أطلق نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء في الحكومة، سهام النقد صوب ملف غلاء الأسعار، كاشفاً عن تجاوزات في أسعار الأضاحي المدعمة خلال عيد الأضحى الماضي، ومحذراً من جشع المضاربين قبيل شهر رمضان. هذه الانتقادات، التي تأتي من داخل الأغلبية الحكومية، تثير تساؤلات حول طبيعة هذا النقد وتوقيته، والرسائل التي يود بركة إيصالها.
فخلال فعالية لإطلاق برنامج "2025 سنة التطوع"، كشف بركة عن أن الأضاحي المدعومة من الدولة بيعت بـ 4000 درهم عوض 2000 درهم المتفق عليها، منتقداً كبار المضاربين الذين يستغلون الظروف لتحقيق أرباح ضخمة. كما دعا المهنيين إلى "اتقاء الله" قبيل شهر رمضان، في ظل ارتفاع أسعار اللحوم والدجاج.
نقد ذاتي يستحضلر كتاب علال الفاسي؟
لا يمكن فصل هذه الانتقادات عن الخلفية الفكرية لحزب الاستقلال، الذي أسسه الزعيم علال الفاسي، صاحب كتاب "النقد الذاتي". فهل يندرج نقد بركة، وهو قيادي استقلالي، في إطار هذا التقليد النقدي الذي يهدف إلى تصحيح المسار وتقويم الاعوجاجات؟
قد يكون بركة، من خلال هذا النقد، يسعى إلى التنبيه إلى وجود اختلالات في تدبير ملف الأسعار، ويحاول حث الحكومة على اتخاذ إجراءات أكثر فعالية لحماية القدرة الشرائية للمواطنين. كما قد يكون يمارس نوعاً من "النقد الذاتي" داخل الحكومة، معترفاً بوجود تقصير في هذا الملف، ومحاولاً المساهمة في إيجاد حلول له.
رسائل مشفرة في توقيت حساس
إلا أن توقيت هذه الانتقادات يثير أيضاً تساؤلات حول وجود رسائل مشفرة يود بركة إيصالها. فهل يسعى، من خلال هذه الانتقادات، إلى تمييز حزب الاستقلال عن باقي مكونات الأغلبية الحكومية، وإبراز قربه من هموم المواطنين؟ أم أنه يحاول الضغط على الحكومة لتغيير بعض سياساتها الاقتصادية والاجتماعية؟
تجدر الإشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي ينتقد فيها بركة الأوضاع الحالية والتدبير الحكومي. ففي ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، انتقد بركة البطالة وانسداد الأفق لدى الشباب، معتبراً أن الحكومة فشلت في إيجاد حلول عملية للأزمات الاجتماعية.
ما هي دلالات انتقاد وزير للسياسات الحكومية؟
بصفته وزيراً في الحكومة، فإن انتقاد بركة لغلاء الأسعار والسياسات الحكومية يثير تساؤلات حول مدى التماسك الحكومي، وإمكانية وجود خلافات داخل الأغلبية حول بعض الملفات. فمن غير المعتاد أن يوجه وزير انتقادات علنية للحكومة التي هو جزء منها.
ويبقى السؤال المطروح: هل ستستجيب الحكومة لانتقادات بركة وتتخذ إجراءات ملموسة للحد من غلاء الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين؟ أم أن هذه الانتقادات ستبقى مجرد "صرخة في واد"؟