تقرير إخباري | " إكديم إيزيك ".. تسع سنوات لـ"جرح مفتوح"

مرت تسع سنوات على أحداث "إكديم إيزيك" المأساوية التي عرفتها مدينة العيون، والتي راح ضحيتها أحد عشر عنصرا من رجال الدرك الملكي والوقاية المدنية على يد "إنفصالي" جبهة البوليساريو.

"مخيم إكديم إيزيك"، كان عبارة عن احتجاجات بمطالب إجتماعية، متعلقة ببطائق الإنعاش تحولت فجأة لاحتجاجات بمطالب سياسية "إنفصالية".

ولكن تفرقة المخيمات لم تكن سهلة، حيث فوجئت القوات العمومية بهجوم أشخاص من ذوي السوابق مناصرين للجبهة "الإنفصالية"، وحينها تحولت التفرقة إلى دماء سالت برمال الصحراء المغربية .

أم مكلومة..فقدان ولا "إلتفاتة"

والدة بدر الدين الطوراهي، أحد ضحايا الأحداث المأساوية تروي بكلمات مؤثرة "فقدنا أبنائنا والجهات المسؤولة لا تكرث لمعاناتنا النفسية، بالفعل أخد المتهمون جزاءهم ولكن العائلات يعانون من أزمات نفسية كبيرة بدون جبر للضرر "مضيفة "كانت فقط هناك تعويضات عادية .. وأبناؤنا شهداء لهذا الوطن".

وتتابع الوالدة المكلومة لـ"بلبريس" "إبني توفي وهو يدافع على هذا الوطن وذكرى وفاته بالنسبة إلي هي كل يوم كل ساعة أمام أعني" .

وتختم الأم "أحد عشرة شابا من خيرة هذا الوطن قتلو في تلك الأحداث الأليمة دفاعا عن هذا الوطن" .

متهمون يستحقون أكثر

أما والد أنس بلهواري أحد ضحايا أحداث إكديم إيزيك يقول "الأحكام الصادرة في حق المتهمين كانت صائبة، ويستحقون أكثر ..وذكرى أحداث إكديم إيزيك الأليمة بدأت تخفت مع مرور الوقت، بالرغم من أنه مرتبط بالقضية الوطنية الأولى" .

 

وعبر والد الضحية الذي يفتقد لإبنه للسنة التاسعة تواليا عن متمنياته أن "يكون الثامن من نونبر يوما وطنيا للشهيد، من أجل أن تكون التفاتة إنسانية تجاه العائلات التي فقدت أبناءها ".

جريمة "داعشية"

من جانبه  يصف والد الدركي أيت علا صدمة تلقيه لخبر وفاة إبنه المنتمي لجهاز الدرك الملكي "لن ننسى ذلك اليوم الذي تلقينا فيها الخبر وكان كالصاعقة بالنسبة لنا كعائلات، واهتز له الرأي العام الوطني والدولي للطريقة البشعة و"الداعشية" التي قتل بها أبناؤنا".

ويتابع أيت علا لـ"بلبريس"كانت صدمة ونحن نشاهد أبناؤنا كيف قتلو في فيديوهات بتث على القنوات التلفزية، ولا يستطيع الإنسان أن يرى بشاعة المشاهد التي توثق لحادث إكديم إيزيك الأليم".
ويتساءل المتحدث "لماذا تم تجاهل هذه القضية في الوقت الذي يتجول الخصوم شرقا وغرقا مدعين المضلومية في هذا الملف ويتباهون بالنضال؟".
ويطالب أب الدركي المتوفي قبل سنوات "الدولة بإنصاف عائلات الضحايا وجبر الضرر بالنسبة لهم ولاسيما أنه كانو معيلي هذه الأسر" مضيفا "ولا نريد تسيس هذه القضية".

تعويضات غير منصفة

أما عضو دفاع ضحايا أحداث "إكديم إيزيك" نوفل البعمري يقول" يوم الـ8 نوفمبر 2019 تكون قد مرت تسع سنوات على الأحداث الأليمة و الوحشية التي تعرض لها أفراد من القوات المساعدة و الدرك الملكي و الوقاية المدنية،و هي الأحداث مازالت جروحها لم تندمل بالنسبة لأسر الضحايا الذين فقدوا فلذات أكبادهم، و منهم من تيتم و ترمل، أحداث نظرا لطبيعتها الإجرامية جعلت من جرحها يظل غائرا في نفوس أسر الضحايا ممن يعانون في صمت سواء اجتماعيا أو نفسيا، و هم في حاجة إلى التفاتة رسمية اتجاههم تجبر الضرر اللاحق بهم جراء فقدان اب او زوج أو ابن أو اخ، التفاتة إنسانية تشعرهم أنه لم يتم التخلي عنهم و أنهم في حضن الوطن و تحت رعايته."
وحول أطوار المحاكمة يضيف المحامي لـ"بلبريس" "بالعودة للمحاكمة فقد شهدت عدة منعرجات تميزت بها و ميزتها عن المرحلة السابقة، أي مرحلة المحكمة العسكرية التي قضت بإدانتهم ليتم نقض الحكم و تعاد محاكمتهم أمام محكمة مدنية و هي محكمة الإستئناف بالرباط في غرفتها الجنائية حيث استفاد المعتقلين من التعديل الطارئ على قانون العدل العسكري الذي لم يعد ينظر في الملفات التي أطرافها مدنية و أصبحت مختصا فقط بمحاكمة العسكريين، لذلك تم إحالة ملفهم على محكمة مدنية،هنا يمكن القول أن ما طبع المحاكمة هو ان الهيئة فيها اعملت جل قواعد المحاكمة العادلة،فالمحكمة وفرت تراجمة للملاحظين الاجنبيين، و حافظت على علنية المحاكمة التي تابعها أسر الطرفين، كما حافظت على نفس المسافة من الأطراف، و قضت في ملف إجراءاته جد معقدة في ظرف زمني معقول، و استجابت لمختلف الملتمسات التي تقدم بها الأطراف بما فيها طلب إجراء خبرة طبية للتأكد من واقعة التعذيب التي ادعاها المعتقلين ليثبت زيفها و يتأكد بموجب الخبرة التي أنجزت في احترام تام لبروتوكول اسطنبول ان واقعة التعذيب هي مجرد ادعاء غير حقيقي، ادعاء كاذب و حتى بعض الندوب التي حملها بعض المعتقلين الخبرة أكدت الا علاقة لها باعتقالهم بل منها ما هو راجع لحوادث قديمة تعرض لها المعتقلين، كما أن المحكمة استجابت لطلب استدعاء الضابطة القضائية التي أنجزت محاضر المعتقلين أثناء مرحلة البحث معهم ليتأكد أمام الملاحظين الدوليين زيف ادعاءات المعتقلين و أنها محاضر أنجزت في ظروف عادية و تم استجوابهم من طرف المحكمة و الدفاع حول التحقيق و البحث الذي أنجز معهم، إضافة إلى إجراءات أخرى جعل من مختلف معايير المحاكمة العادلة متوفرة في محاكمة إكديم إيزيك و أكثر."

وخلص المتحدث إلى أن "الملف بالنسبة لنا كدفاع أسر الضحايا اعتبرناه غير منصف من حيث التعويضات المادية و قمنا بنقضه،كما قام الطرف الآخر بنقضه، لكن كمحاكمة لا يمكن إلا أن نقول عنها أنها حافظت اجرائيا على مختلف حقوق الدفاع للطرفين و طبقت القانون تطبيقا سليما".

الملف لا يهم الدولة فقط

ويقول رئيس جمعية ضحايا أحداث إكديم إيزيك ، احمد اطرطور، "المحاكمة كانت عادلة، لكن الملف بعد صدور الأحكام تم تجاهله".
ويحدد المتحدث لـ"بلبريس" "الملف لا يخص فقط عائلات الشهداء ولكن يهم الجميع بما فيهم الدولة" .

و"يلزم استغلال الملف من أجل القضية الوطنية، لأن هؤلاء الشهداء ماتو من أجل الصحراء المغربية" يقول أطرطور .

وحول مشاركة التنسيقية في التعريف بالقضية يشدد المتحدث بإسم الجمعية ورئيسها "سبق لنا وأن إلتقينا بمجموعة من المراقبين الدولين، بما فيهم الممثل الأممي كريستوف روس والأخير أكد لنا أنه مقتنع بالقضية" مضيفا "شاركنا كجمعية في مجلس حقوق الإنسان بجنيف وتم التصدي لأطروحة الإنفصاليين ومن يدعمون الأطروحة وهؤلاء القتلة".

وطالب أطرطور"الدولة المغربية والمهتمين بهذا الملف المساعدة لتكون الممثل المغرب في الملتقيات الحقوقية ولاسيما مجلس حقوق الإنسان للتعريف بالملف ولضحض لأطروحة أعداء الوحدة الترابية" متابعا " يلزم على الدولة المغربية بكل مؤسساتها الالتفاتة للعائلات التي تعد حقا من حقوقها والتي هي جبر الضرر".

"يوم الشهيد"

وفي بيان لتنسيقية ضحايا أحداث إكديم إيزيك أشارت عائلات الضحايا  “تنسيقية عائلات وأصدقاء ضحايا أحداث اكديم إيزيك”، في بيان توصلت به "بلبريس"، إلى أنها “تستحضر التضحيات الكبيرة التي قدمها شهداء الوطن في هذا اليوم الحزين من تاريخ المغرب” وأسر 11 عنصرا من رجال القوات المساعدة، والدرك الملكي وأفراد الوقاية المدنية، الذين مثل بجثتهم وتعرضت أجسادهم للتدنيس من قبل الانفصاليين.
وأكدت التنسيقية على “استمرار معاناة أسر الشهداء، الذين يحتاجون أكثر من ذي قبل إلى المصاحبة النفسية والاجتماعية خاصة لأبناء الشهداء وأراملهم، الذين يعيش أغلبهم أوضاعا مأساوية تحتاج لالتفاتة قوية وحقيقية، ولتكريم رسمي يضمد جراحهم التي لم تندمل بعد”.

وطالبت التنسيقية بجعل يوم 8 نونبر یوما وطنيا رسميا “يوم الشهيد”، لاستحضار التضحيات الجسام التي قدمها الشهداء فداء للوطن وحماية له ولأمنه.
وأضاف البيان “نؤكد على ضرورة الالتفات إلى المعاناة الاجتماعية التي تعيشها أسر شهداء إكديم إيزيك خاصة وأن جلهم فقدوا مورد رزقهم”.
كما دعت التنسيقية الإعلام الوطني إلى مواصلة تسليط الضوء على ملف الشهداء وضمان “متابعة دورية”، خاصة وأن هذه الأحداث “كانت جزءا من مؤامرة كبرى تعرض لها المغرب في ظل أجندة نشر الفوضى في المنطقة”.
واستنكر المصدر ذاته تحويل الجناة والمجرمين من مرتكبي الأفعال الإجرامية الخطيرة بواقعة إكديم إيزيك إلى “أبطال” و”رموز”.
وفي هذا الصدد، أكدت التنسيقية على “أهمية استمرار طرح الملف في مختلف أجهزة الأمم المتحدة وعلى رأسها مجلس حقوق الإنسان بجنيف، بهدف تنظيم محاكمة رمزية وحقوقية للجناة ولمحرضيهم الرئيسيين من قيادة البوليساريو ومن يقفون وراءهم”.

محاكمة بعيون "دولية"

من جانبهم وصف مراقبون دوليون جلسة محاكمة 23 متهما في أحداث مخيم " إكديم إيزيك " بالصحراء ، بأنها "عادلة ومتوزانة" .
وقال النقيب بيير ليكروس، خلال ندوة صحفية بالرباط، إن المحكمة "فحصت الوقائع المنسوبة لكل متهم دون أن تتأثر بضغوط دفاع المتهمين" .

وإن المحاكمة "احترمت جميع الضمانات المنصوص عليها في القانون الدولي"، فيما قال المحامي هوبير سيلان إن "الحكم متوازن ويأخذ بعين الاعتبار الوقائع المنسوبة للمتهمين بشكل انفرادي"
وتابع المحامي، أن متتبعي المحاكمة كانوا "أمام دعوى جنائية يفترض أن تحاكم أفعالا إجرامية يدينها القانون لا أفكارا سياسية".
فيما قال أندري مارتين كارونكوزي، محامٍ بلجيكي-رواندي، إن المراقبين تابعوا "مسارا من الشفافية يحترم ضمانات ومعايير القانون الدولي"، وأن المحاكمة "جرت في أفضل الظروف".

بين المؤبد والمحدد

وكانت محكمة الاستئناف بسلا قد أصدرت قبل أكثر من سنتين حكمها بالنسبة للمتهمين المتورطين في واقعة إكديم إيزيك .
الأحكام الصادرة، توزعت بين المؤبد في حق بعض المتهمين، و30 سنة و20 سنة سجنا في حق سجناء آخرين.
وفيما يلي لائحة أسماء المتهمين والأحكام الصادرة في حقهم:

المؤبد:
- ابهاه سيدي عبد الله
- إبراهيم الإسماعيلي
- باني محمد
- بوتنكيزة محمد البشير
- العروسي عبد الجليل
- الخفاوني عبد الله
- المجيد سيدي أحمد
- أحمد السباعي
- عاليا حسنة (يوجد في حالة فرار بإسبانيا)

30 سنة سجنا نافذا:
- أصفاري النعمة
- بانكا الشيخ
- بوريال محمد
- الداه الحسن

25 سنة سجنا نافذا:
- بوبيت محمد خونا
- الديش الضافي
- البكاي العربي
- الفقير محمد مبارك
- هدي محمد لمين
- لحسن الزاوي
- عبد الله التوبالي
- محمد التهليل

20 سنة سجنا نافذا:
- محمد الأيوبي (متابع في حالة سراح مؤقت)
- خدا البشير
وقضت المحكمة ذاتها في حق كل من التاقي المشضوفي وسيدي عبد الرحمان زيو، حكما بما قضيا.