كشفت دراسة حديثة لمركز المؤشر للدراسات والأبحاث ان المشهد السياسي المغربي مع اقتراب استحقاقات 2026 يتجه نحو مرحلة جديدة من اعادة التشكل واعادة الاصطفاف، لا تشبه في طبيعتها التحولات التي شهدها في انتخابات 2011 او حتى 2021.
وقال مركز المؤشر في دراسة له عن سيناريوهات 2026 ان هذا التحول العميق يعود الى تغير جذري في سلوك الناخب الذي لم يعد يربط مصيره بالاحزاب التقليدية، بل اصبح فاعلا عقلانيا يقرر بناء على معطيات انية ومصلحية. واضاف المركز ان هذا الطرح تؤكده الارقام المتعلقة بارتفاع نسبة “العائمين انتخابيا” الذين لا يحددون موقفهم الا في الايام الاخيرة للحملة، والذين قدرتهم بعض الدراسات بنحو 45% من مجموع المشاركين. وبخصوص الثقة في الفاعلين السياسيين، اشارت الدراسة الى تراجعها الكبير حيث لم تتجاوز 13% حسب ارقام المندوبية السامية للتخطيط، مما ادى الى بروز انماط جديدة من التصويت الاحتجاجي.
كما نبهت الدراسة الى الاثر المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي في اعادة تشكيل الراي العام الانتخابي، حيث اصبح الفضاء الرقمي يلعب دورا محوريا في التاثير على اختيارات الناخبين، خصوصا فئة الشباب التي باتت تستقي مواقفها وتوجهاتها الانتخابية من منصات التواصل الاجتماعي، في مقابل تراجع تاثير القنوات التقليدية للتعبئة الحزبية، وهو ما يفرض تحولا عميقا في اليات التنشئة السياسية.
وفي هذا السياق، توقعت الدراسة ان يعكس توزيع المقاعد بعد انتخابات 2026 خريطة سياسية اكثر تشتتا وتوازنا بين الاحزاب الكبرى دون فائز واضح بالاغلبية.
وبتحليله لوضعية حزب التجمع الوطني للاحرار الذي تصدر انتخابات 2021، يرجح السيناريو الذي قدمته الدراسة ان يحتفظ الحزب بموقع متقدم، ولكن بعدد مقاعد اقل يتراوح ما بين 60 و75 مقعدا، نتيجة تآكل الثقة في ادائه الحكومي، خاصة على المستويين الاجتماعي والمعيشي.
وفي شقها التوقعي، قدمت الدراسة سيناريو مفصلًا لتوزيع المقاعد المحتمل في انتخابات 2026، حيث توقعت أن يتصدر حزبا التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة المشهد الانتخابي بحصولهما على عدد مقاعد يتراوح ما بين 65 و75 مقعدًا لكل منهما.
ورجحت أن يحل حزب الاستقلال في المرتبة الثالثة بما بين 55 و65 مقعدًا، يليه حزب العدالة والتنمية في المركز الرابع بما بين 40 و50 مقعدًا، ثم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خامسًا بما بين 35 و45 مقعدًا.
أما حزبا التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية، فقد وضعتهما الدراسة في المرتبتين السادسة والسابعة بحصولهما على ما بين 20 و35 مقعدًا، يليهما الاتحاد الدستوري بما بين 15 و20 مقعدًا، على أن تتقاسم باقي الأحزاب مجتمعة ما بين 15 و25 مقعدًا.
وخلص مركز المؤشر للدراسات والأبحاث في دراسته الى ان هذا التحول يفرض على الأحزاب السياسية مراجعة ادواتها وخطاباتها وهياكلها التنظيمية، لأن المستقبل السياسي لاي حزب لم يعد يبنى على التاريخ، وانما على مدى قدرته على الاستجابة للحاجيات المتغيرة لمجتمع يعيش تحولا دائما.