لم تكن شخصيات عادية في التاريخ ، ولا مسارها كان عاديا في ذاكرة المغاربة، بل حاولوا أن يصنعوا "بروفيلاتهم"، على الرغم من العراقيل والصعوبات التي كادت أن تعصف بهم حتى يستسلموا، ويظلوا أشخاص عادين، لا مختلفين ومتميزين عن غيرهم، ويصنعون قصة حياة منصفة ويمكن أن تشخص على أنها خيالية في طريق تبدو للكثيرين سهلة لكنها ليست بالمستحيل.
فضمن سلسلة برامج رمضان، ارتأت جريدة" بلبريس" ، أن تقدم "ربورتريهات" عن شخصيات عاش معها المغاربة تفاصيل كثيرة جعلتهم يتذكرونها بين كل حدث و حديث.
في حلقة اليوم .... ستتعرفون على واحد من أهم الشخصيات التي بصمت حياتها في عالم الصحافة والاقتصاد لتكون اليوم واحدة من أهم القيادات السياسية التي تسير دواليب السلطة داخل البلاط الملكي.
تصفه الصحافة العالمية بكونه المستشار المثالي للملك، والدبلوماسي الكتوم، المقتدر سياسيا، العارف بكل دهاليز السلطة وخيوطها، وأكثر المطلعين على الشأن الدولي والقادرين على ترويضه للتقريب بين شعوب المتوسط، وتحسين صورة المغرب إعلاميا في هذه المناطق.
هذا الرجل الاقتصادي والصحافي، الذي ازداد في 17 أبريل عام 1941 بمدينة الصويرة، والذي أتى من رحم النخبة اليهودية المغربية، والده أمازيغي يهودي، وكان واحدا من المقاومين المغاربة ضد الاستعمار.
تلقى أندري أزولاي دراسته الابتدائية والثانوية في المغرب، وفي عام 1966 هاجر إلى باريس لاستكمال دراساته العليا. تمرسة في مهام عديدة رسمية ومدنية واقتصادية وإعلامية جعله يتسلق المراتب بسرعة.
بدأ من إعلامي بالمغرب في مجلة "المغرب أخبار"، ومصرفي ببنك "باريس با" باعتبارها واحدة من أهم المجموعات المصرفية الشهيرة التي أمضى فيها مسارا طويلا من 1967 وحتى 1991، إلى جانب أنه كان مسؤولا عن العلاقات العامة بها.
و في فرنسا، حيث كان يعيش، أسس في منتصف السبعينيات منظمته باسم "هوية وحوار"، هذه المنظمة التي كان أزولاي يحاول من خلالها إلى فتح قنوات الحوار مع شخصيات فلسطينية وإسرائيلية بحثا عن آفاق لتسوية القضية الفلسطينية.
من هذا المسار، سيسطع نجمه حين قرر الملك الراحل الحسن الثاني ضمه إلى محيطه ليكون واحدا من مستشاريه للاستفادة من علاقاته القوية بعالم الإعلام، وخصوصا في أوساط الصحافة الفرنسية، وكذا مع الشخصيات والمؤسسات الاقتصادية.
وبرز دوره أكثر في واحدة من أهم الخيارات الاقتصادية في فترة التسعينيات، خصوصا عبر عملية الخوصصة التي لعب فيها دورا كبيرا كواحد من أهم الفاعلين في صناعة القرار في النظام السياسي المغربي.
لم يتوقف دوره هنا، بل كان الملك محمد السادس حريصا على الاحتفاظ به مستشارا له، وإن كثر الحديث عن أن مكانته ودوره تراجع، خاصة بعد ظهور جيل جديد من صناع القرار لدى القصر، لكن هذا لم يمنعه من أن يكون من أهم الشخصيات النخبوية الرفيعة سياسيا واجتماعيا، خاصة على مستوى الحوار الحضاري في المجال المتوسطي والدولي.