بعد دعوة جلالة الملك فتح الحدود بين المغرب والجزائر ..خبراء يحددون السيناريوهات الممكنة ..
بمناسبة عيد العرش المجيد، أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، عاهل المملكة المغربية، بقوة وثقة عميقة، أن المغرب لن يكون أبدًا مصدرًا لأي "شر أو سوء" تجاه جارته الجزائر، وبالنفي القاطع.
وأوضح الملك أن المملكة المغربية تسعى دومًا لتعزيز العلاقات الجيدة والبنّاءة مع جميع جيرانها، وتعتبر التعاون والتفاهم هما الأساس في تعزيز الأواصر الثنائية بين الدول.
وفي ضوء هذه الكلمات القوية والواضحة، تتجلى رؤية القائد الملهم والدبلوماسي الحكيم، الذي يسعى جاهدًا لبناء علاقات قوية ومستدامة مع جيران المملكة، والتأكيد على تحقيق التعايش السلمي والتعاون المثمر بين دول المنطقة.
غير أن الرؤية الملكية المستنيرة لمبدأ حسن الجوار وفتح الحدود مع الجارة الشرقية، وترميم العلاقات المتوترة، تواجه معارضة شديدة من طرف النظام الجزائري الذي يبدي رفضاً صارماً للتصالح والتعاون مع المملكة المغربية. هذا النظام الذي يتمسك بالمس في وحدته الرابية والتدخل في شؤون المغرب، ويتعامل مع أي محاولة للتقارب بين البلدين بتجاهل .
وبعد الخطاب الملكي ليوم امس والذي اكد فه صاحب الجلالة لقادة ولشعب الجزائر بأن المغرب لن يكون أبدًا مصدرًا لأي "شر أو سوء" للشقيقة الجزائر، كثرت التكهنات والفرضيات والسيناريوهات حول التفاعل اما الايجابي او التفاعل السلبي الجزائري مع الاقتراح المغربي . وهذه بعضها بعيون مهتمن وخبراء.
د.محمد بنطلحة الدكالي: ردود الفعل الإيجابية تبقى في الوقت الحالي ضئيلة وليست مستحيلة
وفي هذا الصدد، أكد محمد بنطلحة الدكالي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أنه "في البداية لا شيء مستحيل في عالم السياسة وميدان الدبلوماسية وبالتالي يمكن أن تكون بعض الردود الدبلوماسية وبعض المفاجآت في العلاقات ما بين الدول نتيجة مفاوضات أو اتفاقيات أو تدخل قوى إقليمية أو دولية لإصلاح ذات البين، ولكن كثيرا من دول العالم التي كانت تعرف مناوشات وحروب قد أصلحت ذات البين بينهما منها فرنسا وألمانيا على سبيل المثال".
وبخصوص النداء الذي وجهه ملك البلاد محمد السادس في خطاب العرش، قال بنطلحة إنه يظهر قوة الممكلة المغربية وعراقتها وسموها وحضارتها التي تراعي حسن الجوار وقواعد البروتوكول، مؤكدا أن "هذا النداء يعكس أخلاق الكبار وأن المغرب يمد يد المحبة والسلام والأخوة للشعب الجزائري الشقيق، بل أن جلالة الملك يؤكد أن المغرب لم يؤذي أبدا النظام الجزائري ولم يكون له ظالما طوال التاريخ، هذه هي الرسالة التي وجهها العاهل المغربي أي نداء للمحبة بين الشعبين الشقيقين المغربي والجزائري".
واستطرد المتحدث ذاته "لكن أجد أن الجزائر ليس بدولة مؤسسات حتى يمكن لها تتخذ قرارا تاريخيا في مستوى هذا الحدث وهذا الخطاب الملكي، فالجزائر يحكمها مجموعة من رجال الجيش عقيدتهم الأساسية هي محاربة المغرب وميدانهم الأساسي هو النيل من الوحدة الترابية المغربية لأن مشروعيته السياسية يستمدونها هاته العقيدة الأديولوجية الثابتة وهو العداء للمملكة المغربية.
وسجل بنطلحة أن ردود الفعل الإيجابية تبقى في الوقت الحالي ضئيلة وليست مستحيلة، لكن نثق في المستقبل ونثق في الشعب الجزائري الشقيق ونثق في قدرات الإنسان المغاربي أن يلتئم في إطار الوحدة المغاربية جمعاء ودور المغرب العربي في إطار إحترام السيادة الترابية في كل قطر ولنا ثقة في المستقبل وكما أسلفت الذكر لا شيء يستحيل في عالم السياسة والدبلوماسية.
د.خالد شيات: فتح الحدود بين البلدين هو خيار استراتيجي يساهم في تنمية البلدين
أكد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، خالد شيات، أن الملك محمد السادس، جدد، في الخطاب الذي وجهه، أمس السبت، إلى الأمة بمناسبة الذكرى الـ24 لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين، التأكيد على تشبث المغرب الراسخ بالعلاقات التاريخية والحضارية مع الجزائر.
وقال إن “جلالة الملك يدعو إلى علاقات مغربية – جزائرية مبنية على التآخي والتعاون والاندماج”، مضيفا أن تجاوز الخلافات بين البلدين وفتح الحدود، يعد مسألة بالغة الأهمية من شأنه تطبيع العلاقات الثنائية.
وأشار شيات إلى أن هذه الخلافات لا تعكس مواقف المملكة والرؤية المستنيرة للملك لبناء فضاء مغاربي مندمج بالنظر إلى الماضي المشترك، ولا سيما النضال من أجل الاستقلال.
وأضاف أن “الجزائر يجب أن تستجيب وتتفاعل بشكل إيجابي مع مثل هذه المبادرات، وأكثر من ذلك القطع مع الأعمال العدائية، من أجل بناء فضاء مغاربي متجانس ومتماسك”، مسجلا أنه خيار استراتيجي يساهم في تنمية البلدين.
ذ.إدريس العيساوي: الجزائر يمكن أن تستفيد كثيرا إذا ما فتحت قلبها وأبوابها للتعامل بشكل إيجابي مع المملكة المغربية
أكد المحلل السياسي إدريس العيساوي، أن غلق الحدود يضيع كل شيء في المجالات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية، لأنه عندما نغلق حدودا نطرح أنفسنا في مأزق لا مثيل له وهي حالة استثنائية في عالمنا اليوم.
وتابع العيساوي، "الآن نعرف أنه توجد حرب أوكرانية وروسية وأن الحدود مقطوعة والأسباب هي معروفة، لكن الآن بين الجزائر والمغرب توجد هناك صراعات أولا هناك حروب كلامية وهناك اتهامات بالكلام غير ثابتة ويقولون أن المغاربة هم المسؤولون على ذلك، وبالتالي المسؤولون في الجزائر لا يريدون أن يثقو بهذا الواقع".
واكد العيساوي على أن التاريخ كلام الملوك وهو كلام العقلاء وكلام المدى المتوسط والطويل، لأن الجزائر هي الجزائر لن تتغير بين عشية وضحاها ووضعها السياسي والجغرافي سيبقى كما هو، إذا لم ترد الجزائر قتح الأبواب مرة أخرى ستكون خاسرة لأنها يمكن أن تستفيد كثيرا إذا ما فتحت قلبها وأبوابها للتعامل بشكل إيجابي مع المملكة المغربية.
ذ.نوفل البعمري: المغرب جدي بطي الخلافات بين بلدين جارين يجمعهما أكثر مما يفرقهما
وفي هذا الصدد، كشف المحلل السياسي، والباحث في ملف الصحراء، نوفل البعمري، في قراءة للخطاب الملكي، بمناسبة عيد العرش، أن جلالة الملك أكد على أن العلاقات مع الجزائر مستقرة، مبرزا تمسك المغرب بروابط المحبة والصداقة والتبادل والتواصل بين الشعبين.
وفي هذا الصدد، كشف المحلل السياسي، والباحث في ملف الصحراء، نوفل البعمري، في قراءة للخطاب الملكي، بمناسبة عيد العرش، “يمكن عنونته بخطاب “الجدية”، وهي الجدية التي أطرت مختلف مضامين الخطاب الملكي خاصة على مستوى تدبير عدة ملفات استراتيجية بالنسبة للمغرب، وتُعتبر ذات بعد حيوي مرتبطة بتدبير العلاقة مع الجيران، بحيث أعاد الملك التذكير بالثوابت التي تؤطر دعوته الجدية لليد الممدودة للجارة، وهي مبادرة جدية يحكمها بعدين، الأول ان المغرب يقدم كل الضمانات لهذا الجار من أنه لن يأتيه منه أي سوء أو شر، وهي ليست المرة التي يعلن فيها الملك عن هذا الموقف الصريح، الذي يعكس جدية المغرب في طي الخلافات بين بلدين جارين يجمعهما أكثر مما يفرقهما”.
ويضيف البعمري، “كما أن خطابه أعاد التأكيد على مطلب فتح الحدود بين البلدين وأمام الشعبين المغربي والجزائري، وهي دعوة بالإضافة إلى أنها صادقة، فهي جدية، جديتها تكمن في التذكير بالمطلب والإعلان عنه في مناسبة وطنية هي عيد العرش، التي تكون مناسبة ليطرح فيها الملك القضايا ذات الأولوية بالجالس على العرش”.
د.سعيد الصديقي: لا يبدو أن هناك أمل في إعادة هذه العلاقات إلى وضعها الطبيعي على الأقل على المدى القريب
عبر الخبير السياسي المختص بالعلاقات الدولية، سعيد الصديقي على أن رسالة الملك إلى الجزائر هي إعادة التأكيد على ما ورد في خطابات ملكية سابقة، وأذكر على سبيل المثال خطاب الملك في 6 نوفمبر 2018 الذي دعا فيه إلى ”الحوار المباشر والصريح“ من أجل تجاوز الخلافات، واقترح فيه أيضا "إنشاء آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور“ بين البلدين؛ وأيضا خطابه في 30 يوليو 2022 الذي دعا فيه الرئاسة الجزائرية لأن يضع البلدان يدا في يد لإقامة علاقات طبيعية.
ويضيف الصديقي أن الملك خاطب الجزائر برسائل مباشرة وأخرى ضمنية مفادها الدينامية التي تشهدها السياسة الخارجية المغربية خلال السنوات الأخيرة لا تستهدف الجزائر، بل هي من مقتضيات المصالح العليا الصرفة للمغرب.
وقال المحلل السياسي أيضا "لكن بالنظر للوضع العام للعلاقات المغربية الجزائرية وأيضا لطبعة النظام الجزائري الحالي، فلا يبدو أن هناك أمل في إعادة هذه العلاقات إلى وضعها الطبيعي وفتح الحدود البرية بين البلدين على الأقل على المدى القريب".
وختم تصريحه "لذلك يمكن القول أن الملك أراد أن من خلال هذا الخطاب توجيه رسالة إلى أن الحفاظ على الوضع القائم هو السيناريو الأقل ضررا في هذه المرحلة.
ومن جهة أخرى، يتابع الصديقي، أن هذا الخطاب ينطوي أيضا على إشارة ضمنية لمختلف الفاعلين السياسيين والإعلاميين للتعامل باحترام مع الدول الشقيقة.
ذ.وليد كبير: الجزائر محظوظة بجار اسم المغرب
علق الصحافي والناشط السياسي الجزائري وليد كبير، على تأكيد الملك محمد السادس، أن المملكة لن تكون مصدر شرّ تجاه الجزائر، مؤكدا أن الأخيرة محظوظة بجار اسم المغرب".
وقال وليد كبير، في تدوينة نشرها على حسابه الشخصي في الفيسبوك:”كلام موزون وحكيم، أعتقد أنه موجه بالدرجة الأولى إلى الشعب الجزائري كتأكيد رسمي من أعلى سلطة في المملكة، على أن المغرب لن يكون مصدرا لأي شر أو سوء”
ومن هذا المطلق دعا ذات الصحفي الجزائري، إلى عدم تصديق ما وصفه بـ الآلة الدعائية التي تروج لأكذوبة الخطر المغربي المهدد لامن واستقرار الجزائر.
وأوضح نفس المتحدث، بأن الملك محمد السادس، حرص في خطابه على إعطاء نوع من الطاقة الإيجابية والأمل للشعبين الشقيقين متجاوزا الأزمة، عبر وصف العلاقات بأنها مستقرة، مبرزا أنه يتطلع أن تكون أفضل وهذا أسلوب بليغ وراقي في التعبير عن رؤية بصيرة ورصينة.
وتابع الناشط السياسي الجزائري قائلا: “كلام جلالة الملك عن الجزائر حمل بعد انساني أكثر منه سياسي، رسخ من خلاله ما ورثه عن أسلافه المنعمين “في تعاملهم مع الجزائريين
وختم كبير تدوينه بالقول: “محظوظة الجزائر بجار إسمه المغرب وبملك حكيم أطال الله في عمره”.
د.نبيل نجم الدين: يجب على الجزائر أن تتعامل بجدية مع هذه الخطوة
قال الخبير المصري في القانون الدولي، نبيل نجم الدين، إن إعراب صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى 24 لتولي جلالته عرش المملكة، عن تطلعه لأن تعود الأمور مع الجزائر إلى طبيعتها ويتم فـتح الحدود بين البلدين، “ينم عن حس عال من المسؤولية لقائد نحو وطنه العربي”.
وأكد الخبير المصري أن “هذا التعبير يجسد دعوة صادقة لبناء علاقات جوار مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون والتكامل”.
ودعا في هذا الصدد الجزائر للتعامل بشكل إيجابي مع هذه الخطوة بما يعود بالنفع على الشعبين وعلى الوطن العربي الكبير.
د،عتيق السعيد: عودة العلاقات بين البلدين الجارين يبقى دائما أمل المملكة المغربية وطموحها النبيل
قال أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، عتيق السعيد، إن الخطاب الملكي السامي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس إلى الأمة بمناسبة الذكرى الرابعة والعشرين لتربع جلالته على عرش أسلافه الميامين، أكد حرص جلالته على ان تعمل المملكة المغربية باستمرار في خدمتها للقضايا الوطنية اعتماد مسارين متوازيين تشمل القضايا الداخلية، وكذلك الحرص أيضا على إقامة علاقات وطيدة مع الدول الشقيقة والصديقة، وخاصة دول الجوار التي لطالما شكلت مستوى استقرار وتعاون مشترك كما هو الشأن بالنسبة لدولة اسبانيا في حين تبقى العديد من الأسئلة حول العلاقات بين المغرب والجزائر التي دائما المغرب يتطلع لأن تكون أفضل.
هذا وقد أكد الخطاب الملكي، وفق السعيد لكل الجزائريين قيادة وشعبا على ان المغرب لن يكون أبدا مصدر أي شر أو سوء؛ وكذا الأهمية البالغة، التي يوليها جلالته لروابط المحبة والصداقة، والتبادل والتواصل بين الشعبين الجارين، بحيث ان المغرب لطالما دعا في غير مرة الى عودة الأمور إلى طبيعتها والعمل على فتح الحدود بين البلدين وشعبيها الجارين الشقيقين.
واعتبر السعيد أن عودة العلاقات بين البلدين الجارين يبقى دائما أمل المملكة المغربية وطموحها النبيل في ان تظل شريكا للشعب الجزائري، من أجل تطوير علاقات متينة ومستدامة، في زمن تعتبر فيه التكتلات و الأقطاب الدولية لبنة أساس في صرح النماء والبناء المشترك، وبالتالي الأهمية التي تكتسيها التكتلات الإقليمية في القارة الأفريقية لاسيما في فترة الأزمات والجوائح التي تعتبر فيها مثانة التكتلات بين الدول معبرا لتفكيك الأزمات و كآلية لصدها بشكل تشاركي، وعليه عودة العلاقات اصبح ضرورة في زمن تتسارع فيه مبادرات التعاون بين الدول، والعالم اليوم صار يدرك أن خدمة الشعوب وتنميتها لا تستقيم دون علاقات الشراكة والتعاون المشترك بين دول الجوار والسعي بكل جهد جهيد في دعم واحتضان المبادرات بغية خلق توازنات بين الموارد و الفرص وبين الإمكانات المتاحة، ميسرة طريق التنمية المستدامة لشعوبها.