صادق مجلس النواب على مشروع قانون رقم 43.22 يتعلق بالعقوبات البديلة، في جلسة عمومية عقدت اليوم الثلاثاء 24 أكتوبر 2023، والتي تخص الدراسة والتصويت على مشاريع القوانين الجاهزة، بما فيها مشروع يتعلق بقانون العقوبات البديلة، بعد تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بخصوص المناقشة والتعديلات، قبل الاتفاق على صيغة نهائية للمشروع وعرضها على نواب الأمة؛ حيث صوت لصالحه 115 نائبا وعارضه 41 فيما امتنع 4 أعضاء عن التصويت.
فالقانون قطع محطات تشريعية بعد أن صادق عليه المجلس الحكومي بـ 08 يونيو 2023، قبل أن يحال على البرلمان بـ 16فبراير 2023، من أجل عرضه على لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، والتي صوتت لأجله بـ 04 أكتوبر 2023، بعد أن طالته 31 تعديلا مقبول من بين 139 تعديل مقترح.
فالهدف من القانون حسب صناعه، هو إيجاد حلول لاستفحال ظاهرة الجريمة، وتقويم سلوك المجرم وتحفيز قيم المواطنة فيه، والحد من ظاهرة اكتظاظ السجون.
ومن المعروف أن الوسائل الحديثة التي تروم بناء الإنسان وإدماجه بعد تأهيله وتمكينه وجعله أكثر إنتاجا، يمكنها أن تفرز للأمة مواطنا صالحا قادرا على الاندماج والمساهمة في مسلسل التنمية والتطوير وبناء الأمة؛ وهو ما تسعى إليه العقوبات البديلة ، كبديل لوسائل الردع التقليدية والزجرية السالبة للحرية، والتي تشكل مرتكزا أساسيا للعدالة الجنائية.
فالعدالة الجنائية ركن من ورش إصلاح منظومة العدالة التي أولاها الملك عناية بليغة في توجيهاته، سيما خطاب 20 غشت 2009، وتضمنتها أيضا توصيات هيئة الأنصاف والمصالحة بشأن مصالحة المغرب مع ماضيه، وشكلت محور ونتائج مخرجات الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة ومناظرة مكناس حول السياسة الجنائية لـ 2004.
فيما يأتي هذا المشروع كثمار لمسار إصلاح المنظومة القانونية والقضائية بالمغرب، وإرساء دعائم السياسة العقابية الناجعة للمغرب، بشكل يلامس مسار إصلاح منظومة حقوق الإنسان، والتي تستجيب للقانون الدولي لحقوق الإنسان، سيما فيما يتعلق بالمنظومة الجنائية، عبر أنسنة المنظومة العقابية للملكة.
وعليه، فإن مشروع القانون رقم 43.22 بشأن العقوبات البديلة، من شأنه ترشيد العقاب وتأهيل السجين وإدماجه في الحياة الاجتماعية، والبحث في السبل المعاصرة البديلة عن العقوبة السالبة للحرية، والتي من شأنها تقويم السلوك الإجرامي للمجرم، وإدماجه في الحياة الاجتماعية بطريقة فعالة.
وقد شمل التعديل تغيير متكامل في المنظومة الجنائية، سواء من حيث القواعد الموضوعية المتعلقة بالعقوبات والتدابير الوقائية أو القواعد الشكلية التي تعني تتبع وتنفيذ العقوبة، والتي انكب على تبيان الجانب الشكلي والجهات المسؤولة على التتبع والتنفيذ، والمؤسسات المعنية بتتبع وتنفيذ العقوبات البديلة، والتعاون المؤسساتي في هذا الصدد بين قضاء الحكم وقضاء تنفيذ العقوبة والنيابة العامة والإدارة السجنية والمؤسسات الحاضنة للمحكوم عليهم بالعقوبة البديلة، إلى جانب وسائل وأجهزة وإجراءات تدبير وتنفيذ العقوبات البديلة.
ومن المنتظر أن يشهد القانون الجنائي ثورة تشريعية تخص النظام العقابي بالمغرب، عبر مشروع قانون للعقوبات البديلة تحت رقم 43.22، والذي ينتظر فقط التأشير عليه من نواب ومستشري الأمة قبل إصداره؛ وفيما يلي أهم ما جاء به التقرير الأولي لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، في انتظار إصدار النسخة النهائية.
قانون العقوبات البديلة من حيث الجانب الموضوعي
لقد نسخ القانون وعوض أحكام الفصل 14 من مجموعة القانون الجنائي المتعلقة بالعقوبات، والذي يصنف العقوبات إما "لأصلية" أو "إضافية"، بينما أراد المشرع بهذا التعديل أن يصنفها إلى ثلاث أنواع، لتشمل العقوبات "البديلة".
فالعقوبات البديلة حسب المشرع الجنائي هي: "تلك العقوبات البديلة للحبس المحكوم به دون خمس سنوات في الجرائم الجنحية".
وقد حدد المشرع العقوبات البديلة عن العقوبات السالبة للحرية في ثلاث بدائل، صنفها في: "العمل لأجل المنفعة العامة" و "المراقبة الإلكترونية"، "تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية"، و"الغرامة اليومية".
عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة
عرف المشرع العمل لأجل منفعة العامة، بأنه ذلك العمل الغير مؤدى عنه، والمقدم لفائدة "مصالح الدولة والجماعات الترابية" أو "مؤسسات أو هيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة" أو "المؤسسات العمومية" أو "المؤسسات الخيرية" أو "دور العبادة"، أو غيرها من "المؤسسات أو الجمعيات أو المنظمات غير الحكومية" العاملة لفائدة الصالح العام.
وحدد المشرع السن المشروط لإصدار عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة كعقوبة بديلة، متى تجاوز سن المحكوم عليه 15 سنة شمسية، وحدد المدة بين 40 إلى 3600 ساعة، مع مراعاة السن والجنس والمؤهلات والقدرات ونشاطه المهني أو الحرفي، وتحتسب ساعات العمل في ثلاث ساعات عن كل يوم من العقوبة الحبسية المحكوم بها.
ويلتزم المحكوم في هذا الصدد حسب ما جاء به المشروع، في القيام بالعمل الملتزم بتنفيذه داخل أجل ستة أشهر من صدور المقرر، قابلة للتمديد مرة واحد بقرار من قاضي تنفيذ العقوبة، وبطلب من المحكوم أو دفاعه أو لمن له مصلحة.
كما تراعي العقوبة لأجل المنفعة العامة المقتضيات التشريعية المتعلقة بساعات العمل وصحة وسلامة العمال والتشغيل وخصوصية النساء وأمومتهن والأحداث وذوي الإعاقة والمسنين، ويراعي قاضي الأحداث المصلحة الفضلى للحدث وحقه في الدراسة وقدراته البدنية؛ بينما تتحمل الدولة أداء التعويض عن الأضرار الناجمة بصفة مباشر عن "عقوبة العمل" مع حفظ حق الدولة في الرجوع للمحكوم.
الحكم بالمراقبة الإلكترونية
أما بخصوص الحكم بالمراقبة الإلكترونية، فيمكن الحكم بها كعقوبة بديلة عن الحبس، عن طريق إخضاع حركة وتنقل المحكوم للمصادرة في مجال جغرافي وزمني محدد، بأي وسيلة للمراقبة الإلكترونية المعتمدة، مع مراعاة خطورة الجنحة وسلامة الضحية والظروف الشخصية والمهنية للمحكوم، والحقوق الشخصية للمتواجدين حوله.
تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية
هنا وحسب ما أقره المشرع في مشروعه، فتتمثل من خلال تقييد بعض الحقوق أو فرض رقابة أو إخضاع للعلاج أو التأهيل، قصد اختبار مدى استعداد المحكوم عليه لتقويم سلوكه واستجابته لإعادة الإدماج.
