا ضد خططه

يمر حزب الإستقلال  هذه الأيام بمرحلة فيها الكثير من الزوايا الرمادية،بسبب تصدعات داخلية بين جناحين:1- نزار بركة الأستاذ الجامعي الهادئ الذي يقود الحزب اليوم بواقعية وبراكماتية،لكن هناك من ينقده لأنه قبل بحقائب وزارية ليست في مستوى حزب الّإستقلال،قد يبدو هذا الحكم  صحيح شكلا ،لكن العارف بخبايا السياسة المغربية وكيفية إشتغالها لن يقيم الأمور بهذا الشكل ، لأن مسائل تعيين الوزراء والمشاركة في الحكومات ليست عملية سهلة او عملية يتحكم فيها رئيس الحزب وحدة وكما يشاء، بل تتحكم فيها أمور أخرى جد معقدة، وعليه لا يمكن تحميل نزار بركة أكبر مما يتحمل خارج سياق كيفية انتخابه في المؤتمر الوطني الأخير،وسياق كيفية تشكيل حكومة أخنوش. 2-وبين جناح حمدي ولد الرشيد الذي يطمح أن تقود النخب الصحراوية الأمانة العامة لحزب علال الإستقلال٫بعد تداول النخب الفاسية والمراكشية عليها لأجيال.
حمدي الرجل القوي والمتحكم تنظيميا -كما تؤكده المصادر الإستقلالية-يخطط للتحكم في أجهزة الحزب قبل نهاية ولاية الحكومة الحالية،وهذا ما تجلى في مخرجات خلوة الهرهورة التي كانت وراء تمرد أجهزة الحزب.
لكن مخرجات خلوة الهرهورة التي مست مواد أساسية في القانون التنظيمي خصوصا تلك المتعلقة بالعضوية بالمجلس الوطني ،حيث تم الإتفاق على إلغاء العضوية بالصفة بالمجلس الوطني أشعلت فتيل الحزب داخل كل أجهزته، التي ثارت ضد هذا القرار خصوصا فئات الوزراء وأعضاء مجلسي البرلمان والمفتشين ورؤساء الروابط، معتبرة إياه إقصاء ممنهجا من جناح ولد الرشيد للتحكم في الحزب
وشد الخناق على نزار بركة.
والغريب في الأمر ان تنطلق أولإإنتفاضة ضد هذا القرار من عمق الصحراء ،حيث قام عدد من النخب الإستقلالية بالصحراء بتمرد على خطط حمدي ولد الرشيد الذي يسعى للتحكم في الحزب وأجهزته في إنتظار القفز على الأمانة العامة للحزب قبل حلول موعد فعاليات المؤتمر الوطني المقبل.
وحسب مصادر إستقلالية يـتقدم هؤلاء المتمردين ضد خطط ولد الرشيد المنحدرين من الأقاليم الجنوبية شيبة ماء العينين ، رئيس المجلس الوطني للحزب ، والخطاط ينجا، رئيس جهة الداخلة وادي الذهب .
وقد إشتد هذا الصراع خلال إجتماع الفريق البرلماني الذي إنتفض فيه عدد من البرلمانيين ضد ولد الرشيد،حيث وقع اكثر من 50 برلمانيا إستقلاليا عريضة إحتجاج لمساندة الأمين  لحزب الإستقلال نزار بركة، رافضين خطة ولد الرشيد بلقنة حزب الإستقلال ، بعقد مؤتمر استثنائي وإدخال تعديلات على النظام الاساسي للحزب قبل منح أمانة الحزب لقيادي من الصحراء .
وحسب مصادر مطلعة،ومنذ خلوة الهرهورة مر نزار بركة بظروف صعبة ،حيث وجد نفسه يواجه العاصفة وحيدا ،وإعتقد ولد الرشيد ان مسألة نهاية نزار بركة مسألة وقت ليس إلا، لكن بعض الإستقلاليين ثاروا في وجه ولد الرشيد ، متشبثين بنزار بركة رغم ما إرتكبه  من أخطاء في الولاية الاولى ، مقتنعين ان نزار بركة سيتحرر في الولاية الثانية من الكثير من القيود والاكراهات الذاتية والموضوعية ، وسيمارس سلطاته كاملة كأمين عام لحزب كبير بكل قوة، ،بدون أي ضغوط من أي جهة، خصوصا بعد قبول اللجنة التنفيذية إلغاء نائب الامين العام للحزب ، وقبوله بالإجماع من طرف اللجنة التنفيذية لولاية ثانية. نزار بركة سينبعث من جديد، وسيتصالح مع نفسه ومع مكونات حزبه ، لكن بأفكار جديدة ومقاربة جديدة وتدبير جديد للشأن الحزبي الاستقلالي محاط باستقلاليين حقيقيين مخلصين للحزب- المؤسسة، نزار سيدبر الحزب وسيتفاوض في أي تعديل مقبل ليس بنفس طريقة تفاوضه اثناء تشكيل حكومة 2021، لان شروط انتخابه امينا عاما في المؤتمر الاخير الذي أطاح بحميد شباط ليست هي شروط إعادة انتخابه في الموتمر المقبل، وتحكم حمدي ولد الرشيد في الحزب وفي اجهزته لن تبق كما كانت من قبل، لان بركة سيمارس تدبير شؤون الحزب برأس واحد وليس برأسين.
نزار بركة استفاد،وفهم الكثير، واقتنع بأن الزعيم السياسي يجب ان تكون له القدرة على قلب الطاولة في المكان المناسب ،وفي الوقت المناسب ،وان يكون محاطا بمناضلين حقيقيين، ومعتمدا على أجهزة منتخبة ديمقراطيا تقدم الولاء للحزب وليس للاشخاص ،لكون حزب الاستقلال مهما قيل عنه يبقى حزبا تاريخيا، ونزار بركة سيبق كطائر الفنييق مهما قيل عنه.
والحقيقة، يتميز نزار بركة بين زعماء قادة أحزاب التحالف الحكومي الحالي أخنوش ووهبي، بكونه سياسيا حقيقيا وزعيما استراتيجيا، له قناعة بأن مصلحة الوطن أهم من مصلحة الحزب، خصوصا في الظرفية الحالية التي لا تستحمل أي أزمة سياسية أو أي مطالبة برفع سقف المطالب الحزبية.