دخلت مالي، الثلاثاء 22 يوليوز 2025، في مرحلة حديدة في علاقاتها مع الجزائر، من خلال تسليم مشروع “الميثاق الوطني للسلام والمصالحة” إلى رئيس المرحلة الانتقالية في قصر كولوبا، في خطوة وصفت بالمفصلية، إذ تنهي رسميا عهد اتفاق الجزائر الموقَّع سنة 2015 وتفتح الباب أمام مرحلة سياسية وأمنية جديدة.
الميثاق الجديد، الذي جاء ثمرة مشاورات شملت مختلف مناطق البلاد والجاليات بالخارج على مدى أكثر من ستة أشهر، يرتكز على رؤية داخلية بحتة تقوم على القيم الوطنية والثقافية، بعيدا عن أي وساطات خارجية.
واعتبر رئيس لجنة الصياغة، عثمان إسوفي مايغا، الوثيقة “جامعة”، ومبنية على دستور 2023، ومرتكزة على مبادئ مثل النزاهة والعدالة والتضامن.
السلطات الانتقالية وصفت الخطوة بأنها “لحظة تاريخية” لاستعادة زمام المصالحة الوطنية، مؤكدة أن الميثاق يشكل أداة لإعادة بناء الدولة وتعزيز التماسك الاجتماعي في ظل التحديات الأمنية والانقسامات التي عرفتها مالي لسنوات، خاصة في الشمال والوسط. كما أعلنت عن إطلاق حملة تواصلية واسعة لشرح مضامين الوثيقة وضمان انخراط مختلف الفاعلين فيها.
وفي هذا السياق، يرى الدكتور إسماعيل أكنكو، الباحث في العلوم القانونية و السياسية، أن “القرار جاء في ظل التوتر القائم بين المجلس العسكري الحاكم منذ 2021 والموقعين على اتفاق الجزائر، ومن ضمنهم حركة تحرير أزواد”، مشيرا إلى أن التدهور بدأ فعليا منذ انسحاب بعض الحركات الموقعة مما أدى إلى انخفاض منسوب الثقة بين الأطراف، إلى جانب رفض السلطات المالية لما تعتبره “وصاية خارجية”.
وأكد أكنكو، في تصريح لبلبريس أن “الميثاق الجديد يمثل بديلا لاتفاق الجزائر وتكريسا لمركزية الدولة في مالي، غير أنه حذر من أن الانسحاب من الاتفاق قد يؤدي إلى متاعب دبلوماسية وسياسية على الصعيد الدولي، ويضعف الحوار بين مختلف أطياف الشعب المالي”.
وأضاف أن “الخطوة، رغم ما تحمله من مزايا في تحريك ديناميات جديدة بمنطقة الساحل، قد تفضي إلى إرباك التوازنات الإقليمية، حتى وإن ساهمت في إعادة تموقع استراتيجي لمالي”.
ويمثل الميثاق قطيعة واضحة مع اتفاق الجزائر، الذي اعتبرته القيادة الحالية إطارا “مفروضا من الخارج” ولم يعد يواكب المتغيرات السياسية والميدانية في البلاد”.
وكان الاتفاق، الذي رعته الجزائر عام 2015 بدعم دولي، قد جمع الحكومة المركزية بحركات أزوادية في الشمال، إلا أن استمرار النزاعات والعمليات المسلحة كشف عن محدودية فعاليته في تحقيق الاستقرار.