في حوار أجرته مساء أمس جريدة "بلبريس" عقب الاجتماع المغلق للفرق البرلمانية بخصوص القانون الإطار للتعليم، وقف محمد مبديع رئيس الفريق الحركي ومنسق الأغلبية البرلمانية، على اجواء التوافق الذي تم بين اعضاء الاغلبية لكن فريق البيجيدي في اخر لحظة فاجأ الكل وخرج على اطار هذا التوافق ، مما اثار زوبعة الأغلبية الحكومية، في هذا الحوار يكشف مبديع الوزير الحركي السابق تداعيات ذلك على مستقبل الاغلبية الحكومية وكواليس الاجتماع المغلق، وهذا نص الحوار كاملا:
بصفتك منسق للأغلبية البرلمانية، كيف تمت عملية توافق بينها حول قانون الإطار؟
قانون الإطار هو أول قانون سيؤطر المنظومة التربوية وجاء تنزيلا لاستراتيجية وضعت وقدمت بين أيدي الملك محمد السادس، ونظرا لأهميته خضع لمنهجية خاصة خلافا لمختلف مشاريع القوانين، حيث توافق الجميع الأغلبية والمعارضة على أن نتوافق عليه.
وبما أن هذا المشروع المجتمعي سيؤطر الأجيال القادمة لابد أن يمر بتوافق الجميع، فقد قمنا بآليات الحوار والدراسات والنقاش إلى جانب لجنة دائمة في مجلس النواب تتكون من رؤساء الفرق ورئيسة المجموعة، ويترأسها رئيس مجلس النواب، لتحليل القاضايا ذات الأهمية السياسة، وإلى جانب هذه اللجنة هناك لجنة تقنية تتدخل في جزئيات أكثر.
روح وطنية غطت أشغال اللجن المختلفة وأثمرت توافق على مجموعة من النقط بين 300 تعديل، تم سحب بعضها والاحتفاظ بأخرى تم التوافق بشأنها أغلبية ومعارضة، إلا أنه من بعد ذلك قال أحد الفرقاء إنه يريد اقناع فريقه خصوصا فيما يتعلق بمادة 2 و 31 المتعلقة بالهنسة اللغوية، وهنا طرح الإشكال، والتوافق أصبح أعرجا.
واذا كان مشروع قانون عادي يمكن ان نجد آراء المختلفة حوله فلكل استقلاليته، لكن هذا القانون لديه حساسيته، ولانريد أن أن يتم استغلاله من أي فريق سياسا، والتصريح بأنه لم يوافق على هذه المواد الحساسة، فالتوافق الذي كنا نسعى إليه يختفي ويخلق ارتباكا، خصوصا بين مكونات الأغلبية، التي أتت حكومتها بهذا القانون المشروع، فكان عليها أن تبدي هذه التوافقات، أما المعارضة –مشكروة- فقدمت تنازلات وتوصلنا غلى التوافقات.
أصبحنا اليوم أمام موقف إما ان نتجه للتصويت على القانون في شقه المتوافق عليه وبالنسبة للمواد الأخرى العدالة والتنمية يمكن أن تمتنع أو تصوت ضد، أو يجب ان نتجه للتوافق. وبخصوص الشق الأول، إذا تم التصويت كل من جهته فلن تكون هناك أغلبية، فالورش الذي اشتغلنا عليه لشهور لم يكتمل وهذا غير مقبول، ويمكن للأمر أن يؤدي إلى انقسام المجتمع والتأثير على التآلف الحكومي، وليس للأمر أي معنى أن تكون هناك تأثيرات خارجية على المنظومة أو على التوجهات السياسية.
لإيجاد الحل، منحنا فرصة أخرى، وذلك لأهمية الموضوع وحساسية المواقف، فإذا وجدنا التوافق فالأمر جيد وإذا لم نتوصل إليه فالموضوع سيضر بالمنظومة وحتى بالأغلبية وهذا ما أردنا تفاديه.
نحن اليوم أمام حالة يجب على رئيس الحكومة وهو رئيس الأغلبية أن يجد لها حلا، وفي حالة اتجهنا للتصويت فسيمر القانون، لكن الأمر أصبح سياسيا أكثر من مجرد قانون، فحتى التوافق مع فرق المعارضة أصبح مهددا. وهناك شرخ كبير بين الأغلبية وليس المعارضة فقط، حيث ستطالب هذه الأخيرة بتقديم تعديلاتها.
نحن في الحركة الشعبية لدينا تعديلات وقدمنا التنازلات، وإذا لم يكن التوافق سنتراجع ونعيد مواقفنا من الأول، وهذا لا يخدم الأغلبية، لذا يجب التدخل السريع لتفادي هذا التعطل.
ماهي نتيجة الاجتماع المغلق ؟
أولا كان الاجتماع مغلقا لأن القاعة ضيقة وعدد الحضور كبير، وليس مغلقا في وجه الصحافة فقط وإنما كل الاشخاص الذين لاعلاقة لهم باللجنة، وذلك لضمان ظروف اشتغال جيدة ومريحة، فالصحافة تؤثر على النقاش وتزيد من حدته، لأن هناك من يحس أن عليه الانفال أمام الكاميرات ليظهر أنه مؤثر، ثانيا هذا نقاش داخلي من حق اللجنة أن تعقد اجتماعها بشكل مغلق.
وخلال الاجتماع، عبرت مختلف الفرق عن مواقفها وأجمعوا على أنه مع الأسف ليس هناك توافق، ويجب أن نسعى وراءه، وإلا كل العمل الذي قمنا به سيذهب سدى.
هذا التحلحل جاء من فريق في الأغلبية، ونريد من الحزب الأول الذي يترأسه رئيس الحكومة أن يجد الحل، أو أن كل فرق ستذهب بتعديلاتها في اتجاه مختلف، وهذا لن يخدم الأغلبية بل سيؤثر عليها.
ماذا حدث لنصل إلى هذه الأزمة التي تكاد تعصف بالحكومة؟
نحن ندبر الأمور البرلمانية على مستوى الرقابة أو التشريع وهذا المشروع لديه خصوصياته لأنه يؤطر المجتمع وفيه توجهيتن، إما أن نحتفظ باللغة العربية أو ننفتح على اللغات الأجنبية، هنا لا يمكن غدا أن نسوق أننا كنا مع هذا الجانب أو ذاك، لذا يجب أن نوفر لمجتمعنا الفرص للانتفاح ونسخر آليات الولوج إلى المعلومة والبحث العلمي وفرص الشغل على المستوى الداخلي والخارجي.
والملك عندما استقبل البابا تكلم 4 لغات وهذه إشارات قوية أننا بلد منفتح، بلد له تطلعات لا يجب أن نحصرها في مستوى معين، لذا لابد من إعطاء شبابنا الفرص لتفجر مواهبه والتواصل والاطلاع والاستفادة من تجارب دولية أخرى، وأن يكون فعالا ومنتجا في مؤسسات دولية ووطنية.