د.ميلود بلقاضي
عين صاحب الجلالة الملك محمد السادس هذا المساء أعضاء حكومة اخنوش بعد انتظار طويل.حكومة ستختلف حولها القراءات وستتعدد المقاربات. لكن مهما اختلفت وتعددت القراءات والمقاربات فحولها اجماع بانها ستكون حكومة كل التحديات، لكونها شكلت في ظروف استثنائية اقتصاديا واجتماعيا ، وفي سياق وطني وإقليمي ودولي دقيق.
والمتأمل في تشكيلة حكومة اخنوش المعينة سيخرج بمجموعة من الملاحظات الأولية .ندرج بعضها على الشكل التالي:
أولا – نحن امام حكومة مصغرة ب 24 وزيرا ووزيرة ووزيرا منتدبا.وهي نقطة إيجابية تحسب لأخنوش ، لانها ستكون حكومة مسيرة برأس واحد وليس بأكثر من رأس. حكومة منسجمة لن تهدر الكثير من الزمن السياسي ،ومتجانسة فكريا وأيديولوجيا .
ثانيا- حكومة شبابية ونسائية ب 7 نساء وزيرات يقدن قطاعات حكومية ذات طابع اجتماعي بامتياز.
ثالثا- حكومة جل وزرائها وجوها جديدة. وجوه لها قدرات على العطاء والعمل والتحمل والبراغماتية، بعيدا عن الشعبوية، هي نقطة ذات وجهين إيجابي وسبلي. إيجابي كونها طاقات شابة وتقنية تعمل اكثر مما تتكلم . وسلبي ان بعض هذه الوجوه تفتقد للمسة السياسية في اتخاذ القرار. وبالتالي ستحتاج هذه الوجوه الى وقت للتأقلم مع القطاعات التي تسيرها، مقابل كتاب عامون اقوياء ، ومقابل مواطن مأزوم اجتماعيا واقتصاديا، ولا يستحمل المزيد من التحمل والانتطارية .
رابعا- انها حكومة لأول مرة في تاريخ المغرب كل أمناء وزعماء الأحزاب المشكلة لها هم اعضاء فيها بصفة وزراء، واقصد اخنوش رئيس الحكومة والأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، عبد اللطيف وهبي رئيس حزب الاصالة والمعاصرة وزير العدل، نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال وزير التجهيز والماء، وهي نقطة قوة ونقطة ضعف.
خامسا- برفيلات اعضاء حكومة اخنوش مخضرمة. منها بروفيلات معروفة شاركت في حكومات سابقة ومنها بروفيلات تستوزر لأول مرة، وهي نقطة قوة وضعف أيضا في هذه الحكومة.
سادسا- حكومة بها وزراء غير معروفين ولا يتوفرون على اي اشعاع محلي او جهوي او وطني او دولي، وبالتالي سيكونون في وضعية صعبة لقبولهم من مناضلي واجهزة الأحزاب المشكلة للحكومة.
سابعا- حكومة المفاجآت خصوصا بالنسبة لبعض الوزراء الذين صرحوا مؤخرا انهم غير معنيين بالاستوزار ورافضين لتحمل أي حقيبة وزارية ، مما يجعل المرء يتساءل ماذا حدث لهم ؟ هل غيروا قراراتهم بأنفسهم ام انهم فرضت عليهم الحقائب الوزارية؟
بل ان هذه الحكومة تضم وزراء ليس لهم اي علاقات مباشرة بالحزب، ولم يسجل لهم أي حضور بهياكل الحزب محليا او إقليميا او جهويا او وطنيا ،وهو ما سيخلق بعض المتاعب لرؤساء الأحزاب المشكلة للحكومة خصوصا لقيادي حزبي الاستقلال والاصالة والمعاصرة.
ثامنا-حكومة استمرار وزراء ما يسمى اعلاميا بوزراء السيادة وهم : عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارجية، أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ،عبد اللطيف لوديي: الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني.
تاسعا- حكومة يهمين عليها طابع اخنوش.طابع تقني تدبيري ، ستغيب فيه اللمسة السياسية الحزبية. الامر الذي سيضع وزراء هذه الحكومة امام مواجهات شرسة مع أحزاب المعارضة التي ستكون اكثر شراسة عكس ما يتداول خصوصا في ظل تكتل أحزاب اليسار بالبرلمان.
عاشرا – المثير في تشكيلة هذه الحكومة هو تعيين السيد شكيب بنموسى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة. تعيين يفسر بان الرجل كان رئيس لجنة النموذج التنموي الجديد .وبالتالي فهو مؤهلا لإدماج منظومة التربية والتعليم في عمق النموذج التربوي الجديد في ظل الفجوة الشاسعة بين المدرسة والتنمية.إضافة الى كونه وزيرا غير متحزب وبذلك سيبعد منظومة التربية والتكوين عن التسييس الذي خرب هذا القطاع.
ونفس الشئ يقال عن جمع القطاع الرياضي بوزارة التربية الوطنية والتعليم الاولي وهي فكرة جيدة ستجعل من المدرسة منبتا لصناعة ابطال الغد كما كان في السنوات السابقة.
على كل، محطة حكومة الإسلاميين طويت بعقاب شعبي جد قاسي لم يكن أحدا يتصوره لكونها اخلفت تعاقداتها مع الشعب، هذا الأخير الذي منح ثقة كاملة لاخنوش بأمل التغيير الفعلي وليس الخطابي وسنة 2026 ليست ببعيدة .
وعلى النخب والاعلام والمجتمع والنقابات ان تقتنع بان حكومة اخنوش لا تمتلك عصا سحرية ، ولن تحل كل المشاكل في الشهر او السنة الاولى ، بل لا بد منحها الوقت اللازم لتشتغل لاجراة برنامجها الحكومي الذي على اساسه ستنصب في سياق اقتصادي واجتماعي صعب، واقليمي مضطرب.
رئيس المرصد المغربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية