ميارة: على الحكومات العربية والإفريقية إنشاء وتوسيع "الحماية الإجتماعية" لمعالجة آثار وتداعيات أزمة الجائحة والحرب الروسية الأوكرانية

شدد رئيس مجلس المستشارين النعم ميارة أنه لمواجهة تحديات تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، ينبغي على الحكومات العربية والإفريقية العمل على إنشاء وتوسيع أنظمة الحماية الإجتماعية حتى يتمكن كل فرد في المنطقة من ممارسة حقوقه في مستوى معيشي لائق، بما فيه الحق في الغذاء والحق في الضمان الإجتماعي. كما ينبغي عليها أيضا زيادة الإنتاج المحلي وخفض الواردات وإتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الإقتصادية التي من شأنها أن تعمل على معالجة آثار وتداعيات هذه الأزمة.
وجاءت كلمة ميارة في اللقاء التشاوري التاسع للرابطة بوجمبورا، بجمهورية بوروندي، يومي 19 و20 شتنبر 2022، من أجل التداول وتعميق النقاش وتبادل الآراء بشأن موضوعين رئيسيين في الأجندة الدولية، وهما: "آثار وتداعيات جائحة كورونا على الإقتصاد العربي الإفريقي والإستجابة الحكومية لمواجهتها"، و"تداعيات الأزمة الأوكرانية - الروسية وآثارها على سلاسل التوريد وأسعار الطاقة والغذاء".
وأبرز أنه ومما لاشك فيه أن كلا الموضوعين على درجة كبيرة من الأهمية والتعقيد، إذ أنهما يركزان على جملة من التحديات الرئيسية المتشابكة التي تواجه العالم برمته والمنطقتين الإفريقية والعربية على وجه الخصوص، ويتعلق الأمر بتحقيق التعافي والإقلاع الإقتصادي جراء الجائحة وضمان الأمن الغذائي والطاقي من جهة أخرى.
فكما هو معلوم لدينا جميعا، يضيف ميارة، فإن جائحة كورونا التي تفشت في العالم في أواخر سنة 2019 قد ألحقت أضرارا كبيرة بجل القطاعات الاقتصادية للدول، مما أدخل الاقتصاد العالمي في مرحلة شبه الركود. ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي سوف  تصل  خسائر الاقتصاد العالمي جراء الجائحة إلى نحو 15 تريليون دولار بحلول نهاية 2024، أي ما يعادل 2,8 في المائة من إجمالي الناتج العالمي.

وتابع أنه حسب الصندوق أيضا فقد قامت البنوك المركزية على مستوى العالم بزيادة ميزانياتها العمومية بقيمة مجمعة قدرها 7.5 تريليون دولار لمواجهة الجائحة، وضخت سيولة في عام 2020 فقط تتجاوز ما ضخته في السنوات العشر الماضية مجتمعة. كما أدت جائحة كورونا وفقا للبنك الدولي إلى تراجع الأمن الاقتصادي والصحي والغذائي لملايين سكان العالم، مما دفع نحو 150 مليون شخص إلى دائرة الفقر في عام 2020 فقط، لاسيما في القارة الإفريقية، كما ارتفعت أسعار الغذاء العالمية بنسبة 14 في المائة في العام ذاته. ومع استمرار الجائحة، دخل الاقتصاد العالمي عام 2022 وهو في وضع أضعف مما كان متوقعا، حيث تراجع معدل النمو العالمي بأكثر من 1,5 في المائة من 2021 إلى 2022. ونظرا لارتفاع أسعار الطاقة واضطرابات سلاسل الإمداد، يتوقع الصندوق كذلك استمرار ارتفاع التضخم في المدى القريب.
وفيما يتعلق بإفريقيا والعالم العربي فقد أدت تبعات جائحة كورونا وتداعياتها على المنطقتين إلى تهاوي أسعار النفط وإنخفاض الطلب العالمي عليه قبل أن ترتفع بسبب عوامل أخرى، كما أدت الجائحة إلى تباطؤ نمو الإقتصادات في دول المنطقتين، بسبب آثارها المباشرة على القطاع المالي بشكل عام والناتج المحلي الإجمالي.
ووفقا للبنك الدولي تكبدت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2020 خسائر كبيرة في الناتج المحلي تقدر بحوالي 200 مليار دولار. وتشمل الأضرار التي لحقت بالقطاعات الرئيسية، خاصة الطاقة والطيران والسياحة وغيرها. إضافة إلى ذلك انكمشت اقتصادات المنطقة في العام ذاته  بحوالي 3,8 في المائة، وفقا لتقديرات البنك.
أما على الصعيد الإفريقي فإن مسار التعافي الاقتصادي من آثار وتداعيات الوباء لايزال متفاوتا وغير مكتمل ويحدث بمعدلات متفاوتة من السرعة في جميع أرجاء القارة الإفريقية. ومع هذا يتوقع البنك الدولي في تقريره الأخير عن القارة الإفريقية الصادر في شهر أبريل من العام الحالي أن يبلغ معدل النمو الإقليمي 4,1 في المائة في العام الحالي 2022 و4,9 في المائة في العام القادم 2023.
وأشار رئيس مجلس المسشارين، إلى أنه لم يكد العالم يخرج من نفق أزمة كوفيد-19 حتى بدأت الأزمة الأوكرانية - الروسية التي أثرت بشكل مباشر على الأوضاع الاقتصادية الإقليمية والعالمية، وعمقت أزمة أسعار الطاقة والأغذية والسلع الأولية والمعادن والأسمدة وسلاسل الإمداد والتوريد، مما أضاف تعقيدات متزايدة في مسيرة تعافي الاقتصاد العالمي عموما والاقتصاد العربي الإفريقي خصوصا، حيث أنها أضرت بالنمو وتسببت في رفع الأسعاروزيادة سرعة التضخم.
وبالنسبة للدول العربية والإفريقية، يضيف ميارة، إذا كانت الاضطرابات المتصلة بتفشي جائحة كورونا قد ساهمت أصلا في إرتفاع أسعار الغذاء العالمية وتعميق الفقر، فإن الأزمة الأوكرانية - الروسية أدت إلى زيادة الأسعار لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ عقود، حيث أنه على مستوى الأمن الغذائي العربي – الإفريقي، انخفضت المخزونات إلى مستوى كبير، والأسعار ترتفع بإستمرار والقدرة الشرائية تضعف والآثار مباشرة وسريعة وممتدة.
ومن شأن زيادة حدة إرتفاع أسعار الغذاء والوقود أن تدفع إلى مخاطر أمنية وعدم الاستقرار في بعض المناطق، من إفريقيا جنوب الصحراء، بينما من المرجح زيادة انعدام الأمن الغذائي في بعض الدول العربية والإفريقية.