الشيات يبرز أبعاد ودلالات رسالة ترامب إلى الملك

تتجاوز رسالة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الموجهة بمناسبة عيد العرش، حدود المجاملة الدبلوماسية لتؤسس لبيان سياسي راسخ، يعيد تأكيد القناعة الأمريكية الثابتة بمغربية الصحراء كحقيقة نهائية لا تقبل الجدال.

إن استخدام عبارة “الأساس الوحيد لتسوية عادلة ودائمة” يمثل بحد ذاته إعلانا دبلوماسيا قويا، يغلق الباب بشكل نهائي أمام أي مقترحات موازية أو مناورات تتجاهل سيادة المغرب ومبادرته للحكم الذاتي التي قدمها بواقعية ومسؤولية.

إن هذا الثبات في الموقف الأمريكي يدحض بشكل قاطع آمال الذين راهنوا طويلا على أن تعاقب الإدارات في البيت الأبيض قد يؤدي إلى تراجع أو تغيير في مسار الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. لقد بات واضحا اليوم أن هذا الاعتراف أصبح مكونا محوريا وثابتا في الاستراتيجية الأمريكية، نظرا لأنه يخدم بشكل مباشر معادلة المصالح والاستقرار في منطقة حيوية، حيث تعي واشنطن تماما أن المغرب يمثل الشريك الأكثر جدارة والكفيل الوحيد بضمان التوازن الحقيقي في الفضاء المغاربي وامتداداته نحو الساحل والصحراء.

خالد الشيات

قراءة في عمق الموقف الأمريكي

وفي تحليله لهذه الرسالة، يقدم الخبير في العلاقات الدولية، خالد الشيات، في تصريح لجريدة بلبريس، قراءة معمقة تضع النقاط على الحروف، حيث يوضح أن رسالة ترامب “أكدت المؤكد ووضعت صيغة نهائية لرؤية الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب لحل النزاع في الصحراء”.

ويفصل الشيات رؤيته قائلا: “هناك محددات أساسية، أولا، أنه ينطلق من اعتبار أن مقترح الحكم الذاتي هو جدي ذا مصداقية وواقعي، وهذه هي الصفات الثلاثة التي يكررها المغرب دائما في تسويقه لمفهوم الحكم الذاتي”. ويضيف أن الموقف الأمريكي “يحدد الإطار العملي والتطبيقي الذي هو أنه سيكون هو الحل الوحيد لإنهاء هذا النزاع، أو الإطار الوحيد للحل. يعني أن المفاوضات لن تكون في إطارات متعددة، إطارها الوحيد هو أن تكون في إطار الحكم الذاتي. أعتقد أن هذا التأطير هو تأطير موضوعي بالنسبة للإدارة الأمريكية”.

شراكة استراتيجية تتجاوز المصالح الظرفية

يشير الخبير ذاته إلى أن هذا الموقف السياسي ليس معزولا، بل هو انعكاس لتحالف أعمق، يشير إلى معطيات أخرى تجمع المغرب بالولايات المتحدة الأمريكية، لاسيما في مستويات التعاون، سواء الاقتصادي أو التجاري أو الأمني، وهي أمور مهمة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية. وهنا يمكن أن نقرأ بأن بالنسبة للمغرب والولايات المتحدة الأمريكية، المغرب هو شريك استراتيجي، مضمون وتاريخي”.

ويختتم الشيات تحليله بالتأكيد على البعد الاستراتيجي لهذه العلاقة في مقابل المحاولات الأخرى، قائلا: “وهذا أمر أعتقد أنه مهم بالنسبة للطرح اليوم على المستوى الاستراتيجي، لأن ما يطرح اليوم هو نوع من علاقات ظرفية أو ذات زمن محدود وذات النفعية العالية، التي تقترحها الجزائر، خاصة فيما يرتبط بقضية الطاقة، الغاز والبترول. إذن تأكيد الولايات المتحدة أن علاقاتها هي علاقات تبنى في إطار استراتيجي، يعني قريب، متوسط وبعيد المدى، هو أمر مهم جدا لقراءته في هذه المنطقة، ولفهم التوجهات المستقبلية على مستوى الحل النهائي لقضية الصحراء المغربية”.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *