لشكر: انتظرنا تناوبا جديدا و30 سنة في مباراة التوظيف للتعليم مخالفة للقانون

قال الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ادريس لشكر، إن لا أحد من المراقبين، حتى من طرف أكثرهم انتقادا للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يمكنه أن ينكر النتائج الإيجابية التي حققها الحزب في ظروف صعبة، بحيث تمكن من مضاعفة نتائجه بنسبة 70%، وهي نتائج لم يحققها الحزب منذ مدة طويلة.

وأشار لشكر في تقريره السياسي المقدم للمجلس الوطني للحزب اليوم السبت 20 نونبر، إلى أن أهمية النتائج الانتخابية تكمن في كون أننا تجاوزنا منذ مرحلة التناوب التوافقي ذلك الصراع الذي كان بين الدولة وأحزاب الحركة الوطنية حول شكل السلطة السياسية، وانتقلنا إلى مرحلة حياد الدولة تجاه جميع الأحزاب، ودخولنا مرحلة التداول السلمي على تدبير الشأن العام، وبالتالي فإذا كانت الانتخابات قبل عشرين سنة هي محطة للتواصل مع عموم الشعب فقط، وفضح ما كان يحاك في تلك المرحلة من أساليب التزوير، فإننا اليوم ندخل الانتخابات من أجل أن نساهم في تدبير الشأن العام.

وأكد لشكر، على أن الاتحاد تعرض لإنهاك بسبب مشاركته في حكومة التناوب الأولى، ولأن الأحزاب الاشتراكية الديموقراطية في العالم كله دخلت في مرحلة تراجع مؤقته مع تصاعد النزعات اليمينية، ولظروف أخرى، لا يتسع المجال لذكرها، نعتقد ان انتقالنا للرتبة الرابعة هو نتيجة أكثر من إيجابية بالنظر لكل هذه الظروف، وبالنظر للضربات التي كنا نتلقاها، وهذه النتيجة لا يجب أن تدفعنا إلى الارتياح فقط، بل يجب أن تمدنا بطاقة للتقدم مستقبلا نحو نتائج أفضل تليق بقوة الحزب سياسيا وبتاريخه، و بالأدوار التي قام بها من أجل التحول الديموقراطي بالبلد.

وتابع لشكر، لا نخفي أننا كنا نرغب في الوجود داخل الحكومة، ولذلك شاركنا في الانتخابات، وعملنا على تحسين نتائجنا، وكل من يدعي أنه دخل الانتخابات لغرض غير المساهمة في تدبير الشأن العام إما سيكون كاذبا، وإما سيكون خارج المعقول والمنطق الانتخابيين، فلماذا نقدم إذن برنامجا انتخابيا للناخبين إذا كنا ندخل الانتخابات من أجل أن نكون في المعارضة؟ وهذا ما جعل المجلس الوطني يقول بعد ظهور نتائج الانتخابات، وتكليف السيد أخنوش بتشكيل الحكومة من طرف جلالة الملك، إن الاتحاد الاشتراكي يرحب بأي عرض من السيد رئيس الحكومة المكلف بتشكيلها يحترم وزن الحزب السياسي، ويتقاطع مع برنامجه الانتخابي.

وشدد لشكر على أنه كان طبيعيا وببساطة، أن نعلن بعد أن لم يقدم لنا العرض الذي حددنا شروطه، أن نصطف في المعارضة، فليس هناك منطقة وسطى، واليوم حين نرى الارتباك الحكومي وهي في بداياتها، وحين نرى سعيها نحو التغول، وحين نعاين رفضها لأي مقاربة تشاركية، فإنني أعترف لكم بصواب ليس فقط توجهنا للمعارضةـ بل بصواب رأي كثير من قواعدنا الحزبية التي كانت تضغط من أجل العودة للمعارضة بمجرد ظهور نتائج الانتخابات وبروز ملامح التوجه نحو بناء مفهوم لأغلبية متغولة.

وأردف لشكر "لقد ضغطوا في اتجاه الهيمنة المطلقة على كل المجالس الجهوية، وأغلب المجالس الإقليمية ومجالس المدن الكبرى، وبتنا نتخوف من استخدامهم لهذه الهيمنة لمعاقبة المجالس التي نسيرها، أو تسيرها باقي أحزاب المعارضة، فهم الآمرون بالصرف في وزاراتهم التي تتكلف بمشاريع في المدن والجماعات القروية والمقاطعات والأقاليم، وهم الذين يحوزن ميزانيات المجالس الجهوية التي لها أدوار تنموية ليست هينة".

وزاد لشكر، أنهم "فعلوا الأمر نفسه في المؤسسة التشريعية، حيث هيمنوا على مكتب مجلس النواب واللجان البرلمانية، وحتى في جلسة المساءلة الأسبوعية، أصبحت 80% من المداخلات للأغلبية، و20% فقط للمعارضة في سابقة من نوعها، والعرف والمنطق أن البرلمان الجديد هو من يضع قانونه الداخلي وفقا لتركيبته الجديدة، بما يسمح للتعددية والتشاركية أن يكونا من بين المبادئ الناظمة لاشتغال المؤسسة التشريعية".

وقال لشكر "كنا نأمل أن تكون أصوات الاتجاه الحداثي اليساري أكبر، ولكن اعتبرنا أول الأمر أن الأحزاب الثلاثة الأولى يمكن ان نحسبها على التوجه الحداثي الليبرالي في مقابل التوجه الحداثي الاخر ذي الملمح اليساري أو الاشتراكي".

وشدد لشكر، على أن مشروع قانون المالية لم حتى بأجرأة المقترحات المنبثقة من المناظرة الوطنية حول الإصلاحات الضريبية، والذي تشكل خارطة طريق نحو العدالة الضريبية، بحيث تم الاستمرار في جعل الموارد الضريبية تفع على كاهل فئة الأجراء الذين يخضعون للتضريب من المنبع، وغياب أي تأسيس لضريبة تصاعدية على الثروة، انسجاما مع قيمة التضامن، ودفن الضريبة التصاعدية على الشركات لصالح الضريبة التناسبية التي ستؤدي فضلا عن تقلص الموارد الضريبية، إلى أشكال من التحايل الضريبي، وإلى استفادة مقاولات تحقق هوامش كبيرة من الأرباح من تسهيلات ضريبية تشبه تلك الممنوحة للمقاولات المتوسطة والصغيرة.

وأردف لشكر "هذا دون أن نتحدث على أن نسبة النمو التي تم تحديدها في 3.2% تعبر عن غياب الطموح وعن غياب الإبداع كذلك، وهي نسبة لن تسمح بخلق مناصب الشغل الموعود بها، والتي هي هزيلة من الأصل، قياسا إلى مناصب الشغل التي فقدت بسبب تداعيات كورونا، فهذه النسبة لن تمكن في أفضل الأحوال من تحقيق سوى حوالي 70 ألف منصب شغل، وليس 125 ألف الموعودة في مشروع قانون المالية، والتي بدورها تقل عن 250 ألف منصب شغل سنويا المذكورة في التصريح الحكومي، مع العلم أننا فقدنا حوالي مليون منصب شغل خلال الجائحة".

وبرر لشكر كلامه قائلا "الأدهي أن هذه النسبة مبنية بدورها على احتمالات لسنا من نتحكم فيها، أي لسنا من سنتحكم في مخرجات السنة الفلاحية، لأن ذلك من علم الغيب، وكذلك فإن متوسط أسعار المنتوجات الطاقية التي قدمها مشروع قانون المالية كفرضيات، هي متفائلة حد المبالغة في هذا التفاؤل، وبعيدة عن الأرقام التي يقدمها الخبراء، والتي تتوقع تصاعدا في الأثمنة وارتفاعا، ومن مؤشرات ذلك أن ثمن الغاز اليوم في السوق الدولية هو ضعف الرقم المطروح في مشروع قانون المالية".

وتطرق لشكر للمذكرات التي صدرت بشأن تنظيم مباريات ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، معتبرا اياها "ضد قانون الوظيفة العمومية الذي يحدد سن التوظيف في 45 سنة بالنسبة للفئات التي سترتب في السلم العاشر، وضد القوانين الأساسية لأطر الأكاديميات كما تم تعديلها والتي تحدد 40 سنة سقفا للتوظيف، ضد كل هذا، ذهبت هذه المذكرات لحصر السن في 30 سنة دون مبررات معقولة، مما يجعل فئات واسعة من الشابات والشباب الذين كانوا ينتظرون الإعلان عن هذه المباريات  مقصيين مما يفاقم حالة الإحباط، وأغلبهم من خريجي الجامعات ذات الاستقطاب المفتوح الذين ليست لهم فرص كثيرة لولوج سوق الشغل، لا يمكن أن نعتبر هذا الإجراء سوى ترجمة للتوجهات الحكومية النيوليبيرالية، البعيدة كل البعد عن أي توجه نحو الدولة الاجتماعية، وتكشف تهافت ادعاءاتها".