خطاب الانفصال: إره-اب خارج رادار النيابية العامة

منذ الوهلة الأولى التي سُمِع فيها دوي الانفجار في مدينة السمارة، خرج المئات من المواطنين هلعًا من هول الحدث نحو الساحات والفضاءات العمومية، خصوصًا أن المغاربة ما زالوا يعانون من التداعيات النفسية لزلزال الحوز الذي ضرب البلاد.

وبينما تناسلت الأخبار ووجهات النظر حول مصدر الصوت وسببه، تعددت التفسيرات والإشاعات؛ بين من اعتبره انفجار قنينة غاز، ومن نسبه إلى احتراق مستودع للمتلاشيات، فيما ذهبت آراء أخرى إلى فرضية المتفجرات.

المعاينة الرسمية الأولية

في ظل هذا الجو الذي يفتقر إلى الدقة في المعلومة، خصوصًا أن السلطة الأمنية المختصة فتحت تحقيقًا تحت إشراف الوكيل العام للملك لدى استئنافية العيون، يبقى الهدف هو كشف الحقيقة على ضوء نتائج التحقيقات، واتخاذ التدابير القضائية اللازمة في هذه الواقعة.

وفي انتظار التكييف القانوني للواقعة وإضفاء الوصف الجرمي عليها قصد تحديد نوع العمل المرتكب، يبقى ذلك اختصاصًا حصريًا للقضاء.

قيام جرائم بالموازاة مع الواقعة الأصل

إلى جانب التحقيق الجاري، برزت جرائم أخرى مستقلة عن الحادث، تحققت أركانها ومعالمها أمام أنظار العموم وفي الفضاء الافتراضي، دون أن يطالها أي بحث أو مساءلة.

ويتعلق الأمر بمجموعة محدودة العدد، تحمل الجنسية المغربية وتستفيد من خيرات المملكة وتتمتع بحقوقها الأساسية، لكنها عمدت إلى التهليل والإشادة بالفعل الجرمي المحتمل، والمتعلق بمتفجرات وُجِّهت ضد مدنيين عُزّل، ما تسبب في خسائر في الأرواح.

الإشادة بالإرهاب في القانون المغربي

رغم أن المعطيات لا تزال مجهولة ولا يمكن الحديث بعد الآن عن عمل إرهابي قبل صدور نتائج التحقيق، فإن جرائم الإشادة بالإرهاب والمس بأمن الدولة قد تحققت، وهو ما يستدعي تدخل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية والنيابة العامة.

وبالرجوع إلى مجموعة القانون الجنائي المغربي، نجد:

  • الفصل 183: يجرّم المشاريع التي من شأنها إضعاف معنويات الجيش المغربي وقت السلم، ويعاقب عليها بالسجن من خمس إلى عشرين سنة، باعتبارها من جرائم الدولة الخارجية.
  • الفصل 2-218: يجرّم الإشادة بالأعمال الإرهابية المصرّح بها بأي كيفية، وفي الفضاء العمومي بما فيه الرقمي، ويعاقب عليها بالحبس من سنتين إلى ست سنوات، وغرامة مالية تتراوح بين 10.000 و200.000 درهم.
  • كما يشمل هذا الفصل الدعاية أو الإشادة لكيان أو تنظيم أو جماعة أو عصابة، بنفس الشروط والعقوبات.

 

الأبواق المغرر بها

وبالعودة إلى ليلة الحادث، وبعد الهلع الذي خلفته الانفجارات في نفوس ساكنة الأقاليم الصحراوية، في انتظار تصريحات رسمية مطمئنة من السلطات الأمنية، خرجت بعض الأبواق المغرر بها لتتحدث عن “عملية نوعية نُفذت داخل المغرب”، مشيدة بسقوط ضحايا وإصابات في صفوف المدنيين من الساكنة الصحراوية.

هذا الخطاب زاد من ذعر المواطنين ورهابهم قبل الكشف عن الحقيقة، فضلًا عن الإساءة لقوات الجيش المغربي في محاولة لإقحامه في الموضوع، وإضعاف معنوياته، وزرع الشك بين الصحراويين المغاربة وجيشهم المرابط على الحدود.

ضرورة النظر في جدية الوقائع الموازية

إذن، فإن هؤلاء الغُلمان المغرر بهم قد نقضوا العهد والوعد، وارتكبوا أفعالًا تدخل في خانة الأعمال الإرهابية وجرائم أمن الدولة.

وهو ما يستدعي الحزم مع مثل هذا السلوك، قصد استئصال ظاهرة ازدواجية الولاء الانتهازي، والحد من ترهيب المواطنين المغاربة في الأقاليم الجنوبية.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *