رفع الحد الأدنى للأجور بالمغرب: خطوة اجتماعية محفوفة بتحديات اقتصادية

سلط تقرير صادر عن منظمة “فريديريش ناومان” الألمانية الضوء على المبادرة الأخيرة للحكومة المغربية، والقاضية برفع الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص بنسبة 10%، وهي خطوة انتظرتها الشغيلة المغربية طويلًا في ظل الارتفاع المتزايد لتكاليف المعيشة.

 

بين العدالة الاجتماعية والفعالية الاقتصادية

 

التقرير، الذي أعده الباحث في الشؤون الاقتصادية محمد مطيع، أشار إلى أن تحقيق التوازن بين العدالة الاجتماعية ومتطلبات الاقتصاد يمثل التحدي الأبرز أمام صناع القرار. إذ أن الزيادة في الأجور، رغم وجاهتها من منظور اجتماعي، قد تدفع بعض المقاولات إلى اللجوء للتشغيل غير المهيكل، ما يؤدي إلى حرمان عدد من الأجراء من حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية.

 

تداعيات محتملة على سوق الشغل

 

ورغم الإشادة بتقدم المغرب في تحسين البنية التحتية ومناخ الأعمال، نبه التقرير إلى استمرار معضلة بطء خلق فرص العمل، بفعل العراقيل الإدارية المرتبطة بالتوظيف والتسريح، إضافة إلى قيود تنظيمية تحد من مرونة السوق.

 

وفي هذا السياق، اعتبر التقرير أن الحد الأدنى للأجور في المغرب يُعد من الأعلى في منطقة شمال أفريقيا، ما يجعل الزيادة الجديدة عبئًا على كاهل المقاولات، خاصة الصغيرة منها، التي قد تجد نفسها مضطرة إلى تقليص عدد العمال أو ساعات العمل، أو حتى تجميد عمليات التوظيف.

 

غياب التمييز المجالي وتأثيره على المقاولات

 

انتقد التقرير اعتماد حد أدنى موحد للأجور على المستوى الوطني، دون الأخذ بعين الاعتبار التفاوتات الجغرافية والاقتصادية بين الجهات. فإذا كان هذا الحد معقولًا في المدن الكبرى، فهو يُشكل عبئًا ثقيلًا على المقاولات في المناطق الريفية والهامشية.

 

مخاطر على الاستثمار والإنتاجية

 

وحذر التقرير من أن الضغط المتزايد على التكاليف قد يدفع بعض المقاولات إلى تقليص استثماراتها في التكنولوجيا والتكوين وتجديد الوسائل الإنتاجية، ما من شأنه أن يؤثر سلبًا على الإنتاجية ويقوّض جهود المغرب في تعزيز صناعاته الوطنية وتحقيق قيمة مضافة، في سياق تنافسي دولي متسارع.

 

دعوة إلى رؤية شاملة لخلق فرص الشغل

 

وفي تفاعل مع الأهداف الحكومية في إطار خطة الإنعاش الاقتصادي والشغل في أفق 2030، دعا التقرير إلى بلورة سياسات شمولية تتجاوز التركيز على الأجور، وتشمل تحسين جودة التعليم، وربط التكوين المهني بحاجيات السوق، وتسهيل ولوج النساء والشباب إلى سوق العمل عبر دعم المبادرات الذاتية والاقتصاد التضامني.

 

 

 

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *