محمد لمين أحمد يستعيد ذكرياته في الجامعات المغربية من قلب الجزائر..“بوليساريو” فكرة استخباراتية ليبية
ألقى القيادي في “بوليساريو”، محمد لمين أحمد، في إطار جولة يقوم بها في العاصمة الجزائرية، محاضرة داخل مبنى المجلس الدستوري الجزائري، أثارت الكثير من اللغط، بسبب تصريحاته التي استعاد فيها ذكرياته عندما كان طالبا مغربيا مجتهدا في جامعة الرباط، وعضوا في شبيبة الحزب الاشتراكي المغربي، قبل أن تتسلل إليه القناعات المستوردة من طرابلس والجزائر، ليشرف، رفقة المشاط، عضو المخابرات الليبية السابق، على تشكيل نواة “بوليساريو” الأولى بضواحي “الزويرات” الموريتانية، بعدما خدع بأحلام وأوهام التحرر، التي ظل يطاردها فى فيافي الجزائر حتى بلغ الثمانين.
ولاقت تصريحاته بالجزائر صدى واسعا في الأوساط الجزائرية، كما كشفت عن بعض الخبايا المهمة في علاقة نظام معمر القذافي بالولي مصطفى السيد، وتلك المتعلقة بملف تسليح “بوليساريو”، وخطوط إمدادها، مرورا بنواكشوط والجزائر. وقال محمد لمين أحمد إنه كان طالبا مجتهدا في جامعة الرباط، أواخر الستينات، وذكر أسماء الأساتذة والدكاترة المغاربة، الذين درسوه، مؤكدا أن الانتماء الوطني كان غائبا لدى الصحراويين، في أعماقهم، بسبب طبيعة عيشهم القائمة على التنقل في الصحاري، بحثا عن الكلأ والماء، ما يعيق أي دراسة حقيقية تحدد مفاهیم ومقاصد تأسيس “بوليساريو” من الأساس، مؤكدا، في السياق ذاته، أن كل الطلبة الذين أسسوا “بوليساريو” كانوا أعضاء في أحزاب مغربية من مختلف التيارات والمشارب الأيديولوجية، قبل أن تصل إليهم رسائل الاستخبارات الليبية، التي استدعته شخصيا لنواكشوط في 1972، لتبلغه نية معمر القذافي تأسيس مجموعة عسكرية في الساقية الحمراء ووادي الذهب، لطرد الاستعمار الإسباني من المنطقة، وهو الأمر الذي فاجأ الولي مصطفى السيد ومحمد عبد العزيز، اللذين كانا طالبين في سنواتهما الجامعية الأولى بالرباط، ولم تكن لديهما رغبة حقيقية في التصادم مع الإسبان، لعلمهما بوجود مفاوضات بين المغرب وإسبانيا بشأن الترتيب للانسحاب من الإقليم، قبل أن يرتب لقاء بين الولي مصطفى السيد وبعثة ليبية، بقيادة عبد السلام جلود، الذي عاد منه الولي مستعجلا على تأسيس “بوليساريو”.
وعن الدور الجزائري في إرهاصات التأسيس، حاول محمد لمين أحمد أن يبرر الموقف الجزائري بقوله إن بومدين استقبل حزب “البونس” الصحراوي، الذي كان يتزعمه خليهن ولد الرشيد، ورفض في البداية قدوم وفد من “بوليساريو” للجزائر، الأمر الذي يؤكد أن ما تسميه “بوليساريو” اليوم شرعية تمثيل الصحراويين، إنما هي فقاعة دعائية، وإلا، “لماذا استقبل رئيس الدولة الجزائرية آنذاك حزبا صحراويا ينادي بمغربية الصحراء، ورفض لقاء الحركة، التي يفترض أنها تحررية؟”.
وذكر محمد لمين أحمد كيف تعامل القذافي مع الموقف الجزائري الرافض لفصل الصحراء عن المغرب، إذ سافر عبد السلام جلود إلى الجزائر نهاية 1973، لتتم الصفقة هناك وينطلق التبني الجزائري للأطروحة القذافية، التي سعى إلى تنفيذها طلبة مغاربة تم التغرير بهم، ورد محمد لمين أحمد، في وقت سابق، على تصريحات عبد السلام جلود، أثناء نزوله ضيفا على برنامج “ضيف ومسيرة” على “فرانس 24″، والتي أكد خلالها مسؤولية جهاز الاستخبارات الليبية، وبعض من الضباط في الجيش، عن وضع اللبنات الأساسية للمشروع الانفصالي في الصحراء، بداية من 1971، وهو الأمر الذي أكده محمد لمين أحمد في رده، معترفا بأن رفاق عبد السلام جلود هم من تكلفوا بالتسليح والتجهيز وحتى بالتخطيط لتأسيس “بوليساريو”.
وليست هذه المرة الأولى التي ينطق بها قادة ومؤسسو “بوليساريو” بهذه الحقائق، فقد سبقتها عدة تصريحات وخرجات أكدت زيف وهشاشة الادعاءات الجزائرية، التي اتخذت موقفا غير أخلاقي تجاه المغرب، بتبنيها لأفكار معمر القذافي في سبعينات القرن الماضي. ولعل أبرز هذه التصريحات تلك التي أكد فيها مصطفى سيد البشير شعوره بمغربيته، موضحا أنه طالما كان المغرب والمغاربة أقرب لقلوب الصحراويين من الجزائريين أو غيرهم من الشعوب.
عن يومية الصباح