شكل صعود اليمين المتطرف في بعض البلدان الأوروبية صدمة للبعض ومفاجأة بينما رآه آخرون أمرا عاديا يدخل في باب التدافع والتداول على السلطة.
تأتي مخاوف الكثيرين من كون الخطاب اليميني خطاب عنيف في معظمه ويجنح إلى القومية ونبذ الآخر خاصة فيما يتعلق بملفات الهجرة والاسلاموفوبيا.
فرنسا لم تخرج عن نمط الدول التي صعدت فيها أسهم اليمين المتطرف، حيث تظهر آخر الاستطلاعات أن اليمين المتطرف يدخل الشوط الأخير من حملة الانتخابات التشريعية الفرنسية متصدرا استطلاعات الرأي ويضغط للحصول على الغالبية المطلقة، قبل أسبوع واحد من الجولة الأولى، يليه اليسار ومن ثم وبفارق كبير المعسكر الرئاسي الذي يتراجع.
خالد الشيات الباحث في الشأن الدولي وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة يرى أن ’’ صعود اليمين في أوروبا ليس جديدا، او مفاجئا فهذه عملية تمتد لعقود وهي ظاهرة ليست جديدة في القارة الأوروبية’’
وشدد الشيات في حديثه مع بلبريس أن ’’ الجديد في العملية هو أنها ترتبط بحركات ذات طابع هوياتي داخلي أساسا، وليست ذات أفق توسعي او صدامي على مستوى العالم كما كان في اليمين السابق مع الفاشية والنازية في بداية واواسط القرن العشرين.’’
وتابع المتحدث ذاته أن ’’ ظاهرة اليمين المتطرف تتسم بقلة الاهتمام بما هو خارجي، وقربها من الصهيونية، عكس النازية والفاشية لاعتبارات مستجدة حول طبيعة هذه العلاقات بين جانبين.
وعن الحالة الفرنسية، يعتقد أستاذ العلاقات الدولية أن هذا الصعود ليس جديدا او مفاجئا خاصة في فرنسا مع الحركات الحالية والانتخابات الحالية’’
ليضيف أن هناك أيضا صعود لليسار عموما في فرنسا او ما يسمى باليسار المتطرف، وهي ظاهرة تستدعي قراءات متعددة، ونحن نتحدث عن الظاهرة في نسقها الآني، حيث يمكن ان تكون هناك تأثيرات في البنية الأوروبية عامة وفي الاندماج لأن هذا اليمين مرتبط بفكرة الدولة الوطنية وعدم الاهتمام بالاندماج بما فيه الاتحاد الأوروبي، وهذا يمكن أن يكون له تأثير.
ويعتبر الشيات أنه لا ’’يوجد يمين واحد بل اتجاهات كثيرة يمكن أن يكون لها اثر في تبني السياسات الداخلية، ولكن الملاحظ في التجربتين الهولندية والإيطالية التي وصل فيها ما يسمى باليمين المتطرف إلى السلطة هو ان هناك نوع من التغيير في الخطاب والممارسة العملية، اذ هناك اختلاف بين الخطاب الأكثر جذرية والممارسة الواقعية البراغماتية.’’
وفيما يتعلق بالعلاقات الفرنسية المغربية، يرى الباحث في الشأن الدولي أن صعود اليمين لن يؤثر كثيرا، لأن هناك اختيارات استراتيجية لفرنسا تبقى مستمرة حتى مع اليمين الفرنسي، ويمكن ان يكون هناك أفق في تعزيز العلاقات.
واستدرك المتحدث قائلا إن هناك ’’حالة وحيدة يمكن ان يكون فيها خلاف بين الرباط وباريس، تتعلق بإرجاع بعض المغاربة إلى المغرب على مستوى الهجرة غير النظامية، غير ذلك لا تبدو هناك جوانب خلافية بين البلدين.’’