جنرال إسباني يُلوّح بالخطر: "استرجاع المغرب لسبتة ومليلية ليس سيناريو بعيدًا"
في تحليل مطول يعكس قلقًا متصاعدًا داخل المؤسسة العسكرية الإسبانية، شدد الجنرال خوان كارلوس دومينغو غيرا، أحد أبرز قادة الجيش البري، على أن الدفاع عن سبتة ومليلية يمثل حجر زاوية في الحفاظ على وحدة إسبانيا وسيادتها، واصفًا المسألة بأنها "قضية وجودية" لا تقبل التراخي أو المجازفة.
في مقاله المنشور عبر موقع "معهد الأمن والثقافة"، والذي يستند إلى مداخلة له خلال أشغال "معهد الدراسات السبتيّة"، أشار الجنرال دومينغو إلى أن المدينتين تتميزان بوضع فريد داخل التراب الإسباني، يتمثل في كونهما عرضة دائمة لما سماه "الطموحات التوسعية للمغرب"، ما يضعهما، حسب تعبيره، في موقع استراتيجي هش ومقلق.
ورأى المتحدث أن صمود سبتة ومليلية في وجه ما وصفه بالضغوط الخارجية لا يكفي أن يستند فقط إلى القوة العسكرية، بل يتطلب أيضًا تبني رؤية استراتيجية متكاملة تقوم على ثلاث دعائم، أطلق عليها "قاعدة الثلاثة C": القناعة، والقدرة، والالتزام المجتمعي، معتبرًا أن هذه المرتكزات هي الضامن الأساسي لاستمرار الوجود الإسباني في شمال إفريقيا.
وحذر الجنرال من أن الرهان المغربي لاسترجاع المدينتين لن يكون ظرفيًا أو محدود الأفق، بل هو توجه طويل الأمد، يفرض على إسبانيا اتخاذ تدابير حازمة داخليًا، وفي الآن نفسه تقوية موقعها خارجيًا، سواء عبر التحالفات أو من خلال تعبئة الدعم الشعبي.
في نظره، فإن مستقبل سبتة ومليلية لا يمكن اختزاله في معادلات جيوسياسية أو رهانات عسكرية فقط، بل يرتبط أساسًا بإرادة السكان المحليين في التمسك بالسيادة الإسبانية، وبمدى استعداد الدولة المركزية لاتخاذ قرارات استراتيجية وتقديم التضحيات من أجل حماية هذا الامتداد الترابي.
كما لم يفوت الجنرال الفرصة للتنبيه إلى أهمية عدم اعتبار إسبانية المدينتين أمرًا مسلمًا به، بل شدد على ضرورة العمل المستمر لترسيخ انتمائهما الوطني في الوعي الجمعي الإسباني، تحسبًا لما وصفه بإمكانية اتخاذ قرارات سياسية "براغماتية" في المستقبل قد تمس هذا الانتماء.
وفي ما يخص الشق الدستوري، لفت دومينغو إلى أن سبتة ومليلية لم تفعّلا بعد كافة الصلاحيات التي يتيحها لهما الدستور الإسباني، وخصوصًا ما يتعلق بـ"البند الانتقالي الخامس"، داعيًا إلى تطوير نموذج للحكم الذاتي ينسجم مع الوزن الديمغرافي والسياسي والأمني للمدينتين.
واعتبر أن منح سبتة ومليلية صلاحيات أوسع سيمكّنهما من لعب أدوار أكبر على المستوى الوطني والدولي، سواء في إطار الاتحاد الأوروبي أو من خلال الحضور داخل المنظمات الدولية كالأمم المتحدة، ما سيوفر لهما غطاءً سياسيًا إضافيًا يعزز من موقعهما داخل المنظومة الإسبانية.