لماذا تفضل إسبانيا هيدروجين المغرب على الجزائر في مشروع العمود الفقري للهيدروجين الأوروبي؟

قال تقرير حديث صادر عن مبادرة "العمود الفقري للهيدروجين الأوروبي" إن إسبانيا تفضّل هيدروجين المغرب على ذلك القادم من الجزائر، كما كان مقررًا في مشروع سابق لمدريد.

وبحسب التقرير، المنشور في 13 يوليو/تموز 2023، فإن إسبانيا ستعتمد على الجزء الذي يربطها بالمغرب من خلال خط أنابيب "المغرب العربي وأوروبا" في عمليات تصدير الهيدروجين واستيراده حتى عام 2040، وفق تقرير نشرته صحيفة "إل بريوديكو دو لا إنرجيا" elperiodicodelaenergia الإسبانية، واطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وقدمت مبادرة العمود الفقري للهيدروجين الأوروبي "إي إتش بي" نسخة محدّثة من رؤيتها للبنية التحتية لنقل الهيدروجين في أوروبا، والتي أشارت إلى أن الخريطة الجديدة لن تربط إسبانيا بخط أنابيب "ميدغاز" الذي يتصل بالجزائر عبر ألميريا، بينما تفضّل هيدروجين المغرب عوضًا عن ذلك.

ما الحقيقة؟

كشفت مصادر في تصريحات إلى منصة الطاقة، عن أن التقرير المنشور والمنسوب إلى مبادرة العمود الفقري للهيدروجين الأوروبي غير صحيح تمامًا؛ إذ إن الحديث عن تفضيل إسبانيا هيدروجين المغرب، وإلغاء خطط استيراد الوقود الأخضر من الجزائر، أمر سابق لأوانه.

ووصفت المصادر، في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة، التقرير المنشور بأنه غير منطقي تمامًا، موضحة أن العلاقات السياسية بين البلدين -بالفعل- ليست في أفضل حال، ولكن العلاقات الاقتصادية ما زالت مستمرة.

وأوضحت المصادر أن العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وإسبانيا تحقق مصلحة الطرفين، والدليل على ذلك هو استمرار تصدير الغاز الطبيعي باتجاه مدريد، من خلال خط أنابيب ميدغاز، بجانب استمرار شحنات الغاز المسال بينهما؛ لذلك ليس من المنطقي الحديث عن تفضيل هيدروجين المغرب على حساب الجزائر.

وكانت واردات إسبانيا من الغاز المسال قد تراجعت في شهر يونيو/حزيران 2023، بنسبة 22.5% إلى نحو 21.3 تيراواط/ساعة، لتمثّل 74.6% من إجمالي واردات الغاز، إلا أنها حافظت على استمرار الشحنات من كل من الجزائر ومصر وقطر، التي جاءت في الصدارة بعد واردات الغاز الروسي.

وسجّلت واردات إسبانيا من الغاز، بما في ذلك واردات خطوط الأنابيب من كل من الجزائر وفرنسا والبرتغال، نحو 28.6 تيراواط/ساعة، منخفضة من 35.8 تيراواط/ساعة في يونيو/حزيران 2022، حسب التقرير الشهري لشركة إيناغاز.

شركة إيناغاز الإسبانية - الصورة من بلومبرغ

وبينما شكّل الغاز الروسي نحو 26.8% من جميع واردات الغاز الإسبانية في يونيو/حزيران 2023، تراجعت الواردات الإسبانية من الغاز الأميركي إلى النصف، بينما حافظت مصادر الغاز المسال الأخرى من الجزائر وقطر ومصر على مكانتها.

هل تبتعد إسبانيا عن الجزائر؟

وصفت مصادر جزائرية التقارير التي تناولت اكتفاء إسبانيا بهيدروجين المغرب عوضًا عن الصادرات من الجزائر، بأنها غير صحيحة وغير منطقية، ولا سيما أن مدريد لن ترهن نفسها -حسب تعبير المصدر- لصالح دولة واحدة فقط (في إشارة إلى المغرب).

وأوضحت المصادر الجزائرية، في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة، أنه من مصلحة مدريد تنويع خطط استيراد الهيدروجين بأنواعه من خلال أكثر من دولة، ولا سيما دول شمال أفريقيا على وجه التحديد.

يشار إلى أن التقرير الذي زعم استعاضة إسبانيا بهيدروجين المغرب عن ذلك القادم من الجزائر، كان قد تحدّث عن الحفاظ على ربط خط أنابيب المغرب العربي، الذي يُصدر به الغاز حاليًا، لاستغلاله في نقل الهيدروجين، أو شرائه من الرباط في المستقبل؛ لإرساله إلى وسط أوروبا.

وكان شهر سبتمبر/أيلول 2022، قد شهد وضع خريطة، تستهدف استخدام خط أنابيب ميدغاز لنقل الهيدروجين حتى عام 2040، ولكن هذه الخريطة لم تُدمج، وأُبقي عليها بوصفها مشروعًا لإنعاش خط أنابيب يتصل بفرنسا.