تابعت العناوين التي كتبت إبان افتتاح مونديال قطر فيفا 2022، نعيش اليوم وأنا أكتب هذا المقال الأنفاس الأخيرة من الأسبوع الأول، تلك العناوين لن تتغير، هو إبداع وإبهار، وابتكار، ونجاح، وتميز وتألق، هي كلمات تختصر العناوين، لكنني بعيدا عن لغة المختصر، سأدقق في بعض التفاصيل، انتظرت أن يكتمل المشهد في بعض الزوايا، وبعدما حدث ذلك، ٱن لي أن أدون هذا المقال للتاريخ الذي لا ينسى أبدا.
لنبدأ بالعنوان الأول، “مونديال العرب”، ليس كمجرد شعار، بل كقرار يعكس الحكمة في الاختيار، فرقتنا التفاصيل وجمعتنا الفيفا، عفوا، جمعتنا قطر في أرض الدوحة، وأنت تمضي بين الشوارع، وأنت تقف في “سوق واقف” ستجد العرب يرقصون مع بعض، هذا مغربي يرتدي عمامة سعودية، وجلبابا قطريا ، و “طربوشا” تونسيا ويقول لك عن مباراة السعودية أمام الأرجنتين “لقد فاز منتخبنا”، ويتحسر في ذات اللحظة عند حديثة عن منتخب “قطر” قائلا، “كم تمنيت لو كان المنتخب القطري في الميدان مبدعا كما كانت قطر مبهرة في التنظيم”.
لنمر إلى العنوان الثاني، مونديال “الإنسانية”، عندما دخل الممثل الهوليودي مورغان فريمان إلى مسرح الافتتاح المونديالي، طرح سؤالا على الشاب القطري المعجزة غانم المفتاح، “كيف يمكن أن نتعايش رغم اختلافنا” فأجابه، “وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا”، هو جواب إنساني مؤسس على ثقافة دينية تحترم الاختلاف، وتشجع على التعايش، بعيدا عن فرض رأي على رأي ٱخر، أو فرض ثقافة على أخرى مثلما فعل بعض الأوروبيين اللذين يحاولون تعكير صفوة الإبداع القطري، هي رسالة إنسانية مميزة، وسيبقى صداها عظيما، وسيكون لها أثر عظيم، بل وأعظم من أي أثر عاطفي في دائرة الإثارة والإبهار، قطر نجحت في اختيار الأطراف، والرسالة، وتركت للمرسل إليه حرية الاختيار والقرار.
مونديال “التميز والإبداع”، هو عنوان من العناوين التي اخترتها لكم، لم يبدأ هذا المونديال بالأمس، بل قبل سنوات طوال، في 2010، جاء قرار الفيفا، قطر ستنظم المونديال، ولتصل إلى درجة الإتقان في التميز والدقة في الإبداع، عليك أن تملك رؤية استراتيجية، هذه الرؤية خطتها قطر قبل المونديال تحت عنوان “رؤية قطر الوطنية 2030″، وكما يقال، على نياتكم ترزقون، جاء المونديال، فشجع أكثر على العمل الجماعي المتقن والابتكار الرصين، وتحقيق معالم تلك الرؤية الاستراتيجية، لن أصف الملاعب، ولا المرافق، ولا التجهيزات، تلك حكاية ترتقي فوق كل وصف، وتنتصر على كل محاولة بائسة للتنقيص من قيمة ما قامت به قطر، من أجل بلدها ومن أجل العرب، ومن أجل العالم.
مونديال “الإبداع الكروي والجماهيري”، هو عنوان أخير اخترت أن اختتم به، قد تقول لي عزيزي (تي) القارئ(ة)، انه عنوان سابق لأوانه، هذا صحيح، قد أتفق معك، لكن لنتأمل في ما جرى، ألم تتفاعل المنتخبات مع مجهودات قطر في التنظيم؟، لتقدم طابقا كرويا دسما في رقعة الميدان؟، ألم تفز إسبانيا بالسباعية وتبدع البرازيل أمام صربيا، وتفوز السعودية على الأرجنتين ويتعادل المغرب أمام كرواتيا، وتتألق تونس الخضراء، وترسم الجماهير أجمل اللوحات في المدرجات بمختلف الألوان؟ أليس هذا إبداعا، يترجم الفرح بمنتخباتها، والفخر بما فعلته وتفعله قطر؟، لا مجال للصدفة هنا، المشجع إلى جانب اللاعب لا يقدمان أفضل ما لديهما إلا بعدما تتوفر لهما أفضل الظروف الممكنة للإبداع، هذا هو حال الإنسان عموما، كلما وفرت له ظروفا أفضل، كلما كان قابلا للإبداع بشكل أكبر، ستمضي الأيام والشهور، سينتهي المونديال، لكن هاته العناوين وغيرها من عناوين الجمال لن تتغير، ولأنها قطر، ولأنه مونديالنا جميعا، جاز لنا ان نقول مرة أخرى”شكرا قطر… لقد رفعت رؤوسنا عاليا، ورفعت الهمم نحو القمم”.
ما رأيكم في هذا الدرس من دروس مونديال قطر فيفا 2022؟