لشكر يدعو قيادة “الوردة” للصمت.. ولا تصريحات إلا بعد التشاور معه

أفادت مصادر قيادية داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لـ”بلبريس” أن أول اجتماع للمكتب السياسي بعد انعقاد المجلس الوطني الأول، والذي ترأسه الكاتب الأول إدريس لشكر صباح اليوم بالمقر المركزي للحزب بالرباط، اتسم بتوجيهات صارمة همّت بالأساس تدبير التواصل والمواقف السياسية خلال المرحلة المقبلة.

وحسب المصادر نفسها، فقد طلب الكاتب الأول لـ”الوردة” إدريس لشكر من أعضاء المكتب السياسي الجدد الامتناع عن التعليق أو التصريح بخصوص تعيينهم، سواء عبر وسائل الإعلام أو أيضا في حساباتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، وعدم الخوض في أسباب غياب أسماء من المكتب السياسي السابق، مع التشديد على ضرورة تجنب أي تصريحات سياسية، بما فيها المواقف من الحكومة وقراراتها، إلا بعد استشارته وأخذ الإذن المسبق منه، مؤكدا أنه المُعبر الوحيد عن مواقف الحزب في الظرف الراهن.

ويأتي هذا التوجه في سياق سياسي وتنظيمي دقيق يعيشه الحزب، عقب التشكيل الجديد لمكتبه السياسي، والذي أعاد إلى الواجهة نقاشا قديما داخل الاتحاد الاشتراكي وخارجه حول طبيعة هندسة القيادة وحدود التداخل بين القرابة العائلية والاختيار التنظيمي. فقد أثارت التركيبة الجديدة تساؤلات واسعة بشأن منطق الاستمرارية المعتمد، وإعادة توزيع المواقع داخل الأجهزة القيادية، وضبط موازين القوة، في سياق اتسم بإزاحة أو تحجيم عدد من الوجوه التي راكمت حضورا تنظيميا وإعلاميا داخل الحزب.

 

وترى مصادر اتحادية في حديث لـ”بلبريس” أن الصمت المفروض على أعضاء المكتب السياسي لا يمكن فصله عن الجدل الذي رافق الإعلان عن الأسماء الجديدة، خاصة في ظل بروز حضور لافت لأبناء وبنات قيادات اتحادية تاريخية، وأقارب مباشرين لقيادات وازنة، في مقابل غياب أسماء أخرى كانت تشكل مراكز ثقل داخل الحزب. وهو ما غذّى قراءة تعتبر أن القيادة الحالية تسعى إلى تطويق النقاش العمومي حول شرعية هذه الاختيارات، وضبط إيقاع التواصل الحزبي بشكل مركزي.

ويعزز هذا التصور ما جرى تداوله حول الطريقة التي تم بها اقتراح بعض الأسماء لعضوية المكتب السياسي، خارج المسارات التنظيمية التقليدية، وبقرارات مباشرة من الكاتب الأول، وهو ما كشفته تصريحات وتدوينات صادرة عن أعضاء أقروا بغياب الشروط التنظيمية المتعارف عليها، مقابل حضور الحسم السياسي الفردي.

كما أن إعادة توزيع المسؤوليات داخل الإعلام الحزبي، وما رافقها من إبعاد أو تحجيم لوجوه بارزة، فُهمت بدورها في إطار إعادة ترتيب مراكز القرار، بما يضمن انسجاما أكبر مع اختيارات القيادة الحالية، ويحد من أي تعبير مستقل قد يخرج عن الخط المرسوم.

في المقابل، دافع إدريس لشكر، خلال كلمته أمام المجلس الوطني المنعقد نهاية الأسبوع الماضي، عن اختياراته التنظيمية، معتبرا أن الحزب يدخل مرحلة جديدة بروح “الأسرة الاتحادية”، القائمة على التوفيق بين الاختلاف والتوافق، وعلى التنافس المشروع والزهد في المواقع, مؤكدا أن التشكيلة المقترحة راعت معايير الكفاءة والقيمة المضافة، وأن الأنظمة الحزبية، رغم محدوديتها، لا تسمح بتمثيل كل الكفاءات، مبرزا أن الرهان الأساسي يتمثل في تقوية البناء المؤسسي وتطوير أدوات الاشتغال بما ينسجم مع التحولات السياسية والتقنية.

غير أن هذا الخطاب لم ينجح في امتصاص حالة التململ التي بدأت تطفو إلى السطح، من خلال سلسلة استقالات وانسحابات من هياكل الحزب، شملت منسقين جهويين وأعضاء في المجلس الوطني وهيئات موازية، والذين عبّر بعضهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، عن خيبة أملهم من مخرجات التشكيل الجديد، وعن إحساسهم بالإقصاء أو بتهميش مناطق وجهات بعينها.

وفي هذا السياق، ترى مصادر داخل ثالث القوى السياسية في البلاد، أن قرار إدريس لشكر احتكار التعبير السياسي باسم الحزب، في هذه المرحلة بالذات، يعكس احتكارا للقرار الحزبي، ومحاولة لاحتواء تداعيات التشكيل الجديد، ومنع تحول النقاش الداخلي إلى مادة خلاف علني قد يفاقم منسوب التوتر كما يعكس، في الآن نفسه، أسلوبا في القيادة يقوم على المركزية الشديدة، وعلى إدارة التوازنات الداخلية عبر ضبط الخطاب، وتأجيل الحسم في القضايا الخلافية، في انتظار استقرار المشهد الداخلي.

 

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *