في خطوة مهمة نحو إصلاح المنظومة التعليمية، قدم وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة محمد سعد برادة عرضاً مفصلاً حول مشروع قانون رقم 59.21 المتعلق بالتعليم المدرسي. جاء العرض خلال عرض مع أعضاء لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب يوم 18 يونيو 2025، حيث استعرض الوزير أبرز مضامين هذا المشروع التشريعي الطموح الذي يهدف إلى إحداث نقلة نوعية في مجال التعليم.
يرتكز مشروع القانون على سبع مرجعيات أساسية، يأتي في مقدمتها الدستور المغربي لسنة 2011 الذي يؤكد على حق المواطنين في التعليم الجيد.
كما يستند إلى الخطب الملكية الداعية لإصلاح المنظومة التربوية، والرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030، والقانون الإطار رقم 51.17، بالإضافة إلى توصيات النموذج التنموي الجديد والبرنامج الحكومي 2021-2026.
يتضمن المشروع جملة من الأهداف الاستراتيجية، أبرزها تعزيز مبدأ إلزامية التعليم الأساسي وتوحيد النصوص التشريعية المتعلقة بالتعليم في نص واحد. كما يسعى إلى تحديد وظائف التعليم المدرسي وتوجهاته الكبرى، ومراجعة هيكلة التعليم بالقطاعين العام والخاص، ووضع قواعد جديدة للهندسة البيداغوجية واللغوية، بالإضافة إلى إرساء آليات حديثة للحكامة التربوية.
يشتمل مشروع القانون على 113 مادة موزعة على عشرة أبواب رئيسية. حيث يتناول الباب الأول الأحكام العامة المتعلقة بوظائف التعليم المدرسي، بينما يخصص الباب الثاني للتوجهات التربوية كترسيخ القيم الوطنية ومراجعة المناهج. أما الباب الثالث فيركز على إلزامية التعليم للأطفال من 4 إلى 16 سنة، مع آليات لدمج المنقطعين عن الدراسة.
يولي المشروع أهمية خاصة للتنظيم الهيكلي للتعليم، حيث ينص الباب الرابع على تقسيم التعليم المدرسي إلى نظامي واستدراكي، مع تحديد أدوار مؤسسات القطاعين العام والخاص. كما يهتم الباب الخامس بالنموذج البيداغوجي من حيث المناهج والبرامج والتقييم، بينما ينظم الباب السادس آليات التنسيق بين مكونات المنظومة التربوية.
على مستوى الحكامة، ينص الباب السابع على آليات تدبير التعليم المدرسي وعلاقته مع المجتمع المدني، مع التركيز على التكوين المستمر للأطر التربوية. ويخصص الباب الثامن لتمويل التعليم العمومي ومنظومة تقييمه، فيما يتناول الباب التاسع البحث والابتكار في المجال التربوي. ويختتم المشروع بأحكام انتقالية وختامية في الباب العاشر.
أكد الوزير خلال العرض أن هذا المشروع التشريعي يأتي استجابة للتحديات التي تواجه المنظومة التربوية، ويمثل إطاراً شاملاً لإصلاح التعليم على أسس الجودة والإنصاف. كما شدد على أهمية التنسيق بين جميع الفاعلين لضمان تنزيل مضامين القانون بشكل فعال، بما يخدم المصلحة العليا للمتعلمين ويحقق أهداف التنمية المستدامة.
وفي إطار الإصلاح الشامل لمنظومة التربية والتعليم، أعلن وزير التربية الوطنية محمد سعد برادة عن آلية تمويل مبتكرة تقوم على مشاركة جميع الشركاء من القطاعين العام والخاص. يأتي هذا التوجه في سياق تعزيز التضامن الوطني والقطاعي لدعم التعليم المدرسي، حيث سيتم إشراك مختلف الفاعلين في تمويل المنظومة التربوية لضمان استدامتها وتطويرها.
كما كشف المشروع عن إجراءات غير مسبوقة لتعزيز الشفافية وضمان جودة التعليم، تشمل إصدار تصنيف سنوي لمؤسسات التعليم المدرسي. سيتم نشر هذا التصنيف عبر جميع الوسائل المتاحة، مما يمكن المواطنين من الاطلاع على أداء المؤسسات التعليمية واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن تعليم أبنائهم.
في سياق ضمان الجودة، أقر المشروع نظاماً متكاملاً للتقييم يشمل آليتين متوازيتين: تقييم داخلي دوري ومستمر يتم وفق برمجة زمنية محددة، وتقييم خارجي مستقل يخضع له التعليم المدرسي بشكل منتظم. هذه الآليات تهدف إلى مراقبة الأداء وتحديد نقاط القوة والضعف في المنظومة التربوية.
ولضمان معايير الجودة، سيتم إعداد دلائل مرجعية بالتعاون مع جميع الشركاء المعنيين. هذه الدلائل ستستند إلى إطار مرجعي موحد للجودة، وسيشمل ذلك جميع جوانب العملية التعليمية من المناهج إلى البنية التحتية، مروراً بالأطر التربوية وطرق التدريس.