وتشمل العقوبات البدلية حسب ما نص عليه المشرع الجنائي في المشروع:
- مزاولة نشاط مهني محدد أو تتبع دراسة أو تأهيل مهني؛
- الإقامة بمكان محدد دون مغادرته باستمرار أو للأوقات معنية، أو المنع من ارتياد أماكن معينة أو في أوقات معينة؛
- تسجيل المثول الدوري للرقابة المحددة أمام "المؤسسة السجنية" أو مقر "الشرطة أو الدرك" أو "مكتب المساعدة الاجتماعية للمحكمة".
- التعهد بقطع الصلة مع الضحايا دون التعرض؛
- الإخضاع للعلاج النفسي من الإدمان؛
- الإصلاح أو تعويض الأضرار الناجمة عن الجريمة.
ويلتزم في هذا الصدد بتنفيذ العقوبة المقيدة لبعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية داخل أجل ستة أشهر من صدور المقرر التنفيذي، قابلة للتمديد مرة واحد بقرار من قاضي تنفيذ العقوبة، وبطلب من المحكوم أو لمن له مصلحة.
العقوبة اليومية
وقد أقر المشرع في مشروع بالعقوبات اليومية، والتي تسمح بأداء مبلغ من المال، مقابل استبدال العقوبة السالبة للحرية بعقوبة بديلة، وفق شروط شكلية وموضوعية، أما بخصوص الأحداث، فلا تصدر إلا بعد موافقة وليهم أو من يمثلهم بشكل مشروع؛ وتشرط العقوبة الحبسية الإدلاء بما يفيد:
- وجود صلح بين المحكوم والضحية أو ذويه؛
- تنازل الضحية أو ذويه للمحكوم؛
- أداء التعويضات المستحقة الناتجة عن أضرار الجريمة أو إصلاحها متى كانت قابلة للإصلاح.
أما فيما يحص المبلغ المؤدى عنه مقابل الغرامة اليومية، فقد حدده المشرع في غرامة يومية تتراوح بين 100 و2000 درهم عن كل يوم حبس، مع مراعاة الوضعية المالية للمحكوم عليه، وخطورة الجريمة والأضرار الناتجة عتها، دون احتساب مدة الاعتقال السابقة.
ويلتزم المحكوم بأداء العقوبات اليومية داخل أجل ستة أشهر من صدور المقرر التنفيذي، قابلة للتمديد مرة واحد بقرار من قاضي تنفيذ العقوبة، وبطلب من المحكوم أو لمن له مصلحة.
شروط ومعايير الحكم بالعقوبات البديلة
بعد أن أضاف المشرع العقوبات البديلة في العقوبات شأنها شأن العقوبة الأصلية والعقوبة الإضافية، أضحى بإمكان المحكمة إصدار عقوبة بديلة عن العقوبة السالبة للحرية كلما ارتأت ذلك، مع مراعاة الأهداف من تأهيل وتقويم السلوك وادماج دون العود، ومتى تحققت الشروط القانونية الاَتية:
- أن يتعلق الأمر بجنحة؛
- ألا تتجاوز المدة الحبسية خمس سنوات؛
- ألا يتعلق الحكم بحالة العود؛
- ألا يتعلق الأمر بالجنح الخطرة التي استثناها القانون الجنائي على سبيل الحصر.
ويمكن للمحكمة أن تستبدل العقوبة السالبة للحرية بالعقوبة البديلة بعد إقرارها للحبس، بمجرد تحقق الشروط القانونية وفي الأحوال التالية:
- تلقائيا من القاضي؛
- بطلب من النيابة العامة؛
- بطلب من المحكوم عليه؛
- بطلب من دفاع المحكوم عليه؛
- بطلب من النائب الشرعي للحدث المحكوم عليه؛
- مدير المؤسسة السجنية محل إيداع المحكوم؛
- كل من يعنيه أمر المحكوم عليه.
وفيما يتعلق بالجنح المستثناة من العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية، فقد حددها المشرع في رزمة من الجرائم جاءت على سبيل الحصر، والتي تتعلق بالجنح التالية:
- الجرائم المتعلقة بأمن الدولة والإرهاب؛
- الاختلاس أو الغدر أو الرشوة أو استغال النفوذ أو تبديد الأموال العمومية؛
- غسيل الأموال؛
- الجرائم العسكرية؛
- الاتجار الدولي في المخدرات؛
- الاتجار في المؤثرات العقلية؛
- الاتجار في الأعضاء البشرية؛
- الاستغلال الجنسي للقاصرين أو الأشخاص في وضعية إعاقة.
شكليات تنفيذ بعقوبة بديلة
الشكليات العامة
وفقا لما جاء في مشروع قانون العقوبات البديلة، فإن الاختصاص في تتبعها وتنفيذها لـ "لإدارة المكلفة بالسجون مركزيا أو محليا "ومن فوض له"، بمقتضى مقرر تنفيذي محال من قاضي تنفيذ العقوبة، بعد إحالة نيابة عامة مقرر الحكم إليها.
وإذا وجد المحكوم عليه خارج دائرة نفوذ قاضي تطبيق العقوبات، فيمكن أن ينوب عنه قاضي لتطبيق العقوبة في دائرة نفوذ المحكوم عليه للإصدار مقرر التنفيذ، مع إشعار النيابة بكل إخلال أو امتناع؛ وينعقد الاختصاص لقاضي تنفيذ العقوبة بالمحكمة التي بتت ابتدائيا، رغم صدور الحكم بالعقوبة البديلة عن محكمة الاستئناف.
وبخصوص الفصل في المنازعات ذات الصلة بالتنفيذ العقوبات البدلية أو وضع حد لتنفيذها، فتعود لقاضي تنفيذ العقوبات؛ بالإضافة إلى إصدار جميع القرارات والأوامر المتعلقة بها، والتي تختص ما يلي:
- الأمر بتنفيذ العقوبة الأصلية، أو ما تبقي منها عند الإخلال بالعقوبة البديلة؛
- الأمر بتمديد المدة لمرة واحد بطلب من المحكوم؛
- النظر في تقارير تنفيذ العقوبة؛
- اتخاذ ما يراه مناسبا بشأن التقارير المعروضة؛
- إصدار مقرر يقضي بتنفيذ العقوبة البديلة بعد الاطلاع على تقرير الإدارة السجنية؛
- تسليم نسخة من مقرر تنفيذ العقوبة لـ "لنيابة العام" و"المحكوم" و"مركز السجل العدلي المختص".
وفي هذا الصدد، تعرض مقررات تنفيذ العقوبات البديلة على المحكمة المصدرة للحكم بشكل فوري، داخل ثلاث أيام من تاريخ الإشعار بصدورها، من أجل البت في المقرر داخل أجال خمس أيام، مع إمكانيتها تصحيح الأخطاء المادية الواردة فيه.
وبخصوص النزاعات العارضة أمام غرفة المشورة بشأن تنفيذ العقوبات البديلة، إما بملتمس النيابة العام أو بطلب من أحد الأطراف، يترتب عنها توقيف التنفيذ المتنازع فيه، أو الأوامر الصادرة عن قاضي تطبيق العقوبة سالفة الذكر؛ فتنظر فيها المحكمة المصدرة للمقرر موضوع التنفيذ، بعد الاستماع لممثل النيابة العامة، أو محامي الطرف متى طلب ذلك، أو الطرف شخصيا،
ويمكن للمحكمة توقيف التنفيذ المتنازع فيه؛ ولا يقبل المقرر الفاصل أي شكل من أشكال الطعن، عدا الطعن بالنقض.
أما من حيث الأثر القانونية، فإن الشروع في تنفيذ العقوبات البديلة يوقف سريان تقادم العقوبة الأصلية، ولا يحتسب إلاّ إذا صدر أمر بتنفيذ العقوبة الأصلية أو ما تبقى.
