البام يفرز مرشحي 2026 سراً وبهدوء بتوجيه من المنصوري

في كواليس هادئة وخلف الأبواب المغلقة، بدأت فاطمة الزهراء المنصوري، المنسقة الوطنية للقيادة الثلاثية لحزب الأصالة والمعاصرة، أولى خطواتها العملية استعدادًا للاستحقاقات التشريعية لسنة 2026، من خلال الشروع في اختيار وكلاء لوائح الحزب عبر مختلف الدوائر الانتخابية، وسط صمت إعلامي وتنظيمي لافت.

خطوة تعكس، حسب مصادر حزبية، رغبة المنصوري في الابتعاد عن "الدعاية السياسية الرخيصة" التي عادة ما تطغى على تحضيرات ما قبل الانتخابات، في سبيل ضبط عملية الانتقاء وفق معايير داخلية صارمة تراعي التوازن بين الكفاءة والتمثيلية.

وبينما تتكتم القيادة على الأسماء المرشحة، تشير المعطيات إلى أن الحزب بات قريباً من الحسم في الغالبية الكبرى من وكلاء اللوائح، خاصة في الدوائر التي لا تعرف إشكالات محلية كبيرة أو تنافساً داخلياً محتدماً. وفي المقابل، تم تأجيل الحسم في بعض الأسماء والدوائر إلى وقت لاحق، وذلك بسبب طبيعة المشهد السياسي في مناطق معينة، وعلى رأسها بعض الأقاليم الجنوبية، مثل العيون، إلى جانب مدن استراتيجية كطنجة ووجدة، وبعض المقاطعات الكبرى بالدار البيضاء.

ووفق مقربين من دوائر القرار الحزبي، فإن فاطمة الزهراء المنصوري تعتمد، في هذه المرحلة، أسلوباً حذرًا وهادئًا في التعاطي مع الترشيحات، إدراكًا منها لحساسية المرحلة ودقة التوازنات داخل الحزب، خاصة في ظل القيادة الثلاثية التي تفرض نوعاً من التوافق بين مختلف التيارات الداخلية. كما تُراهن القيادة على ضخ دماء جديدة في بعض الدوائر، في محاولة لإعادة تموقع الحزب وتعزيز حضوره التنافسي في أفق استحقاقات 2026 التي يُرتقب أن تكون حاسمة في رسم خريطة الأغلبية المقبلة.

ويرى مراقبون أن اختيار المنصوري لتدبير هذا الورش في الظل، يعكس رغبة في تجاوز صراعات التموقع المبكر داخل الحزب، وتفادي "حروب الترشيحات" التي لطالما غذت الخلافات الداخلية في محطات سابقة، سواء داخل الأصالة والمعاصرة أو غيره من الأحزاب الكبرى. وتؤكد ذات المصادر أن منهجية الاشتغال الحالية تسير بتنسيق مباشر مع باقي مكونات القيادة الثلاثية، ضمن رؤية تسعى إلى ترسيخ الانضباط الحزبي وتفادي أي ارتباك قد يؤثر على استعدادات الحزب في آخر لحظة.

وفي انتظار الإفصاح الرسمي عن الأسماء، يظل الترقب سيد الموقف داخل الهياكل الحزبية الجهوية والمحلية، خاصة أن عدداً من الطامحين للترشح ينتظرون إشارات حاسمة بشأن موقعهم في خارطة الترشيحات، في وقت يشدد فيه المكتب السياسي على اعتماد معايير أكثر صرامة مما كان عليه الأمر في الاستحقاقات السابقة، من قبيل الأداء السياسي، ومدى القرب من المواطنين، والقدرة على تمويل الحملة الانتخابية بشكل مستقل، دون الاتكال على "الآلة التنظيمية المركزية".

وبذلك، يفتتح حزب الأصالة والمعاصرة مبكرًا سباقه نحو 2026، في وقت لا يزال فيه عدد من الأحزاب الأخرى لم تُنهِ بعد تقييمها للاستحقاقات السابقة، ما يمنح "الجرار" نقطة تقدم محتملة في التحضير والاستعداد لواحدة من أبرز المحطات الانتخابية في تاريخ المغرب السياسي الحديث.