أصدر الملك محمد السادس العفو على اثنين وعشرين سجينا من بين المحكوم عليهم في قضايا التطرف والإرهاب بمناسبة ثورة الملك والشعب التي تصادف عيد الأضحى، مما فتح النقاش حول دلالة خطوة المؤسسة الملكية للعفو على محكومين بقضايا التطرف والإرهاب.
في هذا الصدد، قال رشيد لزرق الباحث في العلوم السياسية، أن "قرار الملك بإصدار عفو خاص على متهمين بالتطرف والإرهاب أتى بعد الاستعطاف الذي قدمه السجناء لرئيس الدولة، وبدون شك أن العفو جاء نتيجة مراجعتهم للأفكار التي كانوا مقتنعين بها".
وأضاف لزرق في تصريح لـ "بلبريس"، أن العفو تعبير بكون "الوطن مفتوح للجميع شريطة القيام بالمراجعات الضرورية، وأن العقاب في حد ذاته ليس أداة إنتقام بل يسعى للتهذيب"، مبرزا أنهم "مواطنون مغاربة لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وأن الملك أب المغاربة جميعا".
وتابع المتحدثُ ذاته بالقول: بأن "الدليل على أن العقاب ليس أداة انتقام فحينما راجعوا أفكارهم من الناحية الفكرية والسياسية تم العفو عنهم، العفو الخاص يوقف العقاب ولا يمسح الجريمة بالكامل، ومن يطلع على المؤسسات التي شاركت في برنامج مصالحة يرى التنوع بين معيار ديني ومؤسساتي".
وفي نفس السياق، قال محمد عبد الوهاب رفيقي في تدوينة له، أن "العفو الملكي الصادر بحق عدد من معتقلي ملفات السلفية مهم جدا كونه يشمل عددا من معتقلي ملف 86، أكثر الملفات تعرضا للظلم ضمن ملفات 16 ماي، ومن بين المفرج عنهم يوسف أوصالح الذي كان كاتبا محليا لحزب العدالة والتنمية بسيدي الطيبي، ومع ذلك طالته حملة الاعتقال ليقضي 15 سنة من السجن كاملة، هنيئا لهم بالحرية بعد طول اعتقال".
وأشار رفيقي، أن "العفو أيضا طال بعض المعتقلين الذين أبدوا منذ مدة طويلة مواقف مشجعة وصادقة، ومراجعات حقيقية، وغير متورطين بدماء، هنيئا لهم على سلامتهم وإن تأخر الإفراج عنهم لمدة، وبأن العفو الملكي شمل أيضا عددا ممن عارضوا بشدة المبادرات التي طرحت لما كنا بالسجن، واتهموا كل متفاعل معها بأسوأ الأوصاف، لكن يظهر أن الأيام كانت كفيلة لهم بمراجعة مواقفهم وإعادة تصوراتهم، هنيئا لهم المراجعة والإفراج، والعقبى لكل المعتقلين ظلما سواء بهذا الملف أو ملف معتقلي الريف وخاصة الصديق العزيز المرتضى اعمراشا، العقبى لهم لتدخل الفرحة بيوت عوائلهم وأحبائهم وهي فرحة لا يدركها إلا من عاشها".
وجاء في بلاغ وزارة العدل، أن الملك أعفى على "اثنين وعشرين (22) سجينا من بين المحكوم عليهم في قضايا التطرف والإرهاب، الذين شاركوا في الدورة الثانية من برنامج "مصالحة" الرامي إلى إعادة إدماج هؤلاء السجناء ومصالحتهم مع المجتمع، والمنجز بشراكة بين المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، ووزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان، ووزارة العدل، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والرابطة المحمدية للعلماء، ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء".
وأبرز البلاغ أن المبادرة الملكية أتت "استجابة لملتمسات العفو التي دأب هؤلاء السجناء على رفعها إلى الملك بعدما راجعوا مواقفهم وتوجهاتهم الفكرية، وأعلنوا بشكل رسمي نبذهم لكل أنواع التطرف والإرهاب، وتشبثهم القوي بثوابت ومقدسات الأمة، وتعلقهم الراسخ بالمؤسسات الوطنية".
وحسب نفس المصدر، "يتوزع الإثنا والعشرون (22) سجينا المستفيدون من هذه المبادرة، العفو مما تبقى من العقوبة السجنية لفائدة سبعة عشر (17) سجينا، وتحويل السجن المؤبد إلى السجن المحدد لفائدة ثلاثة (03) سجناء، وتخفيض مدة العقوبة السجنية لفائدة سجينين اثنين (02)".