دعت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف إلى فتح تحقيق قضائي وإداري مستعجل للكشف عن كل الظروف المحيطة بما تعرض له الصحافي حميد المهداوي، عقب تسريب فيديو اجتماع لجنة الأخلاقيات بالمجلس الوطني للصحافة.
وشددت الفيدرالية على ضرورة توسيع التحقيق ليشمل أيضا الملفات التأديبية الأخرى وحصيلة اللجنة المؤقتة منذ تنصيبها، وترتيب المسؤوليات القانونية فيما يخص تدبير هذه المرحلة الحساسة.
وأوردت الفيدرالية إن ما برز في الفيديوهات التي صارت في متناول الرأي العام يعبر عن انهيار مهني وأخلاقي غير مسبوق داخل جهاز يفترض فيه حماية قواعد المهنة.
معتبرة أن طريقة الخطاب، ونبرة التهديد، والخروقات التي مست حقوق الدفاع وشروط العدالة التأديبية، كلها معطيات “تهين صورة الصحافة قبل أن تسيء للمعنيين بها”.
وفي ظل هذا الوضع، طالبت الفيدرالية بوقف المسار التشريعي الذي يناقش في مجلس المستشارين بخصوص مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، لأن روحه تستعيد نفس العقلية التي كشفتها التسريبات، داعية الحكومة إلى اعتماد مسار تشاركي جديد يضمن بناء نموذج متوازن للتنظيم الذاتي، قائم على الحوار مع الهيئات المهنية ذات التمثيلية الحقيقية.
وأكدت أن الولاية القانونية للجنة المؤقتة انتهت منذ بداية أكتوبر الماضي، استنادا إلى النصوص المنظمة لها، ومع ذلك تواصل اللجنة القيام بمهام انتهى أجلها، وتصدر مواقف باسم مؤسسة فقدت صفتها القانونية. واعتبرت أن البلاغ الأخير للجنة بشأن التسريبات يدخل في هذا الباب، إذ يصدر عن هيئة “منتهية الصلاحية”.
وشددت الفيدرالية على أن النقاش يجب أن يتجه إلى مضمون ما ظهر في الفيديو، لا إلى كيفية خروجه للرأي العام، فمسؤولية حماية سرية المداولات والتسجيلات هي مسؤولية مباشرة للجنة المؤقتة، باعتبارها الجهة التي تتوفر على كل تلك المعطيات الحساسة، بما فيها البيانات الشخصية للصحافيين والناشرين. واعتبرت أنه إذا كان من ينبغي مساءلته حول التسريب، فإن اللجنة المؤقتة تأتي في مقدمة المسؤولين.
وطالبت الفيدرالية بوقف ما وصفته بـ “المخطط الجاري تنفيذه”، والمتعلق بإعادة تشكيل المجلس الوطني للصحافة ومنظومة الدعم العمومي للصحف واعتمادات الصحافة الرياضية وغيرها.
وأعلنت أن كل القرارات الصادرة عن اللجنة بعد انتهاء ولايتها باطلة ولاغية، داعية إلى سد الفراغ المؤسساتي بشكل فوري، والانطلاق في بناء مسار إصلاحي جديد يعيد للصحافة المغربية دورها الطبيعي كرافعة للديمقراطية، بعيداً عن منطق التحكم أو تصفية المؤسسات المهنية.
ورغم وصفها لما جرى بأنه مؤلم ومخيب للآمال ويضرب صورة المهنة في العمق، ترى الفيدرالية في هذه الأزمة فرصة تاريخية لإعادة ترتيب البيت الداخلي للصحافة المغربية، وإجهاض محاولات تحويل هذا القطاع الحيوي إلى مجال خاضع لمنطق التحكم والامتيازات، بدل أن يكون مجالا للتأثير والرقابة المهنية على تدبير الشأن العام.
وفي تقييمها لأبعاد ما كشفته التسريبات، أوضحت الفيدرالية أن منطق الإقصاء الذي بدا جليا في الاجتماع المسرب ليس جديدا، بل هو امتداد لمسار طويل من القرارات التي همشت هيئتها ومثليها داخل المجلس الوطني للصحافة، عبر تشكيل لجنة مؤقتة بصيغة لا تراعي التوازن ولا تعكس تمثيلية حقيقية لمكونات المهنة.
وأضافت أن الهيئات التي سيطرت على مفاصل القرارات في السنوات الأخيرة كانت تستهدف إضعاف الفيدرالية وإبعادها عن أي مشاركة مؤسساتية، سواء في المجلس الوطني للصحافة أو في لجان الدعم والجوائز أو حتى في إدارة الاعتمادات المهنية في المجال الرياضي.
ورغم ما وصفته بـ “الاستفراد بالقطاع”، أكدت الفيدرالية أن الجهة التي خططت لهذا المسار لم تنجح في إقصاء الفيدرالية المغربية لناشري الصحف أو إنهاء تأثيرها، ولا في فرض رؤيتها على الرأي العام المهني. واعتبرت أن مشروع القانون المتداول اليوم، الذي وصفته بأنه “غير دستوري واستحواذي”، هو امتداد لنفس التوجه الذي يدفع نحو التحكم في القطاع، وهو توجه لم يعد يحظى بقبول داخل الوسط الإعلامي.