من قلب جوهانسبورغ.. المغرب يحقق اختراقا دبلوماسيا رمزيا وسياسيا في جنوب إفريقيا

في خطوة تحمل دلالات سياسية عميقة، حقق المغرب اختراقاً دبلوماسيا لافتا في قلب جنوب إفريقيا، حيث برزت خريطة المملكة كاملة بشكل واضح خلال أشغال القمة العالمية لأجهزة الرقابة المالية والمحاسبة التي انعقدت في جوهانسبورغ. هذا التطور الرمزي الكبير يتزامن مع تحولات سياسية غير مسبوقة داخل جنوب إفريقيا نفسها، بدأت ترسم ملامح مقاربة جديدة لقضية الوحدة الترابية للمملكة.

الحدث، الذي جمع رؤساء الأجهزة الرقابية العليا لدول مجموعة العشرين، شهد مشاركة مغربية وازنة برئاسة زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات. حضور خريطة المغرب غير منقوصة في هذا المحفل الدولي الرفيع لم يكن تفصيلاً عابراً، بل رسالة واضحة تعكس الاعتراف المتزايد بوحدة المغرب الترابية وثبات موقفه في أروقة صناعة القرار العالمي، حتى في معاقل كانت تُعتبر تقليدياً داعمة لخصومه.

ويكتسب هذا المشهد الدبلوماسي زخماً إضافياً عند وضعه في سياقه السياسي الأوسع. ففي تحول استراتيجي، أعلن حزب "أومكونتو وي سيزوي" الذي يقوده الرئيس السابق جاكوب زوما، دعمه الصريح لمغربية الصحراء ولمقترح الحكم الذاتي كحل واقعي ونهائي للنزاع المفتعل. هذا الموقف، الصادر عن لاعب سياسي رئيسي في جنوب إفريقيا، يمثل تحولاً جوهرياً في المشهد السياسي الداخلي قد يعيد تشكيل الديناميات الإقليمية المتعلقة بالقضية.

وبهذا، تبدو الدبلوماسية المغربية وكأنها تحصد ثمار استراتيجية هادئة وفعالة، لا تقتصر على المواجهة السياسية المباشرة فحسب، بل تمتد لتشمل إثبات الحضور والريادة في مجالات استراتيجية كالحوكمة والتنمية، وهو ما مثلته مشاركة المجلس الأعلى للحسابات. إن تزامن عرض الخريطة الكاملة في جوهانسبورغ مع الموقف الجديد لحزب زوما، يرسم ملامح مرحلة جديدة قد تشهد تآكل الموقف التقليدي لبريتوريا، ويعزز من عزلة خصوم الوحدة الترابية للمملكة على الساحة الإفريقية والدولية.