أعاد التقرير الصادر عن وكالة “أوروبا بريس” حول مستجدات التحقيق في ما بات يعرف بـ “قضية كولدو” داخل إسبانيا،(أعاد) توجيه الأنظار نحو اتصالات جرت أواخر سنة 2018 بين مسؤولين إسبان ووزراء مغاربة، في سياق تحركات كانت تقوم بها شركات إسبانية، وعلى رأسها Acciona، بحثا عن فرص في مشاريع دولية من ضمنها المغرب.
وأوضح التقرير، الذي يستند إلى معلومات وحدة العمليات المركزية في الحرس المدني (UCO)، أن سانتوس سيردان، المسؤول الاشتراكي الإسباني، بعث إلى كولدو غارسيا أرقام هاتفي كل من عبد القادر عمارة، الذي كان وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء؛ وعزيز الرباح، وزير الطاقة والمعادن والبيئة آنذاك، مع توصية باستغلال وجوده في المغرب للتواصل مع أحدهما.
ووفقا لذات المصدر فإن وزير النقل الإسباني آنذاك خوسيه لويس أبالوس، تلقى دعوة رسمية من السفارة المغربية لزيارة القنيطرة مطلع يناير 2019 للاطلاع على مشروع ميناء صناعي كانت Acciona مهتمة به، وهو ما أكد كولدو أنه جزء من تنسيق يجري مع سيردان.
وتكشف المراسلات أيضا أن شركتي Acciona وServinabar، المرتبطتين بالأشخاص الخاضعين للتحقيق في إسبانيا، كانتا تسعيان لمد نشاطهما خارج الحدود، بما في ذلك المغرب والغابون.
ورغم أن التقرير الإسباني لم يوجه أي شبهة أو اتهام لوزراء مغاربة، واكتفى بإبراز أن ذكر أسمائهم ورد ضمن رسائل تبادلها سياسيون إسبان فيما بينهم، فقد ذهبت بعض المنابر الإعلامية إلى نشر عناوين مثيرة من قبيل “وزيران مغربيان في قلب فضيحة مدوية بإسبانيا”، وهي عناوين اعتبرها الوزير السابق عزيز رباح تضليلا متعمدا يحمل المغرب والمسؤولين المغاربة ما لا وجود له في مضمون التحقيق.
الرباح يوضح
وفي بيان للرأي العام أصدره اليوم الخميس 20 نونبر 2025، قال عزيز رباح إن هذه المنابر حرفت وقائع تقرير يتعلق بتحقيق داخلي إسباني بحت، مضيفا أن أهداف تلك المنابر كانت واضحة في توجيه الاتهام دون سند مهني، عبر تضخيم مجرد إشارة في تقرير إسباني إلى أن أحد الأسماء الواردة يدعي معرفته وأنه مصدر ثقة بالنسبة له.
وأوضح رباح أن التقرير نفسه يشير بوضوح إلى أن الأمر يتعلق بزيارة رسمية لوفد إسباني رفيع المستوى، التقى خلالها رئيس الحكومة وخمسة وزراء مغاربة، وأن الاهتمام الإسباني شمل مشاريع متعددة، من بينها البنية التحتية والقطار الفائق السرعة، وأن الأمر لا علاقة له بصفقات مشبوهة أو وساطات خارجة عن الأطر الدبلوماسية المعتادة.
كما شدد على أن مشروع ميناء القنيطرة تم تأجيله منذ سنة 2015 بقرار حكومي، وأن قرارات من هذا النوع لا تحسم على مستوى وزير واحد، فضلا عن أن استقبال المستثمرين الأجانب أمر عادي ومتكرر، مثله مثل تبادل أرقام الهواتف المتاحة أصلا للعموم.
وأشار الوزير السابق إلى أن سلوك بعض المنابر تمثل في حذف أجزاء أساسية من التقرير، أهمها التأكيد على أن الوزراء المغاربة غير معنيين بالتحقيق وغير متهمين فيه، كما أنها لم تتواصل معه لأخذ وجهة نظره، رغم أن أخلاقيات المهنة الصحافية تفرض ذلك.
وأضاف أن السياسات المعتمدة منذ 2012، ومنها تفضيل الشركات المغربية في الصفقات العمومية، جعلت أغلب المشاريع الكبرى تسند لشركات محلية لا تتأثر بزيارات وفود أو بوساطات خارجية، وهو ما يؤكده واقع مشاريع كبرى مثل ميناءي الناظور والداخلة.
واعتبر المسؤول الحكومي السابق، الذي غادر وزارة التجهيز سنتين قبل تاريخ الوقائع المشار إليها في التقرير الإسباني، أن استخدام اسمه في عناوين تلك المنابر كان جزءا من حملة تشويه مقصودة لا علاقة لها بجوهر التحقيق.
وختم بالتأكيد أن هذه الأساليب لن تحجب عن الرأي العام الملفات الداخلية الحقيقية المتعلقة بتضارب المصالح والصفقات والأرباح غير المسبوقة لدى بعض الشركات، مشيرا إلى أن أحد المنابر سحب المقال بعد ساعات من نشره بعدما تبين له مستوى التدليس الذي تضمنه.
وفي سياق متصل، حاولت “بلبريس” التواصل مع الوزير السابق عبد القادر اعمارة للحصول على تعليقه بخصوص ما ورد في التحقيق الإسباني وما تلاه من ردود، غير أن محاولات الاتصال لم تكلل بالنجاح، ولم نتلق أي جواب بعد إلى حدود لحظة كتابة هذا المقال.