يقال أن قوة الحكومات وترسيخ شرعيتها تبرز زمن الأزمات الكبرى، كما أن الشعوب تشعر بالأمان حينما تدرك أن حكوماتها بجانبها لمواجهة هذه الازمات بكل الوسائل.
هذه النظرية سليمة،لأن عظمة المؤسسات والحكومات تتجلى زمن الأزمات، وليس زمن الرخاء، وهذا ما ينطبق علي حكومة أخنوش التي يمكن أن نسجل عليها عدة مؤاخذات ،إلا أن المحلل الموضوعي لا يمكن أن ينكر جهود حكومة اخنوش المتواصلة لمواجهة هذه الازمات المتعلقة بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، و مخلفات فيروس كورونا وتداعيات التقلبات المناخية،وارتفاع أثمنة المحروقات على الحياة المعيشية للمواطن، بهدف حمايته ودعمه بكل الوسائل ،وذلك عبر تسريع تنفيذ الاستراتيجيات الكبرى المتعلقة بضمان الاكتفاء الطاقي وحماية الأمن الغذائي.
فحكومة اخنوش كسائر حكومات العالم، مدركة أنها تمر بمرحلة من «اللايقين الاقتصادي»، وواعية بمخاطر الصدمات المتتالية و ارتفاع الأسعار، وفي نفس الوقت متشبثة بتفعيل كل الالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي، خصوصاً في شقه الاجتماعي.
حكومة اخنوش، رغم كل هذه الأزمات السابقة الذكر،مستمرة في حماية القدرة الشرائية للمواطن والاستثمار في القطاعات الاجتماعية، وتقوية الوظيفة الحمائية.
هذا في ظل التحديات التي فرضتها الأزمة الروسية - الأوكرانية ومرحلة ما بعد (كوفيد)، وتداعيات ضعف التساقطات، وارتفاع اثمنة المحروقات وما لها من تأثير على التوازنات المالية والاقتصادية.
و رغم المرحلة العصيبة التي يمر منها المغرب، يبدو أن رئيس الحكومة المغربية، عازم على مواصلة العمل على توفير الموارد الضرورية لمواجهة التبعات المالية لهذه الظرفية الاقتصادية الصعبة، والحفاظ على توازنات المالية العمومية، وكذا مواصلة تمويل البرامج التي جرى الالتزام بها في إطار قانون المالية (الموازنة)، والتي يأتي على رأسها تعميم الحماية الاجتماعية.
لهذا السبب بالتحديد منحت حكومة اخنوش أولوية قصوى لتتبع كل التطورات المتعلقة بالأسعار، واتخذت مجموعة من التدابير لضمان استقرارها حفاظاً على القدرة الشرائية للأسر المغربية.
في هذا السياق عملت حكومة اخنوش على التنسيق مع المهنيين من أجل ضمان استقرار الأسعار والحفاظ على مستواها المناسب والمعتاد، كما تم وضع مجموعة من المواد الاستهلاكية محل تتبع ومراقبة، مع اتخاذ قرارات صارمة للتصدي لأي تجاوز كيفما كان نوعه.
كما أن الحكومة زودت السوق المغربية خلال شهر رمضان، بالمواد الأولية بشكل منتظم وكافٍ رغم الكلفة المرتفعة ، خصوصاً من المواد الطاقية والغذائية، وخصصت دعماً مادياً لمهنيي النقل، حفاظاً على استقرار أسعار النقل، في مواجهة الارتفاع غير المسبوق لأسعار المحروقات عالمياً، حيث استفاد منه نحو 180 ألف عربة، تنتمي إلى فئات مهنية مختلفة.
وفي هذا الاطار عملت حكومة اخنوش على الرفع من تحملات صندوق المقاصة بما يفوق 15 مليار درهم (1.5 مليار دولار) إضافية، مقارنة بتوقعات قانون مالية سنة 2022، التي كانت قد حددتها في 17 مليار درهم (1.7 مليار دولار)، علما بأن كل المؤشرات الماكرو - اقتصادية نهاية سنة 2021 وبداية سنة 2022، تدل على صمود الاقتصاد الوطني في مواجهة هذه الظرفية الدولية و الوطنية الصعبة.
وعليه، فحكومة عزيز أخنوش رغم الظروف الاقتصادية الوطنية والدولية الصعبة،فهي جادة من أجل توفير السيادة الصحية والغذائية والطاقية للمغرب ، تنفيذاً لتوجيهات الملك محمد السادس، وذلك بالنظر للتحديات المتزايدة التي تفرضها الأزمة الصحية العالمية الحالية من جهة، ولمتطلبات إنجاح الورش الاجتماعي الكبير المتعلق بالحماية الاجتماعية من جهة أخرى.
وموازاة مع ذلك، فالحكومة تواصل إصلاح منظومة التعليم، عبر اتخاذ ما يلزم من تدابير لضمان استعادة المدرسة العمومية لدورها المزدوج في نقل المعرفة والارتقاء الاجتماعي.
هذا إلى جانب تشجيع المبادرة المقاولاتية من خلال توطيد إجراءات المواكبة لفائدة المقاولين الصغار عبر إقرار مجموعة من الإجراءات في إطار إصلاح منظومة الصفقات العمومية، منها الأفضلية في الصفقات العمومية، وتشجيع الاتحادات بين المقاولات، وعقود المناولة.
فضلا عن إعطاء دينامية جديدة لبرنامج انطلاقة وتفعيل برنامج «فرصة» الذي تم إطلاقه يوم 7 أبريل الحالي، والذي يهدف إلى منح قروض شرف من دون فائدة، مع تقديم المواكبة والتوجيه والتكوين، باعتمادات إجمالية تقدر بـ1.25 مليار درهم (125 مليون دولار).
كما أن الحكومة، تبذل مجهودات كبيرة لانعاش التشغيل من خلال استكمال إعداد ميثاق الاستثمار، والرفع من وتيرة الاستثمارات العمومية، بما في ذلك استثمارات صندوق محمد السادس، وتنزيل برنامج أوراش، الذي جرى إطلاقه في كل الجهات والأقاليم والذي خصصت له ميزانية 2.25 مليار درهم (225 مليون دولار) هذه السنة، بالإضافة إلى مواصلة تنفيذ السياسات القطاعية كالجيل الأخضر، والتحول الصناعي، والبنية التحتية، والسياحة، والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي.
لكن،يبقى أهم انجاز لهذه الحكومة هو الاتفاق التاريخي مع النقابات الذي سيعزز مناخ الثقة بين الحكومة والفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديينز
التوصل لهذا الاتفاق أكد مدى حرص الحكومة على تعزيز مناخ التعاون بينها وبين النقابات، ووفائها بالتزاماتها في دعم القدرة الشرائية للطبقة الشغيلة، و السهر على تعزيز حقوقها، من خلال بلورة منظور عملي شامل يعزز المكتسبات ، ويستحضر المصلحة العليا للوطن، ويوحد الجبهة الداخلية لمواجهة مختلف التحديات التي تواجهها البلاد.
اتفاق تاريخي جاء لمأسسة الحوار الاجتماعي كسابقة، هي الأولى من نوعها في بلادنا، وهو ما من شأنه أن يخلق انتظامية في الحوار ويعزز دور المؤسسات، و يقطع مع منطق المناسباتية، و ينسجم مع تعليمات جلالته بمناسبة خطابه في عيد العرش المجيد لسنة 2018، حين أكد أن "الحوار الاجتماعي ينبغي اعتماده بشكل غير منقطع".
نحن لسنا بوقا لأحد ، لكن يجب أن نرسخ ثقافة الاعتراف ،لذا يجب أن لا نستهين بما تم تحقيقه من منجزات لحد الآن من طرف حكومة اخنوش في ظرفية اقتصادية واجتماعية جد صعبة.
اعتراف لا يعفي حكومة اخنوش من مسؤوليتها في تسريع وتيرة ترسيخ الدولة الإجتماعية، وفق ما انتهى إليها تقرير النموذج التنموي، عبر اتخاذ محموعة من الإجراءات والقرارات العمومية التي ستتبناها الحكومة، طيلة ولايتها الانتدابية.
اعتبارا لكون ولاية حكومة اخنوش تعد "ولاية تأسيسية "لتنزيل المحاور الكبرى للنموذج التنموي الجديد وخياراته الاستراتيجية واقتراحاته التدبيرية، لإعادة الثقة في العمل السياسي، وهي ثقة صارت شبه منعدمة نتيجة سياسات الحكومات الإسلامية السابقة .