كيف هزم "لوبي المقالع" ممثلي الأمة؟

سعيد باعزيز، البرلماني الاتحادي ورئيس لجنة المهمة الاستطلاعية، يكشف عن "لوبي" قوي يقف وراء قطاع المقالع والأحجار الكريمة في المغرب. ووفقا لما نشرته صحيفة "الأخبار" من معطيات مسربة من قبل أعضاء لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن بمجلس النواب، فقد نجح هذا اللوبي في إفشال اجتماع اللجنة الذي كان من المقرر عقده يوم الثلاثاء الماضي لمناقشة الاختلالات في هذا القطاع الحيوي.

وأعرب برلمانيون عن تخوفهم من أن يؤدي تأجيل الاجتماع، في كل مرة بعذر مختلف، إلى "إقبار" تقرير المهمة الاستطلاعية حول قطاع المقالع والأحجار الكريمة والغاسول. حيث فشل البرلمانيون، على مدى أربع ولايات سابقة، في تشكيل لجنة برلمانية أو إصدار تقرير في هذا الشأن.

وقد لعب البرلماني سعيد باعزيز دورا أساسيا في الكشف عن هذه الاختلالات وإيصال اللجنة إلى بر الأمان. حيث استبق إصدار تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي كشف عن ضياع نصف رمال المغرب المستخرجة بطرق غير قانونية من المناطق الساحلية، مما يعني ضياع 10 ملايين متر مكعب سنويا، وفقدان خزينة الدولة لـ 500 مليار من عائدات الضرائب.

ويبدو أن لوبي المقالع والأحجار الكريمة في المغرب يتمتع بنفوذ قوي يمكنه من التلاعب بالقرارات البرلمانية والتأثير على تشكيل اللجان ذات الصلة. ويثير هذا تساؤلات حول مدى شفافية هذا القطاع وإلى أي مدى يمكن أن يصل تأثير هذه الجماعات الضاغطة على صناعة القرار في البلاد.

في مقال سابق: مالكو شاحنات للخرسانة يحتالون على الحكومة لتجنب دفع الملايين من الضرائب السنوية

احتال‭ ‬مالكو‭ ‬شاحنات‭ ‬للخرسانة‭ ‬على‭ ‬مرسوم‭ ‬حكومي‭ ‬للتحايل‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬مئات‭ ‬ملايين‭ ‬الضريبة‭ ‬السنوية‭ ‬على‭ ‬المركبات‭ ‬والعربات،‭ ‬إذ‭ ‬تعمدوا‭ ‬التهرب‭ ‬من‭ ‬أدائها‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬السنين‭ ‬من‭ ‬استغلال‭ ‬أساطيلهم‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬خاصة،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬المرسوم‭ ‬وضع‭ ‬شرط‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الإعفاء‭ ‬الضريبي‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬الشاحنات‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬عمومية‭.‬

وحسب‭ ‬مصادر‭ “‬الصباح‭” ‬فإن‭ ‬المرسوم‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة،‭ ‬فسح‭ ‬المجال‭ ‬لمالكي‭ ‬شاحنات‭ ‬الخرسانة‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الإعفاء‭ ‬من‭ ‬أداء‭ ‬الضريبة‭ ‬السنوية‭ ‬على‭ ‬العربات،‭ ‬ووضع‭ ‬شرطا‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تستغل‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬كبرى‭ ‬تابعة‭ ‬للدولة،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬بناء‭ ‬السدود‭ ‬والقناطر‭ ‬والمؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المرافق،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬جهات،‭ ‬ظلت‭ ‬تتهرب‭ ‬من‭ ‬أدائها‭ ‬رغم‭ ‬عملها‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬تابعة‭ ‬للقطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العقار‭.‬

وتسبب‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬ارتباك‭ ‬كبير،‭ ‬وفق ذات المصدر عندما‭ ‬قرر‭ ‬أشخاص‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬نقل‭ ‬الخرسانة،‭ ‬وقرروا‭ ‬اقتناء‭ ‬شاحنات‭ ‬مستعملة‭ ‬بسبب‭ ‬ثمنها‭ ‬المنخفض،‭ ‬لكن‭ ‬بمجرد‭ ‬انتقال‭ ‬ملكيتها‭ ‬لهم‭ ‬والشروع‭ ‬في‭ ‬استغلالها‭ ‬أشعروا‭ ‬أنهم‭ ‬مطالبون‭ ‬بأداء‭ ‬ملايين‭ ‬من‭ ‬الضريبة‭ ‬على‭ ‬الشاحنات،‭ ‬تراكمت‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬السنوات،‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬مالكيها‭ ‬الأصليين‭ ‬تهربوا‭ ‬من‭ ‬تسديدها،‭ ‬دون‭ ‬تقديم‭ ‬وثيقة‭ ‬تؤكد‭ ‬أنها‭ ‬مشمولة‭ ‬ببند‭ ‬الإعفاء‭ ‬حسب‭ ‬المرسوم‭ ‬الحكومي‭.‬

وطال‭ ‬الاحتقان‭ ‬مراكز‭ ‬تسجيل‭ ‬السيارات،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬حملها‭ ‬المالكون‭ ‬الجدد‭ ‬لشاحنات‭ ‬الخرسانة،‭ ‬المسؤولية‭ ‬الكاملة‭ ‬في‭ ‬ورطة‭ ‬إلزامهم‭ ‬بأداء‭ ‬ما‭ ‬بذمتهم‭ ‬من‭ ‬الضرائب‭ ‬القديمة،‭ ‬مقابل‭ ‬الترخيص‭ ‬باستغلالها،‭ ‬بحكم‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬يلزم‭ ‬مركز‭ ‬التسجيل‭ ‬بعدم‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬انتقال‭ ‬ملكية‭ ‬العربات‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬البائع‭ ‬إلى‭ ‬المشتري‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬لم‭ ‬تسو‭ ‬وضعيتها‭ ‬الضريبية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬حدث‭ ‬العكس،‭ ‬إذ‭ ‬تم‭ ‬تفويت‭ ‬شاحنات‭ ‬الخرسانة‭ ‬للمشترين‭ ‬الجدد،‭ ‬دون‭ ‬إشعارهم‭ ‬بقضية‭ ‬الضرائب‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تقبل‭ ‬فيه‭ ‬مشترون‭ ‬الأمر،‭ ‬وقبلوا‭ ‬تسديد‭ ‬الضريبة‭ ‬على‭ ‬شاحنات‭ ‬الخرسانة،‭ ‬تراجع‭ ‬آخرون‭ ‬عن‭ ‬صفقة‭ ‬اقتناء‭ ‬أسطول‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الشاحنات‭ ‬بعد‭ ‬إشعارهم‭ ‬بذلك‭ ‬مسبقا‭ ‬تفاديا‭ ‬للخسارة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬جر‭ ‬آخرون‭ ‬المالكين‭ ‬السابقين‭ ‬للشاحنات‭ ‬إلى‭ ‬القضاء،‭ ‬معتبرين‭ ‬أنفسهم‭ ‬ضحايا‭ ‬غبن‭ ‬وتحايل،‭ ‬ملتمسين‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬إلزام‭ ‬خصومهم‭ ‬بالوفاء‭ ‬بالتزاماتهم‭ ‬الضريبية‭ ‬السابقة‭ ‬مع‭ ‬التعويض‭ ‬عن‭ ‬الضرر‭.‬