خبير: الخطاب الملكي يؤسس لمرحلة الحسم في الصحراء المغربية

أكد عتيق السعيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش والمحلل السياسي، في تصريح لجريدة بلبريس، أن الخطاب الملكي السامي الذي وجهه الملك محمد السادس إلى الأمة، جاء ليؤكد أن المغرب يعيش مرحلة فاصلة ومنعطفاً حاسماً في تاريخه الحديث، إذ انتقل الملف من سياق التراكم إلى لحظة الحسم التاريخي، بين ما قبل 31 أكتوبر 2025 وما بعده.

وأوضح السعيد في حديث مع بلبريس،  أن الخطاب عبّر بوضوح عن ترسيخ نهائي لمغربية الصحراء وإغلاق تام لهذا النزاع المفتعل، في إطار حل توافقي قائم على مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الأساس الواقعي والعملي لتسوية النزاع بشكل نهائي، وهي المبادرة التي حققت إجماعاً دولياً واسعاً بفضل مصداقيتها وقابليتها للتطبيق على أرض الواقع.

وأشار المتحدث إلى أن الملك وضع من خلال هذا الخطاب خريطة طريق جديدة لقضية الوحدة الترابية، بعدما انتقل المغرب من مرحلة “التدبير” إلى مرحلة “التغيير”، مؤكداً أن المملكة رسخت وحدتها الوطنية من طنجة إلى لكويرة، وأضحت قوة إقليمية محصنة بحقوقها العادلة والمشروعة، لا يمكن لأي طرف المساس بها أو التطاول على حدودها التاريخية.

وأضاف السعيد أن الخطاب الملكي أوضح أن المغرب يدخل مرحلة الحسم الأممي، بعدما حدد قرار مجلس الأمن الأخير المبادئ والمرتكزات الكفيلة بإيجاد حل سياسي نهائي للنزاع، مشيراً إلى أن أغلب دول الأمم المتحدة تعتبر مبادرة الحكم الذاتي الإطار الوحيد للحل، فيما يستعد المغرب لتحديث هذه المبادرة وتقديمها للأمم المتحدة كأساس وحيد للتفاوض، باعتبارها الحل الواقعي والقابل للتطبيق.

وأكد الأستاذ الجامعي أن هذا التطور غير المسبوق هو ثمرة الدبلوماسية الملكية الحكيمة، التي نقلت الملف من مرحلة الدفاع عن المكتسبات إلى مرحلة فرض واقع جديد يقوم على اعتراف دولي متزايد بمغربية الصحراء. وأضاف أن هذا الزخم الدولي لم يأت من فراغ، بل هو نتيجة مسار طويل من العمل الدبلوماسي الجاد والمسؤول الذي يقوده الملك محمد السادس، والقائم على الحوار والانفتاح وتقديم الحجج القانونية والتاريخية التي عززت المصداقية والإجماع الدولي حول عدالة القضية المغربية.

 

وشدد السعيد على أن الملك محمد السادس أكد في خطابه أن المغرب يظل حريصاً على حل توافقي لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ كرامة جميع الأطراف، ويتعامل مع التحولات الإيجابية بروح الحكمة والاتزان، دون توظيفها لتأجيج الصراعات. كما وجّه الملك نداء صادقاً لساكنة مخيمات تندوف للعودة إلى الوطن واغتنام الفرصة التاريخية للمشاركة في التنمية الوطنية من خلال نظام الحكم الذاتي الذي يتيح إدارة شؤونهم المحلية والمساهمة في بناء مستقبلهم داخل مغرب موحد.

وختم السعيد تصريحه بالتأكيد على أن المغرب اليوم يحصد ثمار الدبلوماسية الملكية الرصينة، التي مكنت من ترسيخ واقع جديد عنوانه الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء ودعم مبادرة الحكم الذاتي كحل عادل ونهائي، مذكّراً بأن هذا المسار بدأ باعتراف الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا وعدد من القوى الدولية الكبرى، في تحول تاريخي يُتوّج عقوداً من النضال والعمل الميداني والدبلوماسي الهادئ والفعال.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *