البرلمان يناقش الإجهاض..رفع العقوبة وتقييد "التصرف بالجسد"

وسط جدال ونقاش مجتمعي وحقوقي وسياسي، شرعت لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان بمجلس النواب، في مناقشة مقتضيات القانون الجنائي المتعلقة بتقنين الإجهاض، والذي بقي لسنوات طويلة مجمدا في المؤسسة التشريعية بفعل الإختلاف حول بعض البنود والنصوص التي جاء بها القانون.

وتأتي خطوة مناقشة القانون، بعد أربع سنوات على الأمر الملكي بتشكيل لجنة بعضوية كل من وزير العدل والحريات، ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بالإنكباب على دراسة موضوع الإجهاض، بالتنسيق والتعاون مع المجلس العلمي الأعلى، حيث خلصت اللجنة إلى أن "الأغلبية الساحقة تتجه إلى تجريم الإجهاض غير الشرعي، مع استثناء بعض حالاته من العقاب، لوجود مبررات قاهرة، وذلك لما تسببه من معاناة ولما لها من آثار صحية ونفسية واجتماعية سيئة على المرأة والأسرة والجنين".

وصادقت الحكومة منذ سنة 2016 على مشروع قانون هو الأول من نوعه حول تقنين ظاهرة الإجهاض بالمغرب، لكنه لازال معلقا في ذمة البرلمان إلى حدود اليوم، رغم المخاطر التي يشكلها الإجهاض غير الآمن، آخرها ما تفجر قبل أيام عند انكشاف شبكة واسعة متخصصة في الإجهاض، تضم 3 أطباء وربان طائرة.

وفي ذات السياق، كشفت البرلمانية امنة ماء العينين، بأن لجنة العدل والتشريع تداولت في مشروع القانون يوم أمس الثلاثاء 11 يونيو 2019، مصرحة بأن مشروع القانون لا يعاقب على الاجهاض إذا كان الحمل ناتجا عن اغتصاب أو زنا المحارم، بشروط أن يقوم به طبيب في مستشفى عمومي أو مصحة معتمدة، أن يتم قبل اليوم التسعين من الحمل، وأن يتم الإلاء بشهادة رسمية تفيد فتح مسطرة قضائية يسلمها الوكيل العام للملك المختص بعد تأكده من جدية الشكاية، بالإضافة إلى إشعار الطبيب مندوب وزارة الصحة.

ووفق البرلمانية وعضو لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، " لا يعاقب على الاجهاض إذا كانت الحامل مختلة عقليا"، كما، "لا يعاقب على الاجهاض إذا قام به طبيب في مستشفى عمومي أو مصحة معتمدة لذلك،في حالة إصابة الجنين بأمراض جينية حادة أو تشوهات خلقية خطيرة، حيث أورد مشرؤوع القانون شروطا لذلك. وأفاذت ماء العينين في تدوينة على حائطها بالفايسبوك، "معلوم أن هذه المقتضيات التي أوردها المشروع هي خلاصة توصيات لجنة معينة ملكيا تتكون من وزير العدل والحريات آنذاك و وزير الأوقاف ورئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان(آنذاك)،اللجنة التي حاولت الخروج بصيغة توازن بين مقاربتين متناقضتين إحداهما تجرم الاجهاض قطعيا بخلفيات دينية أو غير دينية وبين مقاربة متطرفة في الحديث عن حرية التصرف في الجسد وإطلاق الاجهاض بدون تقييد".

وحسب البرلمانية ذاتها، فمن " المؤسف بالنسبة لي أن البرلمان يناقش اليوم موضوعا حساسا يتفاعل في المجتمع بقوة من خلال استفحال الاجهاض السري ، دون أن يرافق نقاشه ذلك الزخم الذي واكب اشتغال اللجنة الملكية، معتبرة أن المقاربة يجب أن تكون متوازنة،لا تغفل أن الاجهاض يمارس في المجتمع المغربي بأرقام مخيفة وفي واقع لا يمكن لأحد إنكاره وأن المقاربة الزجرية الجنائية لا تلغيه ولا تقفز عليه بما يشكله من مخاطر صحية على الأم ومخاطر اجتماعية خاصة مع استفحال ظواهر الاغتصاب والعلاقات الجنسية بين المحارم ، غير أنه لا يمكن تمييع المقاربة وفتح المجال أمام الاجهاض دون قيود قد يصل إلى اعتبار المرأة أن الحمل يؤثر على جمالية جسدها ورشاقتها.

وأكدت البرلمانية بفريق العدالة والتنمية، بأن المشرع "معني أيضا بالتفكير الجدي في التعامل مع حمل الفتيات القاصرات اللواتي يجدن أنفسهن في وضعية حمل وهن مجرد طفلات سواء أكان باغتصاب وعنف أو بدون عنف،أي ما يمكن أن يسمى فعلا رضائيا.. أؤمن بمبدأ أن الأطفال القاصرين لا يعتد برضاهم من عدمه لأنهم عاجزين عن التمييز وبدون مسؤولية حتى لو قاموا بالفعل اختيارا.. بالنظر إلى معاناة الأسر في هذا الإطار"، حيث إختتمت ماء العينين موقفها بالتشديد أن نقاش التنشئة الاجتماعية ودور الأسرة والمدرسة والاعلام في معالجة الظواهر السلبية قبل معالجتها بالقانون،لا يمكن أن تلغي المقاربة التشريعية ومسؤولية الحكومة والبرلمان في إصدار قوانين متوازنة تحاول أن تشكل حلا للمعضلات الاجتماعية.