في أعقاب الانتخابات التشريعية التي جرت في إسبانيا أمس الأحد، لم يكن المغرب بمنأى عن تطوراتها، بل ظل يراقب النتائج النهائية التي ستحدد ملامح العلاقة الجديدة بين البلدين والتي ستجمعه مع الحكومة الجديدة سواء مع رئيسها السابق الإشتراكي بيدرو شانسيز أو مع خصمه المحافظ ألبرتو نونييس الذي عُرف بمعارضته الكبيرة للعلاقات الإستراتيجية التي باتت تجمع البلدين.
من المتوقع أن تكون الحكومة الجديدة لإسبانيا عاملاً حاسماً في تحديد مسار التعاون والتفاهم بين البلدين في مجموعة من القضايا المشتركة، ويترقب المغرب بفارغ الصبر استكمال النتائج وتحديد الفائز النهائي للانتخابات لمعرفة كيفية تشكيل الحكومة الجديدة ومدى تأثير ذلك على العلاقات بين البلدين.
وفيما استهل رئيس الوزراء الاشتراكي بيدرو سانشيز وخصمه المحافظ ألبرتو نونييس الاثنين مفاوضات بحثا عن تحالفات تتيح لأحدهما تشكيل حكومة وتفادي اقتراع جديد، بعد تقدم غير حاسم لليمين في الانتخابات التشريعية، نال الحزب الشعبي بزعامة فويخو 136 مقعدا، بينما نال حزب “فوكس” اليميني المتطرف، حليفه الوحيد المحتمل في أي ائتلاف حكومي، 33 مقعدا. وبذلك، جمع الحزبان 169 مقعدا برلمانيا، أي أقل من الاغلية النسبية (176 من أصل إجمالي المقاعد البالغ 350)، فيما حصد الحزب الاشتراكي بزعامة سانشيز 122 مقعدا، مقابل 31 لحليفه حزب سومر من أقصى اليسار.
وقد تابع عدد من الباحثين والمهتمين تنظيم الانتخابات التشريعية باسبانيا ، وهذه اهم تعليقاتهم وقرائاتهم وتوقعاتهم لمستقبل العلاقات المغربية- الاسبانية
د.أحمد نورالدين: صعود اليمين قد يتسبب في مشاكل للجالية المغربية والشراكة الإستراتيجية بين البلدين لا يُمكن أن تُمس
في تصريح لموقع “بلبريس” قال أحمد نورالدين، خبير في العلاقات الدولية، إن “صعود اليمين بصفة عامة واحتمال تحالفه مع اليمين المتطرف مثل حزب فوكس للوصول إلى سدة الحكم بإسبانيا فقد يتسبب في بعض المشاكل للجالية المغربية والتضييق على الاجانب بصفة عامة بسبب الخطاب الشعبوى لليمين، ولكن في النهاية هناك مجالات استراتيجية تدخل في باب الثوابت التي لا يُمكن أن تُمس بسبب تغير الأحزاب الحاكمة بإسبانيا”.
واضاف الخبير أن “المصالح الاستراتيجية بين المغرب وإسبانيا تؤطرها اتفاقيات تعاون وشراكة تهم بالأساس الهجرة والامن ومحاربة الإرهاب والتعاون التجاري والاستثمارات، وترسيم الحدود البحرية وغير ذلك”.
وإن كان موقف إسبانيا الداعم للمقترح المغربي الذي يؤطره الإعلان المشترك الذي صدر بتاريخ 7 أبريل 2022، عقب اللقاء بين الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية، أكد نور الدين أن “هذا موقف الدولة الإسبانية وليس موقف حزب، كما أن رسالة رئيس الحكومة الإسبانية التي احدثت منعطفا دبلوماسيا في قضية الصحراء المغربية والمؤرخة في 18 مارس 2022، وأدت إلى سحب الجزائر سفيرها من مدريد وتجميد اتفاقيات الشراكة والتعاون بسبب ما وصفته الجزائر انقلابا في الموقف الاسباني.
وزاد نور الدين أن تلك الرسالة هي أيضا تعبر عن موقف اسبانيا وليس الحزب الاشتراكي، وفي العلاقات الدولية نتعامل مع الدولة ومنطق الدولة وليس مع الأشخاص أو الأحزاب، وأي تغيير في هذا الموقف سيؤدي إلى فقدان اسبانيا للمصداقية في تعهداتها والتزاماتها تجاه المغرب، وستكون له انعكاسات مباشرة على الشراكة والتعاون بين البلدين الجارين في كل المجالات، لان العلاقات بين الدول ليست لعبة او معطفا نغيره متى شئنا.
ومن هذا الباب، يشير المتحدث “لا أعتقد أن حكومة يمينية اذا وصلت إلى الحكم ستغير من الموقف الداعم للمغرب، واذا حدث ذلك فأكبر خاسر هي اسبانيا، اقتصاديا وامنيا واستراتيجيا، وقد جربوا جزءا بسيطا من التداعيات السلبية خلال ازمة استقبالهم لزعيم “ابن بطوش”، والمغرب يملك اوراقا استراتيجية اكبر بكثير من تلك التي استعملت خلال تلك الأزمة”.
د.تاج الدين الحسيني: إعادة الانتخابات بإسبانيا لن يكون في صالحها سواء داخليا أو خارجيا
قال المحلل السياسي، تاج الدين الحسيني، إن “الانتخابات لازالت في منتصف الطريق، وربما هذه من المرات القليلة التي تواجد فيها الطرفان المركزيان وهما حزب الشعبي اليميني وحزب الاشتراكي العمالي على طرفي نقيض في ما يتعلق بنتائج تشكيل الحكومة.
وبحسب المختص في العلاقات الدولية فبالرغم من أن الحزب الشعبي يوجد لحد الساعة في المرتبة الاولى إلا أن الأحزاب اليمينية التي يمكن أن تدعمه تلقت ضربة قوية وبقي الباب مفتوحا على مصراعيه لبيدرو سانشيز ،كي يتمكن من تكوين حكومة ائتلافية ، تدعمها على وجه الخصوص أحزاب اليسار ، وبالتالي مثل هذه الحكومة تبقى ممكنة في ظل التحالفات التي تنتظرها الأيام المقبلة.
لكن في جميع الأحوال يتابع الحسيني في تصريح له، إذا كان هناك فشل في تشكيل هذه الحكومة بشكل ودي فسيكون اللجوء مجددا إلى انتخابات جديدة مما سيؤدي إلى موجة من عدم الاستقرار وشيء من الاضطراب في الحقل السياسي، الشيء الذي ربما لن يكون في صالح إسبانيا سواء على مستوى علاقتها الداخلية أو في محيطها الأوروبي الدولي.
د.عمر الشرقاوي: اكتساح اليمين أصبح تخمينا من الماضي
قال عمر الشرقاوي، الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، إن “الانتخابات الاسبانية تسجل سقوط فرضية اكتساح تحالف اليمين المتطرف والحزب الشعبي بل بالعكس تماما بعد فرز 93 في المائة من الأصوات منح 172 مقعدا لتحالف اليسار الحاكم مقابل 170مقعدا للحزب الشعبي و اليمين المتطرف. هذا يعني انتصار سياسي لليسار أما اكتساح لليمين فأصبح تخمينا من الماضي”.
د.بمحمد نطلحة الدكالي: صانع القرار الإسباني يدرك جيدا أن العلاقة مع المغرب ضرورية بالنسبة لأمن إسبانيا واستقرارها
اعتبر الدكتور محمد بنطلحة الدكالي،أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بمراكش، و مدير المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الصحراء، أن الحزب الشعبي بعد تصدره للانتخابات الإسبانية سيتعذر عليه تشكيل الحكومة بمعية الحزب اليميني المتطرف VOX مما يفتح الباب أمام الرئيس الحالي بيدرو سانشيز لتشكيل حكومة يسارية بمعية حزب SUMAR والأحزاب اليسارية الراديكالية الكتالونية وأحزاب إقليم الباسك.
وأكد الدكالي في تصريح له لـ”بلبريس” أن “ثمن التحالف اليساري هذا سيكون مكلفا لشانسبز خاصة وان هذه الأحزاب تدعو إلى الاستقلال”، مضيفا “مجمل القول أن تشكيل حكومة يسارية بقيادة الحزب الاشتراكي الحاكم ممكنة لكن بشروط مكلفة وإن تعذر تشكيل حكومة من اليسار او اليمين سيكون خيار إعادة الانتخابات واردا بشدة”.
وعن العلاقات المغربية الإسبانية قال الدكالي إن “صانع القرار الإسباني يدرك جيدا أن العلاقة مع المغرب ضرورية بالنسبة لأمن إسبانيا واستقرارها، وأنه محكوم على البلدين الجارين بالتعاون وتبادل الثقة وحسن الجوار، مما يعطي أملا في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجارين ويؤسس لاندماج فعال لضفتي البحر الأبيض المتوسط انتصارا لعلاقة واقعية تطمح إلى المستقبل بروح من الثقة والتشاور، مع العلم أن إسبانيا اليوم هي أول شريك تجاري للمغرب على مستوى الصادرات والواردات معا، والمغرب هو ثالث شريك تجاري لإسبانيا من خارج الاتحاد الأوربي وأول وجهة للصادرات الإسبانية في إفريقيا”.
د.العمراني بوخبزة: نسبة تأثير هذه الانتخابات لن تكون كبيرة، ولن تمس الجانب الاستراتيجي
يرى العمراني بوخبزة، المحلل السياسي، أنه بالنسبة للمغرب سواء تعلق الأمر باليمين أو اليسار؛ فالمملكة استطاعت نسج علاقات هامة مع الحزبين، ولو أن التحالفات المحتملة ستتضمن أحزابا رديكالية تحمل الكثير من العداوة للمغرب، انعكس ذلك في برامجها الانتخابية.
وتعليقا على هذه النقطة، يرى بوخبزة، أنه “رغم ذلك فحينما يتعلق الأمر بالسلطة؛ فالأمور لا شك تتغير، لأن البرامج الانتخابية شيء واتخاذ القرارات يبقى شيئا آخر، فالقرار دائما ما تمليه معطيات أخرى”.
وأوضح، أنه “في إطار العلاقات الإسبانية مع المغرب؛ يجب التمييز بين التدبير الحكومي الذي هو خاضع لطبيعة التحالفات، والشق الآخر الذي تحدده العلاقة مع الدولة”.
ويؤكد المحلل السياسي أنه علينا “التحدث عن قرارات الدولة المرتبطة بما هو استراتيجي غير خاضع لتقلبات النتائج الانتخابية ولمنطق التناوب على السلطة، وبالتالي، أوضح بوخبزة أن نسبة تأثير هذه الانتخابات لن تكون كبيرة، ولن تمس الجانب الاستراتيجي.
ومن جهة أخرى، قد يكون هناك اختلاف على مستوى بعض القضايا التي تبقى مرتبطة بالظرفية والسياق الذي يحكم هذه العلاقات، لكن بحسب المحلل السياسي، “المغرب نسج علاقات متشعبة مع الطرف الإسباني الذي يصعب البحث عن بديل غيره، وكيف ما كانت توجهات هذه الحكومة، مثل قضايا الهجرة والأمن والإرهاب والتنمية وبوابة إسبانيا نحو إفريقيا”.
وأشار بوخبزة، إلى أن “إسبانيا تعرف جيدا معنى العلاقات المتشنجة مع المغرب، حيث كانت تلك المرحلة عصيبة على الإسبان خاصة المنطقة الأندلسية التي تضررت كثيرا، كما أن إسبانيا تستوعب أن المغرب بإمكانه اتخاذ قرارات مستقلة تحافظ على مصالحه”.
د.سعيد الصديقي: اسبانيا أمام ثلاث خيارات في هذه الانتخابات وحتى الآن ليس هناك أي انعكاسات محتملة على المغرب
أكد سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن الانتخابات لم تفرز عن فائز واضح، معتبرا أن “اليمين أقرب إلى الهزيمة لأنه راهن كثيرا على الانتخابات ووعد بالانتصار الساحق على التحالف الحكومي وخاصة الإشتراكيين ولكن لم يستطيع اليمين أن يحقق الأغلبية الذي تمكنه من تشكيل حكومة يمينية”.
وقال الصديقي في تصريح له لموقع “بلبريس”، إن “هذا لا يعني أن اليسار والتحالف الحكومي قد انتصر”، مضيفا أن “هناك انهزام لحد ما إلى اليمين لكن هذا لا يعني انتصار لليسار أو التحالف الحكومي وبالتالي إسبانيا الآن أمام ثلاث خيارات، الخيار الأول أن يتمكن اليمين من تشكيل الحكومة وهذا أمر مستبعد لأن باقي الأحزاب التي يمكن أن تتحالف مع اليمين وتشكل حكومة يمنية لا تستطيع أن تضمن أغلبية المقاعد وبالتالي تشكيل حكومة يمنية مستبعد جدا، الخيار الثاني هو إذا فشل اليمين في تشكيل للحكومة غالبا سيعهد الأمر إلى الحزب الإشتراكي وهذا هو الخيار الثاني، الآن إن فشل اليمين في تشكيل الحكومة يمكن أن يشكل رئيس الحكومة الحالي حكومة ائتلافية يسارية إلى حد ما جديدة، لكنها ستكون حكومة غير قوية.
هناك خيار ثالث يقول الصديقي “هو إذا فشل اليمين وأيضا اليسار في تشكيل حكومة ائتلافية فسيدعى إلى انتخابات ثانية قريبا وهذا الأمر هو وارد ولكن يمكن أن نعتبره احتمالا إلى حد ما متوسط بينما يبقى الاحتمال الثاني أن يتمكن رئيس الحكومة الخالي من تشكيل حكومة جديدة”.
وبخصوص انعكاسات الانتخابات على المغرب، يشير الصديقي إلى أنه “حتى الآن ليس هناك أي انعكاسات محتملة ولا سيما أن كل السيناريوهات تؤكد على أن الحزب الاشتراكي سيظل في الحكومة وبالتالي سيضمن استمرار سياساته الخارجية، وأنه حتى إذا تمت إعادة الانتخابات فلا يبدو أن اليمين يحقق نتيجة تضمن له تشكيل حكومة يمنية”.
ذ.سعيد إدى حسن: الحزب الاشتراكي في ورطة حقيقية
وفي تعليق له على نتائج هذه الانتخابات، قال المحلل السياسي والباحث الأكاديمي بجامعة كومبلوتنسي بمدريد، سعيد إدى حسن، إنه لا يستبعد إعادة الانتخابات التشريعية في إسبانيا للخروج من الورطة الحقيقية التي وقعت فيها الطبقة الإسبانية بأسرها وخاصة الحزب الإشتراكي واليسار الإسباني، في ظل النتائج التي أسفرت عنها صناديق الاقتراع والتي لم تعطي الأغلبية لأي من الحزبين المتنافسين على الزعامة وعلى قيادة الحكومة، الحزب الشعبي والحزب العمالي الاشتراكي الحاكم.
وأكد المحلل السياسي سعيد إدى حسن، “أن المعطى الجديد في هذه الانتخابات هو أن هناك حزب junts per” catalunya” “معا لأجل كتالونيا” الذي يقوده رئيس الحكومة الكتالونية الأسبق كارلوس بوتشدمون حصل على 7 مقاعد وأصبح بيده مفتاح إعادة تشكيل الائتلاف الحكومي اليساري”، ما يعني أن الحزب الاشتراكي في ورطة حقيقية بحسب المحلل إدى حسن، “وكيف أن سياسي كتالوني انفصالي هارب إلى بلجيكا لأنه متابع ومطالب من طرف القضاء الإسباني، هو من سيصبح بيده مفتاح تشكيل الحكومة الإسبانية؟”
وختم المحلل السياسي والباحث الأكاديمي بجامعة كومبلوتنسي بمدريد، سعيد إدى حسن تصريحه قائلا: “في اعتقادي شخصيا، الدولة العميقة الإسبانية لن تسمح بهكذا وضعية، وربما سيتعقد المشهد السياسي في إسبانيا وسيتطور إلى مزيد من الهشاشة، وبالتالي فقد يكون الحل هو إعادة الانتخابات، إذن العنوان الرئيس هو “لا أستبعد إعادة الانتخابات التشريعية في إسبانيا للخروج من الورطة الحقيقية التي وقعت فيها الطبقة الإسبانية بأسرها وخاصة الحزب الإشتراكي واليسار الإسباني”.
د.خالد الشرقاوي السموني: هناك احتمال كبير ببقاء حزب بيدرو في السلطة إذا تحالف مع الاشتراكيين وكل المكونات اليسارية الصغيرة
قال خالد الشرقاوي السموني مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية إن الانتخابات التشريعية الاسبانية جرت يوم الأحد 23 يوليو 2023، فاز فيها حزب الشعب ، الذي يمثل المعارضة اليمينية في إسبانيا ، لكنه لم يحصل على الأغلبية المطلقة ضد الحزب الاشتراكي برئاسة رئيس الوزراء المنتهية ولايته بيدرو سانشيز ، بحسب المعطيات الأولية لوزارة الداخلية ، بعد فرز أكثر من 98٪ من الأصوات.
وابرز المحلل السياسي في تصريح له لـ”بلبريس” أنه “في المركز الأول حزب الشعب الذي فاز ب 132و في المركز الثاني حزب الاشتراكيين فاز ب 127. أما في المركز الثالث ، حصل حزب فوكس اليميني المتطرف على 33 مقعدًا ، متقدمًا على حزب سومار ، وهو حزب يساري راديكالي متحالف مع بيدرو سانشيز ، الذي حصل على 30 مقعدًا، مضيفا “و حتى إن تحالف مع حزب فوكس Vox ، فإن حزب الشعب الذي يقوده ألبرت نونيز فيجو سيحصل على 165 مقعدًا فقط ، بعيدًا عن الأغلبية المطلقة ، وهي 176 مقعدًا”.
من ناحية أخرى، اعتبر الشرقاوي السموني أن “الكتلة اليسارية ( حزب الشعب و حزب سومار )، التي يحتمل أن تضم 157 مقعدًا، في وضع قد يؤهلها للبقاء في السلطة بفضل دعم العديد من التشكيلات الباسكية والكاتالونية الصغيرة التي يمكن أن تجلب لها 19 مقعدًا تنقصها إليها للوصول إلى الأغلبية المطلقة”.
و في حالة ما إذا تحققت هذه النتيجة ستكون مفاجأة كبيرة، لضحظ جميع استطلاعات الرأي للاشتراكيين منذ هزيمتهم في الانتخابات البلدي والإقليمية في 28 مايو ، والتي أقنعت بيدرو سانشيز بحل مجلس النواب والدعوة إلى انتخابات مبكرة في يوليو، حسب المتحدث ذاته.
وأشار إلى أن جميع الاستطلاعات التي أجريت خلال الأيام الأخيرة من الحملة ، والتي تم الإعلان عنها يوم الأحد 23 يوليو عندما أغلقت صناديق الاقتراع ، توقعت فوزا واسعا إلى حد ما لحزب الشعب ، بحوالي 140 مقعدًا ، وتوقعت كذلك أنه سيقترب من الأغلبية المطلقة أو أو حتى تجاوزها. وهو ما لم يتحقق.
ولفت كذلك أن كثير من دول أروبا تخشى الصعود المحتمل لتحالف التيار اليميني السائد وحزب Vox ، وهو حزب قومي متطرف ومحافظ يعارض صراحة المثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية والإجهاض، كل التوقعات محتملة ، لكن هناك احتمال كبير ببقاء حزب بيدرو في السلطة إذا تحالف مع الاشتراكيين وكل المكونات اليسارية الصغيرة.
ذ.محمد بودن: الأحزاب الصغيرة هي من ستقرر في السيناريوهات الممكنة
اعتبر المحلل السياسي محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أن الانتخابات العامة الإسبانية أفرزت توازنا رفيعا في القوة رغم فوز الحزب الشعبي 136 مقعد على الحزب الاشتراكي 122 مقعد وحزب فوكس 33 مقعد على حزب سومار31 مقعد.
وبالرغم من النتائج غير الكافية للحزب الشعبي فله الحق في المحاولة و الدفاع عن طموحه في تشكيل الحكومة وقد يفشل في الحصول على الحد الأدنى للأغلبية 176 مقعدا اذا لم يتمكن من إقناع الأحزاب الصغيرة و قد تتهيأ الفرصة أمام تحالف اليسار بقيادة الحزب الاشتراكي و بالتالي فالأحزاب الصغيرة خونتس و اسكويرا وبيلدو هي من ستقرر في السيناريوهات الممكنة يما فيها سيناريو العودة للصناديق مجددا.
ذ.خالد البكاري: “السوارت” في يد حزب يدعو لاستقلال إقليم كاطالونيا
ومن مفارقات الإنتخابات الإسبانية، أبرز المحلل السياسي والحقوقي خالد البكاري أن “النظام الإسباني نظام ملكي، ولكن من سيحدد مسار الانتخابات هي أحزاب جمهورية، بل إن “السوارت” في يد حزب يدعو لاستقلال إقليم كاطالونيا”، مضيفا “حزب junts الكاطالاني (زعيمه الحقيقي كارلس بويجديمونت لاجئ في بلجيكا إثر تداعيات تنظيمه لاستفتاء من أجل استقلال كاطالونيا) يمتلك سبعة مقاعد وهي التي يحتاجها كلا الحزبين المتنافسين لتشكيل الأغلبية”.
وحسب البكاري فإنه يستحيل أن يصوت هذا الحزب لصالح اغلبية يقودها الحزب الشعبي، موضحا أنه “بحكم انه حزب ليبيرالي فقد يرفض كذلك الدخول في اغلبية مع الحزب الاشتراكي العمالي، ولكن يمكن ان يقبل بالتصويت بالامتاع عوض الرفض لأغلبية يقودها بيدرو سانشيز، وسيكون ذلك كافيا له لتشكيل الحكومة”.
واستدرك المحلل ذاته “لكن هذا التفاوض يتطلب تقديم عرض مغر ل junts ( مثلا الوعد في الكواليس بعفو رئاسي عن بويجديمونت لاحقا)، وزاد في القول “في كل الأحوال بيد حزب انفصالي المفاتيح، فهو من سيحدد إعادة الانتخابات أو إهداء ولاية ثانية لبيدرو سانشيز وأنه حتى لو حصل على هدية الانفصاليين الكاتالان، فإن ائتلافه لن يكتمل إلا بأحزاب يسارية جمهورية”.
وأشار إلى أن “النظام الملكي سيحدد الجمهوريون والانفصاليون اتجاه الريح”، مؤكدا أنه “لا القصر الملكي ولا الملكيون ولا ” الوحديون” يرون في الأمر خطرا على النظام وعلى وحدة الوطن، باستثناء اليمين المتطرف الفاشيستي (فوكس) والذي يشبه خطابه خطاب الأنظمة الشمولية في تصوير الآخر شرا ومؤامرة وتهديدا لل”ثوابت” و”الأمة” و”الخصوصية”.