كما يستفيد المحكوم بالعقوبة البدلية من رد الاعتبار القضائي، بعد مرور سنة من تنفيذه؛ أما بقوة القانون فبعد انتهاء فترة الاختبار مدتها سنتين، وتحتسب من تاريخ تنفيذها.
كما تقرر المحكمة الحكم بالعقوبة البديلة للعقوبة السالبة للحرية، وفق الشكليات الاَتية:
- تحديد العقوبة الحبسية الأصلية؛
- العقوبة البديلة للعقوبة الحبسية؛
- اشعار المحكوم فورا بتنفيذ الالتزام في حال الاخلال به، تحت طائلة تنفيذ العقوبة الأصلية؛
- إمكانية إجراء بحث اجتماعي قبل الحكم كلما اقتضى الأمر؛
- أما بخصوص التنفيذ في العقوبات البديلة، فقد اشترط المشرع الجنائي تنفيذ العقوبات الإضافية والتدابير الوقائية.
تتبع تنفيذ عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة
بعد إصدار الحكم القاضي بالعقوبة البدلية، تحيله النيابة العامة على القاضي المكلف بتنفيذ العقوبات داخل أجل خمس أيام، من أجل إصدار مقرر بشأنه يقضي بتنفيذ عقوبة العمل لمنفعة عام، داخل أجل عشرة أيام من تاريخ الإحالة، مع ضرورة الاستماع إلى المحكوم.
يبلغ قرار تنفيذ عقوبة العمل لأجل منفعة عام إلى المؤسسة سجنية بشكل فوري وإلى المحكوم أو النائب الشرعي متى كان المحكوم حدث، وإلى النيابة العامة أو المؤسسة السجنية محل الاعتقال أو الإيداع، والمؤسسة المؤدى إليها العمل للمنفعة العامة.
بعد الاستماع إلى المحكوم بشأن هويته ووضعيته الاجتماعية والمهنية، تعرض عليه مهنة من المهن والتي تراعي القدرات والمهارات وتقويم سلوكه لإدماجه، ويمكن عرضه للخبرة الطبية لتشخيص ملاءمة قدراته البدنية مع العمل المحكوم به، وإصدار مقرر تنفيذي بشأن عقوبة العمل لمنفعة عامة يتضمن:
- هوية المحكوم؛
- طبعة العمل؛
- تحديد المؤسسة موضوع إسناد العمل؛
- عدد الساعات المتبقية وتوزيعها.
وإذا أخلّ المحكوم بالعقوبة البديلة عن التزامه المحدد في مقرر قاضي التنفيذ بشأن العمل لمنفعة عامة، وضع القاضي حدا للعقوبة، في مقرر يقضي بتنفيذ العقوبة الحبسية، وتخصم منها الساعات المؤداة يوما مقابل كل ثلاث ساعات.
ينفذ المقرر التنفيذي للعقوبة البديلة، متى اكتسب الحكم لقوة الشيء المقضي به؛ ويمكن تنفيذه قبل اكتساب قوة الشيء المقضي به، بموافقة النيابة ودون ممارسة حقها في الطعن.
يترتب عن إصدار مقرر تنفيذ العقوبة وتبليغه للمؤسسة السجنية، الإفراج متى كان المحكوم رهن الاعتقال أو الإيداع، ويبقى قبل ذلك رهن الاعتقال إلى حين صدور المقرر من قاضي تنفيذ العقوبات ويبلغ للمؤسسة السجنية؛ فتستبدل العقوبة الأصلية بعقوبة العمل لمنفعة عام دون أن تقل عن أربعون ساعة عمل، تخصم منها ثلاث ساعات عن كل يوم اعتقال قبل الإفراج.
وتقوم المؤسسة موضوع عقوبة العمل، بمسك سجل خاص يحمل توقيع قاضي تنفيذ العقوبات، ويوضع رهن إشارة "قاضي التنفيذ" من أجل الاطلاع والتأشير عليه كلما اقتضى الأمر ذلك، أو "وكيل الملك أو من ينوب عنه" ومن "الإدارة المكلفة بالسجون" للاطلاع عند الاقتضاء، ويتضمن السجل:
- هوية المحكوم من أسند له العمل؛
- ساعات العمل المنفذة مشفوعة بتوقيعه أو بصمته.
كما تقوم المؤسسة السجنية بزيارات تفقدية، وعند أي اخلال بالعقوبة البديلة، تشعر قاضي تنفيذ العقوبات والنيابة العامة بذلك.
ويمكن لقاضي تنفيذ العقوبات أن يقوم بزيارة تفقدي، إلى محل العقوبة المسندة إلى المحكوم عليه، وتكون إما بشكل تلقائي أو بملتمس من قبل النيابة العامة، وينجز لأجله تقرير تسلم نسخ منه للنيابة العامة؛ ويمكن أن يفوض الزيارة التفقدية وإنجاز التقرير لكل من، كاتب للضبط أو المساعدين وغيرهم من المساعدين الاجتماعيين بمكتب المساعدة الاجتماعية في المحكمة.
وقد منحت نفس الإمكانية للنيابة العامة، من أجل القيام بزيارة تفقدية إلى محل العقوبة مسند إلى المحكوم عليه، وينجز تقريرا حولها، يسلم نسخة منه لقاضي تنفيذ العقوبات.
كما يمكن إسناد مهام إنجاز تقرير أو دورية حول تنفيذ العمل لمنفعة عامة، من قبل المؤسسة المؤدى لأجلها العمل، بطلب من وكيل الملك أو قاضي تنفيذ العقوبات؛ مع حفظ حق النيابة العام أو المحكوم في منازعة المقرر داخل خمس أيام من تبليغه، دون توقف تنفيذ المقرر.
أما إذا حال عائق مشروع متعلق بظروف المحكوم أو المؤسسة دون تنفيذ العمل، أمكن للقاضي إصدار مقرر بوقف تنفيذ العقوبة البديلة إلى حين زوال السبب، إما تلقائيا أو بطلب من المحكوم أو من له مصلحة، ويبلغ إلى النيابة العامة والمؤسسة السجنية والمؤسسة موضوع العمل.
تتبع تنفيذ عقوبة المراقبة الإلكترونية
تتولى المؤسسة السجنية المكلفة بتتبع تنفيذ المراقبة الإلكترونية، بواسطة صوار إلكتروني يوضع في جزء من الجسم المحكوم عليه، مما يسمح برصد حركة المحكوم دخل النطاق الجغرافي المحدد له، مع مراعاة تأثيره على صحة المحكوم بناء على تقرير طبي يخضعه له قاضي تنفيذ العقوبات، ويحيله على المحكمة قصد تعويضه بعقوبة بديلة أخرى، على ضوء مستنتجات النيابة العامة.
كما أنا كل إخلال أو إتلاف أو فرار أو استعمال أي وسيلة للتخلص من الرقابة، يرتب عقوبة حبسية من شهر إلى ثلاثة وغرامة مالية قدرها يتراوح بين 2000 إلى 5000 درهمـ، أو إحدى العقوبتين؛ بالإضافة إلى تنفيذ العقوبة الأصلية دون مراعاة الحق في إدماج العقوبتين معا، مع تنفذ العقوبة الأصلية رغم التنازع القائم حولها.
وتخضع المراقبة الإلكترونية للمؤسسات السجنية لرقابة وكيل الملك وقاضي تنفيذ العقوبات، عبر اتخاذ التدابر اللازمة للتحقق من تنفيذ العقوبة البديلة، بما في ذلك طلب تقرير الإدارة السجنية المعنية.
تنفيذ وتتبع عقوبة تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية
يتضمن مقرر تنفيذ عقوبة تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، من خلال أمر صادر عن قاضي تنفيذ العقوبات يقضي بـ "إطلاق سراح" أو "فرض تدابير رقابية" أو "إخضاع للعلاج" أو بـ "التأهيل"؛ ويأمر به بمجرد اكتساب الحكم لقوة الشيء المقضي به ما لم يكن معتقلا، وقبله استثناءً بموافقة النيابة ما لم تمارس الطعن فيه.
وحسب مشروع القانون، فتتولى الإدارة المكلفة بالسجون تتبع تنفيذ التدابير الرقابية أو العلاجية أو التأهيلية المحددة في الحكم القاضي بالإدانة، تحت رقابة قاضي تطبيق العقوبات ووكيل الملك، من أجل التحقق من تنفيذه، أو عن طريق كتاب الضبط بالمحكمة أو المساعدين وغيرهم من المساعدين الاجتماعيين بمكتب المساعدة الاجتماعية بالدائرة القضائية، بتكليف من قاضي تطبيق العقوبات لإنجاز تقرير بشأنها، وأن تسلم نسخة منه لوكيل الملك.
أما المحكوم فيلتزم بالإدلاء للإدارة المكلفة بالسجون بما يفيد تنفيذه أو استمراره في تنفيذ العقوبة البديلة، وفق جدولة زمني محدد، وتحال نسخة منه إلى قاضي تطبيق العقوبات المختص؛ ويترتب عن كل إخلال للمحكوم عليه بتنفيذ العقوبة البديلة، تنفذ العقوبة الحبسة الأصلية، بأمر صادر عن قاضي تنفيذ العقوبات.
تنفيذ وتتبع عقوبة الغرامة اليومية
لقد حدد المشرع في مشروع العقوبات البديلة طريقة أداء الغرامة المالية البديلة عن العقوبة الحبسية، من خلال أدائها دفعة واحدة؛ أما إذا تعلق الأمر بطليق في حالة سراح، يمكن للمحكمة أن تأذن له عبر الأداء بالتقسيط داخل اَجال ستة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة.
ويلتزم المحكوم عليه في هذا الصدد، بالإدلاء بما يفيد التزامه بأداء الغرامة اليومية، وفق الجدول الزمني المحدد من قبل قاضي تنفيذ العقوبات؛ أما إذا أخل المحكوم عليه بالتزامه بأداء الغرامة اليومية، تخصم الأيام المؤدى عنها، وتستبدل الأيام المتبقية بالعقوبة الأصلية الحبسية.
أما إذا كان المحكوم عليه معتقلا، فيأمر قاضي تنفيذ العقوبة بإخلاء سبيل المحكوم عليه بتنفيذ الغرامة المالية، وفور صيرورة الحكم القاضي بتنفيذ عقوبة الغرامة اليومية حائز لقوة الشيء المقضي به وأدائها؛ غير أن لقاضي تنفيذ العقوبة أن يفرج عنه قبل اكتساب الحكم لقوة الشيء المقضي به، وبموافقة النيابة العام ما لم تمارس الطعن فيه.
الإجراءات الانتقالية والأحكام الختامية
أناط المشرع مهام التنسيق بين القطاعات الحكومية والمؤسسات والهيئات للإدارة المكلفة بالسجون، سيما إشراك المصالح التابعة لها في تنفيذ العقوبات البديلة، وتقوم الإدارة في هذا الصدد بإعداد تقارير دورية حول سير وحصيلة تنفيذ العقوبات البديلة والإكراهات التي تعترضها والحلول المقترحة لها، من أجل توجيهه إلى السلطات القضائية المعنية.
ومن المنتظر بعد دخول هذا النص حيز التنفيذ بعد سنة من صدوره في الجريدة الرسمية، أن تصدر نصوص تنظيمية تتعلق بـ:
- تحديد كيفية تتبع وتنفيذ العقوبات البديلة من قبل الإدارة المكلفة بالسجون مركزيا أو محليا، ومن أو من فوض له ذلك، والوسائل اللازمة الموضوعة رهن إشارتها للقيام بذلك؛
- تحديد كيفيات تدبير القيد الإلكترونية والمصاريف المفروض على المحكوم به.