طالبت إليزابيث مور أوبين، سفيرة الولايات المتحدة لدى الجزائر، يوم الخميس الماضي، من وزارة الخارجية الجزائرية، تفسيرات بشأن التصريحات العدوانية الأخيرة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون. وكان تبون قد أكد، قبل أربعة أيام، أن الجيش الجزائري جاهز لدخول غزة، بشرط أن تفتح مصر حدودها.
هذا الموقف أثار غضب الإدارة الأمريكية، خصوصاً في ظل الحملة الانتخابية التي يخوضها تبون سعياً للفوز بولاية ثانية. فبدلاً من التركيز على برنامجه السياسي خلال خطاب إطلاق حملته الانتخابية في قسنطينة، أدلى بتصريحات مثيرة للجدل حول إرسال الجيش الجزائري إلى غزة، مما دفع السفيرة الأمريكية للتحرك بسرعة.
إزاء هذه التصريحات الشعبوية الخطيرة، شعرت الإدارة الأمريكية بضرورة الرد، حيث توجهت السفيرة إليزابيث مور أوبين في الساعات الأولى من يوم الخميس إلى مكتب وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف للتعبير عن رفض واشنطن القاطع لتصريحات تبون. ويبدو أن اللقاء كان محرجاً للسلطات الجزائرية، إذ اضطرت وزارة الخارجية إلى إصدار بيان يُظهر تراجعاً عن الموقف العدواني، مشيرة إلى "النزعة السلمية" التي تتبناها الجزائر.
في بيان الخارجية الجزائرية، الذي صدر عقب اللقاء، تم استقبال السفيرة الأمريكية لبحث القضايا الثنائية وتطورات الأوضاع في الشرق الأوسط. كما جدد عطاف خلال اللقاء التزام الجزائر بالمساهمة في إيجاد حلول سلمية للأزمات الدولية.
هذا البيان يمثل أول رد فعل رسمي من الجزائر على تصريحات رئيسها، وجاء تحت ضغط أمريكي، مما أحرج النظام الجزائري بشكل كبير، لا سيما في خضم الحملة الانتخابية. ونتيجة لذلك، لم يعقد تبون أي تجمع انتخابي بعد هذه الحادثة، ربما خوفاً من ردود فعل غاضبة من الشعب الجزائري.
من الجدير بالذكر أن تبون كان قد أكد في مقابلة سابقة مع وسائل الإعلام العمومية في مارس الماضي أن "الجزائر لن تنحني لأحد"، لكن تصريحاته الأخيرة وتفاعل السفيرة الأمريكية معها أظهرت ضعفاً ملحوظاً في موقفه.
يُذكر أن هذا ليس اللقاء الأول بين السفيرة الأمريكية ووزير الخارجية الجزائري، إذ كانت السفيرة قد توجهت إلى الوزارة في نهاية يوليوز الماضي بعد أن أعلنت في مقابلة أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء هو "واقع تاريخي". هذا التصريح كان صفعة أخرى للنظام الجزائري، الذي تجرع الإهانة مرة أخرى في صمت.