لم تكن القذائف الأربع التي سقطت في خلاء محيط مدينة سمارة عملا عسكريا، بل كانت فصلا جديدا في مسرحية عبثية تعلن عن الإفلاس الكامل لمشروع البوليساريو.
فالهجوم، الذي تم تنفيذه بدقة لتجنب أي أهداف حيوية أو سكنية، ليس رسالة قوة بقدر ما هو صرخة يأس موجهة للعالم، ومحاولة بائسة لتوليد ضجيج إعلامي يكسر سباتا عميقا دخلته أطروحة الانفصال التي لم تعد تقنع أحدا.
هذا الصخب المتعمد ليس سوى ستار دخان يخفي وراءه أزمة وجودية عميقة داخل الجبهة.
ففي الوقت الذي تعجز فيه عن تجديد نخبها التي تقوم بتدويرها من حين لآخر بوجوه قديمة متشددة، كخطري الدوه الذي اوفدته للجزائر قبل أسابيع، في خطوة تكشف عن جمود هياكلها وعمق الصراعات الداخلية، فإن الجبهة تبحث عن أي وسيلة لإثبات أنها ما زالت رقما في المعادلة.
الانتقال من خطاب "الأقصاف" المزعوم إلى إطلاق مقذوفات تسقط عمدا في الصحراء هو اعتراف ضمني بالعجز الميداني، وتحول من وهم الحرب إلى ممارسة إرهاب منخفض الكلفة هدفه الوحيد هو شد الانتباه.
لكن هذه المناورة اليائسة، ككل استفزازاتها السابقة، ترتد على أصحابها. فلا يمكن قراءة هذا التصعيد بمعزل عن الراعي الرسمي، الجزائر، التي تستمر في دعم وتسليح وكيلها المحلي لزعزعة استقرار منطقة تقع على تخوم الساحل الملتهب.
وبهذا الفعل، تقدم البوليساريو بنفسها الدليل للعالم على صحة التحذيرات المغربية المستمرة من طبيعتها كمنظمة مارقة تهدد الأمن الإقليمي.
الأهم من ذلك، أن هذا الخرق الفاضح لاتفاق وقف إطلاق النار الذي وثقته المينورسو، يحيل على ارتباك واضح وسط موجة احتجاجات بالمخيمات.
إنه إدانة ذاتية تسجلها الجبهة على نفسها، وتضعها في مواجهة مباشرة مع الشرعية الدولية.
أما المغرب، الذي يملك كامل الحق في الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، فيدرك أن الرد الحقيقي ليس بالضرورة عسكريا.
لقد أثبتت الرباط على الدوام أن الهدوء الاستراتيجي والحزم الدبلوماسي أكثر فتكا بمشروع الانفصال من أي رد فعل متسرع.
ففي كل مرة تلجأ فيها البوليساريو ومن خلفها الجزائر إلى استفزاز بائس، يزداد المغرب رسوخا في دبلوماسيته، وتتضح للعالم حقيقة من يسعى للتنمية ومن لا يتقن سوى لغة التخريب.
إن قذائف سمارة الفارغة هي الإعلان الرسمي عن نهاية صلاحية خطاب البوليساريو، وبداية فصل جديد من عزلتها التي صنعتها بنفسها.