فرصة استراتيجية لحل نزاع الصحراء: دور أمريكا في تحقيق توافق دولي تاريخي

أكد تقرير نشره موقع 19FortyFive المتخصص في السياسة الخارجية والأمن القومي أن الإدارة الأمريكية المقبلة أمام فرصة استراتيجية لحل نزاع الصحراء المغربية، بما يعزز من موقعها على الساحة الدولية لمواجهة أزمات أخرى أكثر تعقيدًا، مثل الأوضاع في أوكرانيا وإيران والسودان وليبيا. التقرير أشار إلى أن التحالف بين موقفي فرنسا وإسبانيا يشكل أرضية مناسبة لتحقيق تقدم ملموس نحو إنهاء هذا النزاع المستمر منذ عقود.

 

التقرير، الذي أعده الباحث أمين الغوليدي من جامعة "كينغز كوليدج" البريطانية، أوضح أن حل النزاع يحقق ثلاث مصالح أساسية للولايات المتحدة: أولًا، منع الصين من توسيع نفوذها في ممر استراتيجي يربط البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الأطلسي؛ ثانيًا، إثبات قدرة واشنطن على التأثير في القضايا الدولية المعقدة؛ ثالثًا، تعزيز علاقاتها مع حلفائها الموثوقين.

 

وأشار الباحث إلى أن التأخر في اتخاذ خطوات حاسمة قد يُتيح لبكين تعزيز شراكاتها الاقتصادية والأمنية في شمال إفريقيا، ما قد يعيد تشكيل الديناميكيات الإقليمية على حساب المصالح الأمريكية. واعتبر أن النزاع حول الصحراء، الذي يمتد لعقود، وصل إلى مرحلة حرجة تتطلب التخلي عن المقاربات التقليدية التي باتت تعرقل الحل بدلًا من تسهيله، واستغلال الفرص الدبلوماسية الجديدة لاتخاذ خطوات أكثر جدية.

 

وأضاف التقرير أن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء شكل تحولًا جذريًا في معايير تسوية النزاع، بينما أسهم موقف فرنسا وإسبانيا الأخير في تعزيز التوافق بين القوى المؤثرة بمجلس الأمن لدعم خطة الحكم الذاتي المغربية كحل واقعي وعادل.

 

وأشار إلى أن هذا التوافق الدولي الجديد يمثل فرصة نادرة لتحقيق اختراق دبلوماسي، لا سيما في ظل تقارب وجهات النظر بين الأطراف الإقليمية الفاعلة مثل فرنسا وإسبانيا وموريتانيا. واعتبر التقرير أن هذا الدعم لخطة الحكم الذاتي يقف في تناقض واضح مع فشل المقاربات الأممية السابقة التي اعتمدت على خيارات غير واقعية مثل تقسيم المنطقة.

 

التقرير دعا إلى التحرك الأمريكي السريع للتعامل مع الوضع الراهن الذي يتسم بتزايد النفوذ الصيني والروسي في مشاريع البنية التحتية المغربية، خاصة في المناطق الجنوبية. كما أشار إلى تعقيد إضافي يتمثل في النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة، ودعمه لجبهة البوليساريو، وهو ما يهدد استقرار المنطقة ويضع المصالح الغربية على المحك.

 

وأكد التقرير أن الإدارة الأمريكية المقبلة يمكنها قيادة مرحلة انتقالية من الآليات متعددة الأطراف، التي وصفها بالفاشلة، إلى التعاون الثنائي الأكثر فاعلية. وشدد على ضرورة إنهاء بعثة المينورسو التي تُكرس الوضع الراهن وتستهلك الموارد دون تحقيق نتائج ملموسة. وبدلًا من ذلك، أوصى بأن تقود واشنطن جهودًا دبلوماسية مباشرة تستند إلى معطيات الواقع الحالي.

 

وركز التقرير على أهمية تبني نهج صارم تجاه الجزائر يأخذ بعين الاعتبار طموحاتها الإقليمية، مع تحميلها مسؤولية دعم استقرار المنطقة. كما دعا إلى مفاوضات مباشرة بين الأطراف المعنية بقيادة الولايات المتحدة، لتحقيق نتائج تتجاوز الإخفاقات المتكررة للمقاربات الأممية التقليدية.

 

في ختام التقرير، اعتبر الباحث أن نزاع الصحراء يمثل تقاطعًا نادرًا بين الضرورة الاستراتيجية والفرصة الدبلوماسية، وأن الإدارة الأمريكية المقبلة لديها فرصة لتحقيق إنجاز تاريخي، يدعم الاستقرار الإقليمي ويمنع القوى المنافسة مثل الصين وروسيا من توسيع نفوذها في شمال إفريقيا.