حفيظ: تبريرات الحكومة حول تسريبات الضمان الاجتماعي تفتقد للوضوح والمصداقية

في خضم الجدل المتواصل الذي أثاره اختراق الموقع الإلكتروني للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) وتسريب معطيات شخصية حساسة لملايين المغاربة وآلاف الشركات، خرج الأستاذ الجامعي والقيادي في فدرالية اليسار الديمقراطي، محمد حفيظ، بانتقاد لاذع لطريقة تعاطي الحكومة وإدارة الصندوق مع هذه الواقعة، معتبرا أن ما جرى لا يمكن مواجهته بخطاب "الهروب إلى الأمام" أو تبريره بلعبة "تصدير الأزمة".

وقال محمد حفيظ، في تدوينة نشرها على حسابه بموقع فايسبوك، إن ما كان ينتظره المغاربة من الحكومة ليس تعليق الأزمة على شماعة "الجهات المعادية" أو "محاولات التشويش على نجاحات بلادنا"، بقدر ما كانوا ينتظرون الاعتراف أولا بالفشل في حماية معطياتهم الشخصية، قبل الحديث عن وجود أعداء مفترضين.

وأضاف المتحدث أن هذا النوع من الخطاب الذي تبنّاه الناطق الرسمي باسم الحكومة "لا يفيد في مثل هذه الوقائع الخطيرة"، بل إنه – وفق تعبيره – "يدين أصحابه قبل غيرهم"، طالما أن الجهات الرسمية لطالما رددت وجود هذه الأطراف المعادية، ومع ذلك فشلت في منعها من الوصول إلى بيانات بالغة الحساسية تمس الأمن الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين.

ولم يتوقف نقد محمد حفيظ عند الحكومة وحدها، بل وجّه سهام انتقاده كذلك للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، معتبرا أن بيان هذه المؤسسة عقب التسريبات اتسم بـ"الخلط والغموض والوعيد"، بل وصفه بأنه بيان "مضلل وغير دقيق ومرتبك ومتعارض مع روح الشفافية المطلوبة في مثل هذه الحالات".

وفي سياق متصل، سخر المتحدث من مضمون تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة الذي وصف الاختراق بكونه "فعلا إجراميا"، معلقا بالقول: "وكأن أحدا كان يعتبره عملا خيريا"، مضيفا أن محاولة طمأنة المغاربة بكون مؤسسات عالمية أخرى تتعرض لمثل هذه الاختراقات "تبرير يائس من نوع إذا عمت هانت".

ودعا محمد حفيظ إلى مجموعة من الإجراءات المستعجلة التي يرى أنها باتت ضرورية لتجاوز هذه الفضيحة الرقمية، ومن أبرزها:

  1. تحميل المسؤولية السياسية والإدارية والأخلاقية للمؤسسات المعنية، بدءا بالاعتذار الصريح وصولا إلى تقديم الاستقالة أو الإقالة.

  2. اعتماد لغة الشفافية والوضوح مع الرأي العام، عوض الغموض وخلط الأوراق.

  3. فتح تحقيق شفاف ومستقل، وليس مجرد تحقيق إداري داخلي تشرف عليه نفس الجهة المتورطة في الواقعة.

  4. ترتيب المسؤوليات وربطها بالمحاسبة، مع ضمان عدم الإفلات من العقاب.

  5. اتخاذ إجراءات صارمة لحماية المعطيات الشخصية وتعزيز الأمن الرقمي واسترجاع ثقة المواطنين في الخدمات الإلكترونية.

وإلى جانب ذلك، يرى حفيظ أن خطورة التسريبات لا تقف عند بعدها الأمني فحسب، بل تكشف أيضا – من خلال تفاصيل المعطيات المنشورة – حجم التفاوتات الاجتماعية الصارخة بالمغرب، وصورة "العدالة الاجتماعية" المختلة في زمن الحديث عن "الدولة الاجتماعية" و"الدعم الاجتماعي"، وهي الاختلالات التي – برأيه – لم تُخرج فقراء المغرب من دوامة الفقر، بقدر ما أغرقتهم أكثر في الهشاشة.