ليست موريتانيا بلد المليون شاعر، في مزاج للشعر والإبداع، هذه الأيام، فالطريق إلى القصر الرئاسي مفروشة بأصوات الناخبين، ومنقسمة بين توجهات كل مرشح على حدة، بين العشائرية والقبيلة، الدين والإسلام السياسي، والعسكر والسياسة نفسها.
موريتانيا المشغولة في أحاديثها، بين الأزقة والشوارع، برسم ملامح من سيعتلي كرسي الرئاسة، تختلف في ما بينها في من يستحق ذلك، فالولاءات تختلف، والنظريات السياسية غير مجدية، لأن البلاد لا زالت تحت وطأة القبيلة والأمزجة.
وفي هذا يقول المدون الموريتاني الداه يعقوب أن “إعلان المرشحين ترشحهم للرئاسيات في موريتانيا تنوع بأساليب إخراجه، فالمرشح الأبرز وهو مرشح النظام بحسب البعض”، مضيفا أن إطلالته “ تميز على الجماهير في رفقة والدته إلى الملعب الذي شهد المهرجان، فمشهد جلوسه قرب والدته لاقى قبولاً، ولاحقاً استخدم مؤيدوه صوره مع والدته في ملصقاتهم الدعائية”.
أما الكاتب والناشط السياسي الموريتاني، الشيخ مزيد، فيعتبر أن خروج المرشح محمد ولد غزواني “كان ملفتاً في حد ذاته، بسبب ما تراكم حول اسمه من هالة تميل إلى الغموض، أخشى أن يكون قد خيب الآمال”.
بعيدا عن ولد غزواني، وعلى النقيض منه، يقف المرشح محمد ولد مولود، الذي يدعمه مثقفو موريتانيا، فهو في نظرهم آخر حامل هم لقضايا المهمشين.
وتلعب ورقة الأرقاء السابقين، كغيرهم من الفئات المهمشة، دوراً بارزاً في الحملات الانتخابية الموريتانية، إذ يخطب المرشحون ودهم ويغدقون عليهم الوعود.
وحتى من يوصف بمرشح السلطة محمد ولد الغزواني، أفرد مساحة من خطاب إعلان ترشحه، في الـ2 مارس الماضي، للأرقاء السابقين والشرائح المهمشة بشكل عام في محاولة منه إلى استمالتهم، حيث قال إن من أولوياته “تكثيف حظوظ أي مكون اجتماعي عرف الغبن عبر تاريخه”.
لكن ورقة الرق، تبقى العصى التي يتوكأ عليها الداه عبيد (بيراما)، زعيم حركة “إيرا” المناهضة للاستعباد، ويعتبره انصارها بأصوات السود، “لأنه عانى مثلها ودافع عن مظلوميتها في الداخل وحمل مشعلها في الخارج”.
أما حزب “تواصل”، التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، فيواصل النزيف، في ظل انسحابات قياداته قبل الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها موريتانيا يوم 22 من شهر يونيو الجاري.
ويرى الكاتب والمحامي، محمد ولد أمين، أن “مآل الاخونج بموريتانيا شاحب جدا، فالريح تعصف ضدهم، والزمن يضربهم بقوة، والآفات تلاحقهم”.
ويضيف وزير الإعلام السابق، “لقد فشل الخطاب الإسلاموي في كل مكان، من أفغانستان وحتى داعش، من الجزائر وحتى السودان، وعلمتنا كتب التاريخ أن المندحر لا يحدد شروط نهاية الحرب، وأن الأيديولوجيا المرقعة تلتحق بالشيوعية والقومية وغيرها من التقليعات الغرائبية”.
ويؤكد ولد أمين “لقد انتهى الإخوان، ولن يتخطى “تواصل” في هذه الانتخابات نسبة 8 بالمائة”.
وهكذا يلعب السياسيون في موريتانيا، على كل الحبال، ومن كل الأطياف، والمشارب يخطبون ود كل الفئات باسم الدين والقبيلة والرق، بهدف الحصول على أصوات ناخبيها.